23 ديسمبر، 2024 5:17 ص

رغم الكثير من الاختلافات والتباينات في شكل الحكم وتركيبته بين لبنان والعراق

رغم الكثير من الاختلافات والتباينات في شكل الحكم وتركيبته بين لبنان والعراق

إلاّ انّ هناك نقاطاً كثيرةً مشتركة وأوجه تشابه ٍ بين الوضعين ، فكلا النظامين قائمين على المحاصصة الطائفية المقيتة ، وبالمقابل فإن الانتفاضتين البطوليتين في كلا البلدين انطلقتا من مُسبب ِ أساسيّ ونقطة ٍ جوهريةٍ في النظامين وهو الفساد المُستشري في كل مفاصل الدولة ، هذا الفساد الذي اصبح ظاهرة ً مُستفحلة حتى ليكاد ُ يكون هو القاعدة والعكس هو الاستثناء ، فأن تجدَ مسؤولاً في الدولة …
مديرا ، أو وزيراً نزيهاً فهو الاستثناء ، لذلك كان الشعار اللبناني صادقاً وصميمياً
وموجهاً لقلب الفساد وبُغيتُهُ كنسُهم كلهم ” كلّن يعني كلّن ” … ألا يُطابق ُ هذا الشعار شعار ثوار ساحات التحرير والحبوّبي وثورة العشرين وكل ساحات الغضب العراقي المشتعل ” كلهم حراميه…” يهتف الفتيان .. و. .. ” نريد وطن ..”
محاولة استعادة الوطن من هؤلاء ” الحراميه ” يعني كنسَ هاتِه الطبقات السياسية الفاسدة لأنها لا ولن تستطيع إصلاح حال هذا البلد ، فأنتَ لاتستطيعُ إصلاحاً جديداً بأدوات ٍ بالية ٍ مُهترئة ٍ ، ولا أتذكر ُ أين قرأت ُ أو سمعت ُ عن حوار ٍ يُقالُ انه جرىٰ بين الجواهري الكبير والزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم وفيه يسخر ُ شاعر العرب الأكبر من مساعي الاصلاح وبنفس اجهزة النظام الملكي السابق فيقول للزعيم مامعناه ( أنت لاتستطيعُ القيام بثورة وإصلاح بايدي شرطة نوري السعيد نفسهم… ) والإصلاح في الحقيقة. لايهمّهُم ، اقصدُ هذه الطبقة السياسية الحاكمة الآن ،التي لاتني تتهمُ الانتفاضة بما لا يُتخيَّلُ من الاتهامات ..من العمالة والتخابر مع الأجنبي .. والتمويل من الخارج .. وأيضا يتهمون المنتفضين بالبعثيين ( وهذا شرفٌ لا أتصور ان البعثيين يستحقونه ) مع العلم بان البعثيين هم الآن في السلطة ،
كل الضباط الكبار كانوا بعثيين والصغار منهم أيضاً ، وهذا ليس سراً ، وهم يقودون كل الأجهزة القمعية التي تُنكلّ بالشعب وتحصدُ ارواح شبابنا برصاصها الغادر ،
كثير ٌ من المُلتحين والمعممين الآن كانوا في اجهزة البعث الفاشية وتنظيماته وجيشه الشعبي ، وما أسهلَ ما استداروا دورة كاملة – بعد ان جاءهم الغيث من أولياء نعمتهم الأمريكان – وإذا بهم كما يفعل المهرجون ولاعبو السيرك بوجه ٍ آخر وثوب ٍ آخر وسُحنة ٍ أُخرىٰ …. ويوماً ما سأُعيدُ نشر قصيدة ٍ كتبتُها منذ اكثر من ثمانية وعشرين عاماً بحق نفس هذه الوجوه الكالحة يوم كانوا في المعارضة وكانوا يستجدونَ امريكا وأُشدّد على كلمة( يستجدون )والقصيدة كانت بعنوان ( الىٰ بعضنا..) ومطلعها ,, صُوموا لأمريكا وصلّوا…,, وبينهم كان هنالك رجل ُيدعىٰ عادل عبد المهدي المنتفجي وقد نُشرتْ القصيدة وقتها في نشرة في باريس التي كان يسكنها هذا …العادل!
