كثيرة هي المحاولات اليائسة، لإخماد ثورة الحسين عليه السلام، وإسكات هذا الصوت الحر، الذي طالب وبكل قوة بالإصلاح والتغيير، في أمة جده محمد ” صلواته عليه وعلى آله” ثورة إندلعت شرارتها في العاشر من محرم لسنة 61 هجري، وحيث سطرت أروع الملاحم في التضحية، وبذل الغالي والنفيس، من أجل تحقيق أهدافها .
كانت الأمة تعيش حالة من الضياع والتفكك، بسبب ابتعادها عن القرآن والعترة الطاهرة، وهذا ما تسبب بوصول الطغاة إلى سدة الحكم، وفرض شهوات السلاطين بدل أن تنفذ القوانين الإلهية .
فالقوانين الوضعية لا ترتق بالمجتمع من حال إلى حال، لإنها من وضع الإنسان نفسه، الذي لا يفقه ما يريد أن يعمله، كان لابد من ثورة لحفظ ما تبقى من الدين، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، فإن بقت الأمور كما هي فالسلام على الإسلام .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سمة ثورة عاشوراء، التي إريقت فيها دماء آل بيت النبي محمد “صلواته عليه وعلى آله” كان الإسلام بأمس الحاجة لبث الروح فيه من جديد، إسلام لا يزال يعاني من سوء تغذية، بسبب ما تعرض له من محاولات لإبعاده عن جادته المستقية، لصنع إسلام آخر يناسب مقياس بعض الطغاة، الذين يسعون وراء الدنيا الفانية وزينتها، كان لا بد من دماء زاكية، لم تقترف أي ذنب أو معصية، تقضي جميع وقتها بطاعة تعالى”جل في علاه” .
وقع الإختيار على الإمام الحسين “عليه السلام”، الذي عمد على الخروج مع عياله، غير مبال بما سيحدث لإنه كان على علم بما سيجري، من سفك للدماء، وحرق للخيام، والسبي بالنساء من مدينة إلى مدينة، كان همه الوحيد الحفاظ على الإسلام، الذي ما كان ليستمر إلا بتضحيته، لإن الدماء التي ستراق ستصلح ما أفسده الطغاة، ولتحيي القلوب التي قست وإنارتها، وليكون معلما كبيرا في نيل الحرية، وثورة المظلوم على الظالم، وهذا ما أستلهمه كثيرون في الوقت الحاضر، كالزعيم الهندي غاندي الذي قال تعلم من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر، وأيضا رئيس جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، وآخرون .
بعد ما إنتهت ملحمة الطف الكبرى .
ظن الطاغية يزيد أنه تمكن من إخماد الثورة بقتله للحسين، لكنه لم ينتبه أنه بقتله إياه سينتعش الإسلام مرة أخرى، الثورة التي إنتصر فيها الدم على السيف، وتمكنت فيما بعد من إقتلاع عروش الطغاة، أخفق الطغاة من إخمادها، فكل من حاول الوقوف بوجه الحسين وأتباعه، ساءت أموره وإنتهى به الحال إلى مزبلة التاريخ، التي لا ترحم أحد .
يستلهم الأحرار من الحسين “عليه السلام” درسا كبيرا، في الإيثار وتقديم النفس قرابين للحرية التي ينشدها كثيرون، فالجريمة النكراء التي أرتكبتها الزمرة الأموية لن تنسى، فواقعة الطف عبرة وعبرة، والشعائر الحسينية هي شوكة في عيون المتكبرين .