18 ديسمبر، 2024 8:09 م

ليس غريباً أن نرى مثل هذا الصراع السياسي الدائر في العراق، خصوصاً ونحن امام شهد ساخن وبرلمان أشد سخونة.. فخرج من دائرة تخصصه في تشريع القوانين، الى لعبة كسر الارادات والاستقواء، والتهديد والوعد و ممن يفترض انهم ممثلون للشعب، ويحملون همه، ويعملون من اجل خلاصه من مشاكله وهمومه.

ما يوسف حقت ان جلسة مجلس النواب العراقي، عبرت بأسوء صورة عن ماهية هؤلاء النواب، فجزء مصمم على كسر أرادة طيف كامل من القوى السياسية، بحجة تشكيل الكتلة الأكبر شكلاً، ولكنها ستكون الأضعف واقعا ومضمونا وإرادة مستقبلاً.

عقدت جلسة مجلس النواب في موعدها المقرر يوم السبت 26/3/2022 بحضور 202 ومقاطعة 149 نائبا، ولكن دون تحقيق أي طرف لغايته، إلا من حيث استطاعة الجميع، ان يعكسوا حالة الفشل، التي ظهر بها المشهد الديمقراطي في البلاد، فلا زال الوضع السياسي يراوح مكانه في ذات النقطة، دون أي تغيير ما يشير الى وجود حالة من الانسداد السياسي، قد يدفعنا الى حالة الطوارئ، وليس حكومة الطوارئ. والتي هي الأخرى تحتاج الى ثلثي مجلس النواب للمصادقة عليها، ما يعني ان المشهد بات معقداً أكثر، وليس هناك أمام القوى السياسية عموماً وبالخصوص الكتلة الصدرية والإطار، سوى الجلوس على طاولة الحوار والبدء فوراً، بتفاهم بناء تجتمع فيه المشتركات وهي مصلحة الوطن والمواطن، وتفويت الفرصة على الاجندات الخارجية، التي تريد إيقاع الاقتتال الداخلي، بين أبناء المجتمع الواحد.

الانقسامات الحالية ليست في مصلحة المواطن العراقي، والذي ينتظر الكثير من برلمان اختاره، ليكون هو المدافع عن هذه المصالح، وتحقيقها وضرورة تغليب المصلحة العليا بروح المسؤولية الوطنية، والابتعاد عن نهج الاقصاء والفشل وسوء الإدارة، الذي شاب المراحل السابقة بكل تفاصيلها، والكف عن لي الاذرع والذهاب الى طاولة الحوار البناء، خصوصا وان الانتخابات الأخيرة التي تكن بالصورة الديمقراطية المعتد بها، والتي وصلت على 14% وهي لا تمثل بكل الأحوال رأي الشارع العراقي وإرادته، وانما تمثل أصوات أتباعها.

يعتقد وكما يرى كثير من المتابعين للمشهد السياسي والمحللين، ان جلسة مجلس النواب لن تعقد بهكذا وضع، خصوصاً وان الخلاف كبير وعميق، الى جانب الخلاف العميق داخل البيت الكردي، وأصرار التحالف الكردستاني على ترشيح “ريبر” قبله تصميم الاتحاد الوطني الكردستاني على ترشيح “برهم صالح” ما جعل المشهد يسوده التعقيد والانسداد.

لذلك لا يمكن الوصول الى حلول، ما لم تكن هناك إرادة سياسية، في الخروج من هذا المأزق الخطير، والذي يعرض السلم الأهلي للخطر، وللقناعة بضرورة الجلوس على طاولة الحوار، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، التي افقدت البلاد الكثير من فرص تقدمه وتطوره، بالإضافة الى ان البيت الشيعي يتحمل المسؤولية الأكبر، في خروج البلاد من هذا المأزق الخطير، عبر العودة الى طاولة الحوار والنظر لمصلحة المواطن، الذي ينتظر الخدمات وحلول لمشاكله.