فمن اجل كنس هؤلاء قامت الانتفاضة في العراق وشبيهتها في لبنان ، هذه الانتفاضة التي يلومنا البعض لمساندتها بدعوىٰ انها حركةٌ ساذجةٌ لا واعية ، صبيانية ، خطرة ستأخذ العراق الىٰ المجهول، ولا ادري ، لَعَمري ، ايْ مجهول ٍ
ستأخذنااليه هذه الانتفاضة ونحن الآن حقاً في قلب هذا المجهول ، فالأحزاب – التي ارتَدَتْ ثوب الدِين لباساً – ومليشياتها وأسلحتها وقنّاصتها أخذتنا منذ زمن ٍ بعيد ٍ الى المجهول… أما عن الوعي السياسي الجماهيري المُتدني للمنتفضين- كما يزعمون – فأُحيلُ احد السادة الكُتّاب والذي وجّهَ اللوم للناس التي تدعمُ الانتفاضة – الىٰ الورقة التي وجدها بعض المتظاهرين في جيب أخ ٍ لهم قُتِلَ تواً
برصاصات الجنود ، وقد كتب فيها اسمه وتاريخ ميلاده ومنطقتهُ (الزعفرانيه) وأضاف جملةً بسيطةً كبساطة موته بطلقة ٍ واحدة ٍ اطلقها قاتلٌ مجهولٌ – معلوم
كتب يقول ” اريدْ وَطنْ مِثِلْ وجِهْ حبيبتي” بلا تنوين ولا حركات لانه كتبها مثلما كان يحكيها ، كلماتهُ البسيطة ِ هذي تساوي عندي أطناناً من الكلمات الزائفة التي يتشدقُ بها البعض ، وتساوي كل الايديولوجيات الخَرِفه ، وكل فلسفات المُتفلسفين
وكل دعاوىٰ التثاقف والمتثاقفين …أترىٰ ياسيدي اننا نستطيع ُ ان نأتي بأمثلة ٍ من الانتفاضة بأجمل َ مما أتيت ،. ونأتي ببُرهاننا ……
كلماتهُ هذه لوحدها قصيدةَ حب ٍ لم يحلُم حتىٰ ناظم حكمت ( بجلالة قدره) أنْ
يكتبها ، كلماته القليلة هذي تساوي كل القصائد التي كتبها شعراء الحب ، منذ ُ
القرن الرابع للهجرة ِ ، كما يحلو لمظفر النواب ان يؤرخ ، وبعد هذا يأتي من يلوم
” المثقف” على إسناده وتأييده وحماسه ِ للانتفاضة ، ما الذي يريده البعض.. ان يقعد الجميع أمام الشاشات ضاحكين متسامرين وهم يَرَونَ فتيتنا صرعىٰ – لا –
من الحب ، كما قال الشاعر العربي القديم ، بل قتلىٰ وما حنثوا ، قتلىٰ في الحرب ،
قتلى بطلقات جنودٍ – بيادق في أيدي سلطة ٍ طائفية ٍ عفنه ، هذه السلطة التي لا أتصور انها تملك ُ من الشجاعة ما يكفي لتفعل َ كما فعل اللبنانيون الآن وتتركُ أمكنتها ووزارتها وسياراتها المصفحة ليحلَّ محلها أُناسٌ شرفاء يُنقذونَ هذا الوطن َ
المُستباح من كل الأطراف ومن كل الغرباء٠
هاهو لبنان يختار رئيساً للوزراء وهاهو الرئيس – الذي نرجو لَهُ حظاً طيباً – يشكل
وزارة ً من عشرين وزيراً فقط ، كابينة وزارية رُبعها من النساء ، خمس ُ وزارات ٍ مهمة ٍ
لهن َّ وحدهنَّ : وزارة الدفاع ، وزارة العدل ، وزارة العمل ، وزارة المهجرين ووزارة الإعلام ، وكل الوزراء والوزيرات – حسب المعلومات المتوفرة – لم يتولوا من قبل
أية مسؤوليات ٍ سياسية ٍ وهذا احد شروط الانتفاضة … فهل لدىٰ سياسيينا القدرة والرغبة والشجاعة للاستفادة من هذه الصورة الحضارية الجميلةوالمضي قدماً في خطوات تنقذ الوطن ..! .. اشك بذلك..
وهل لديهم الجرأة ليفسحوا المجال للمرأة العراقية ان تساهم في اعادة بناء هذا الوطن الذي هدموه..
أقول امرأة عراقية مناضلة شجاعة ، وليستْ إمرأة ً – أَمَة ً من إماء البرلمان العتيد٠