في الأشهر الأولى من عام 2003، كان من يُغادر العراق من منفذ الوليد الحدودي، وقبل أن يصل مخفر(التنف) السوري، يشاهد خيماً تسكنها عوائل، وعلمنا لاحقاً أنها عوائل فلسطينية غادرت العراق بعد إحتلاله، لا نريد أن ندخل في تفاصيل أسباب هذه (المغادرة) فحديثها مؤلم ويطول الخوضُ فيه. لكن ما تهمنا هنا النتائج.
الأرض الحرام
هذه العوائل غادرت العراق، ولكن لم يُسمح لها بدخول سوريا.. وبنفس الوقت لا يُسمح لها بالعودة للعراق. إذن: ما الحل؟. لا شيء غير الإستقرار بأرض بين البلدين(العراق وسورية)، لكنها أقرب الى المخفر السوري، تولت الجهات السورية، ماتستطيع، تزويد هذه العوائل بمستلزمات الحياة من ماءٍ وكهرباء، وفي وقت لاحق، قيل أن الأمم المتحدة دخلتْ على الخط لمساعدة تلك العوائل.
ليس قصدنا هنا أن نلقي أضواءً على معاناة العوائل الفلسطينية وهي تعيش في الأرض الحرام( ونحو أدق الأرض الفاصلة بين المخفرين) بل الهدف أن نلتقط بعض مظاهر الحياة في هذا المخيم الصغير لقد تمت أعراس وزيجات، وقدم الى الدنيا مواليد جدد. وهكذا هي الحياة. لا تعرف التوقف.. تستمر، رغم العثرات، لكن المحصلة: هي التقدم الى أمام.
رغم أنف داعش!
تذكرتُ هذه الوقائع، والتي مررتُ عليها سريعاً، وأنا أُشاهد صورة لعائلة مسيحية مهجرة من الموصل، تُقيم حفل زفاف خلال مراسم كنسية. أيقنتُ، من جديد، أن الحياة تتدفق بقوة إلى أمام، رغم الأفكار المتخلفة والإرهاب الداعشي. بلادنا جميلة، فضاؤها تطير في سمائه، مناطيد الحب، وطيور السلام والتآخي والعيش المشترك. ولكن، شاءت الأقدار المؤلمة، ن تملأ سماءنا النقية الزرقاء، أسراب من غربان داعش وجرادها الجائع لإلتهام ما هو أخضر وحي. جاءت داعش بكل تخلفها: تكفير وارهاب وذبح. إنها رصاصة سامة قاتلة، أُطلقت من اعماق القرون السحيقة، لتنتحر في القرن الواحد والعشرين.لكن شعبنا سخر من هذه الأباطيل، وتحدى داعش وفكرها المتخلف، وسكينها الذي يقطر دماً. الحياة تحت سماء العراق مستمرة، أمطارها الأمل، ونباتها الأخضر مثمر بالمحبة والتآخي..الحياة العراقية مستمرة ، رغم سكين داعش.