22 ديسمبر، 2024 11:47 م

من الأمور التي تثير لغط في وسط الشارع العراقي هي ما تعرف برواتب رفحاء أو قضية الرفحاويين.
ولكون أغلب من يتداول قضية رفحاء لا يعرف ما هي رفحاء, وما هو قانون رفحاء ومن هم المشمولين بقانون رفحاء.
رفحاء لمن لا يعرفها هي معسكر صحراوي في السعودية قرب الحدود العراقية من جهة محافظة السماوة, يتألف من خيم بائسة دون بناء او خدمات او كهرباء او ملحقات صحية, تم تجميع العراقيين فيه من الجنود الذين تم أسرهم من قبل القوات الأمريكية في احداث ما بعد غزو الكويت –وهم اقلية- ومن العوائل المشاركة في الانتفاضة الشعبانية التي لجأت الى الحدود بعد دخول القوات الصدامية لمناطق الوسط والجنوب وافشال انتفاضة شعبان المباركة.
من ناحية القانون فان رفحاء ليست قانونا مستقلا, ولا يوجد في منظومة القوانين العراقية قانون باسم قانون رفحاء, فالحقيقة هي ان مخصصات رفحاء هي جزء من قانون مؤسسة سجناء السياسيين, والذي تم تشريعه تحت رقم اسم القانون رقم 4 في 2006 باسم قانون مؤسسة السجناء السياسيين, ولم يكن يشمل محتجزي رفحاء وقتها.
في عام 2013 صدر القانون رقع 35 وهو التعديل الاول لقانون مؤسسة السجناء السياسيين, وجاء في المادة الثانية منه تعديل المادة الخامسة من القانون اعلاه ليشمل محتجزي رفحاء وسجناء عام 1963 وسجناء الفترة من 1968 الى 2003.
وجاء تعريف محتجزي رفحاء ضمن المادة الثانية فقرة (و) كالاتي “وـ محتجزو رفحاء : هــم مجاهــــدو الانتفاضة الشعبانية عام 1991 الــذين اضطرتهم ظروف البطش والملاحقة مغادرة جمهورية العراق الى المملكة العربية السعودية وعوائلهم ممن غادروا معهم والذين ولـــــدوا داخـــل مخيمات الاحتجاز وفقا للسجلات والبيانات الرسمية الموثقة دولياً وضحايا حلبجة الذين لجأوا الى الجمهورية الاسلامية الايرانية بسبــب قصفهم مــــن قبل النظام البائد بالأسلحة الكيماوية”.
من ملاحظة قانون مؤسسة السجناء يتضح جليا حقيقة التدليس والكذب بشأن وجود قانون اسمه رفحاء!.
كل محتجزي رفحاء هم من الشيعة, ومن ابناء مدن الوسط والجنوب الذين عانوا ما عانوا من بطش النظام البائد, وهم اخوتنا واحبتنا وجيراننا وابناء مناطقنا ومدننا – لستُ رفحاويا ولا يوجد احدا من أهلي من الرفحاويين-.
وهنا يُطرح هذا السؤال, لماذا هذا الاستهداف لمحتجزي رفحاء ومخصصاتهم؟.
الحقيقة ان استهداف رفحاء هو جزء من استهداف المنظومة الشيعية والمجتمع الشيعي, وتدميره من خلال الشيعة انفسهم, وجعل المجتمع الشيعي هو الحامل لراية الاطاحة بمخصصات رفحاء “الشيعية”, واخذ الشيعة انفسهم بجلد ذاتهم والاساءة لإخوتهم الرفحاويين من خلال منتجة مقاطع مخلة لفتيات عراقيات -غير معروفات التوجه والانتماء- والصاقها بالمجاهدات الرفحاويات, وتصوير حفلات صاخبة لعراقيين مغتربين من مكونات وطوائف اخرى والصاقها برفحاء.
قبل ان نطرح السبب والمحرك بالضد من قانون رفحاء, نود التذكير بان الرفحاويين يعدون من رواد نقل الفكر الشيعي وبناء العقيدة الشيعية في مختلف دول العالم, فعلى ايديهم تم تأسيس المراكز الفكرية والعقائدية الشيعية في دول المهجر, كأمريكا وكندا واستراليا وبريطانيا والدول الاسكندنافية وكانوا –في غالبيتهم- حملة لراية الدين, ومنهم برزت اعلام لامعة كالرادود المرحوم الشيخ ياسين الرميثي والمرحوم الشيخ كاظم الريسان.
نعود لنطرح التوضيح حول من قاد الظاهرة المعادية لرفحاء وما غايته منها.
هناك ثلاث خطوط كانت المحركة لوئد قضية رفحاء وهي كالاتي:
الخط السعودي: جن جنون السعودية من اقرار فقرة رفحاء واعتبارهم محتجزين, فهذا التوصيف الوارد في القانون يعد ادانة دولية للسعودية, فالتوصيف يوضح ان العراقيين في رفحاء كانوا في محتجز –سجن- ولم يكونوا في مخيمات لاجئين ولم يحظوا بامتيازات اللاجئ, وان فتح ملف رفحاء سيثبت تورط السعودية بقتل العراقيين, وخصوصا حينما قتلت القوات السعودية وجرحت ما يقرب من 850 مواطن عراقي لاجئ في احداث 1993 المعروفة.
جهات بعثية تعتبر الرفحاويين اعداء, لمشاركتهم في الانتفاضة ضد نظامهم المقبور لذا اتخذوا من اعلامهم وقنواتهم وسيلة لتحريك الملف.
جهات سياسية شيعية –للأسف- ليست لها قواعد جماهيرية في رفحاء, فاستثمرت هذا الملف لسببين: الاول هو ضرب قاعدة جمهور بقية المنافسين السياسيين, والسبب الاخر كسب اعلامي لجر الجهور الناقم على رفحاء الى ساحتهم.
المشكلة ان اغلب جمهور الشيعية انساقوا وراء هذه التهريج والتحشيد الاعلامي ضد رفحاء, وتركوا مخصصات البعثيين ومخصصات الاكراد جانبا.
ملاحظة اخيرة ان السذج من جمهور الشيعية فاتهم ان الاموال التي تدخل في جيوب الرفحاويين والتي قدرناها في مقال سابق بمئة مليون دولار سنويا, سوف تذهب لأسواق الوسط والجنوب الشيعي, وستسهم بشكل او باخر بعملية التنمية في مجتمعاتنا, فالرفحاوي حينما يستلم امواله سيصرفها في الاسواق المحلية فيعود النفع على بائع الخضار وسائق التكسي وعامل البناء الجنوبي –الشيعي-.