25 ديسمبر، 2024 12:10 م

رعاية كبار السن صحيا ونفسيا يحظى باهتمام المعهدالطبي التقني

رعاية كبار السن صحيا ونفسيا يحظى باهتمام المعهدالطبي التقني

أعلنت وزارة التخطيط العراقية ، أن عدد سكان العراق قدربنهاية العام الماضي ( 2023 ) بـ 43 مليونا و324 ألف نسمة، وأشار المتحدث باسم التخطيط ( عبد الزهرة الهنداوي ) ، في بيان أصدره في (8 كانون الثاني 2024) إلى أننسبةالسكان بعمر أقل من 15 سنة بلغت 41% من مجموع السكان، بينما كانت نسبة السكان للفئة العمرية 15-64 سنة 57% ،في حين بلغت نسبة السكان بعمر 65 سنة فأكثر 3% ،والأرقام والنسب من هذا النوع تثير اهتمام الجامعات ومنهاالجامعة التقنية الوسطى انسجاما مع شعارها الجامعة للمجتمع وفي دورها في إدامة العلاقة التبادلية بين الجامعة و مكونات البيئة للبلاد ، وقد بادر المعهد الطبي التقني/بغداد ( احد تشكيلات الجامعة التقنية الوسطى ) لعقد دورةعلمية بعنوان ((رعاية كبار السن صحيا ونفسيا )) ، وتم إعدادها من قبل قسم تقنيات صحة المجتمع ، وتمت الاستعانة بنخب متميزة من الملاكات التدريسية في الجامعة التقنية الوسطى لتنفيذها بمحاضرات ومناقشات ودراسة الحالات وبمشاركة (60) متدرباً من التدريسيين والمدربين التقنيين ، وهدفت الدورة لإعطاء نبذة تاريخيةعن المسنين وطرق الاهتمام بهم ، والتعرف على كيفية تقديمالدعم النفسي لكبار السن ، ونوعية الخدمات الصحية التي يحتاجها الإنسان بهذه الاعمار وواقع الحال في مؤسسات وزارة الصحة ، فضلا عن تحديد التثقيف الصحي المؤثر والداعم للمسنين وذويهم سواء ما يتعلق بأهمية ووجوبإخضاعهم للفحص الدوري او لتغطية الاحتياجات النفسية والاجتماعية لهم ، وفي مستهل افتتاح الدورة قال الأستاذالدكتور لطيف عيسى علوان ( عميد المعهد الطبي التقني ) إن كبار السن شريحة مهمة في المجتمع ومن باب الشرع والإنسانية والمروءة تقديم ما يستحقونه من الاهتمام من حيث زيادة الوعي حول كيفية الاهتمام بهم ورعايتهم نفسياوصحيا وإيجاد عدة منافذ للدعم والإسناد ومنها شمولهمبتقديم خدمات صحية ذات جودة معدة لكبار السن فيالمراكز الصحية والمستشفيات ، كما  لا بد من تسليط الضوءعلى فوائد الاهتمام بهم و زيادة وعي الجميع حول هذاالموضوع الذي يحتوي على عدة أبعاد .

واحتوت الدورة أربعة محاور ، تطرق المحور الأول إلى البعدالتاريخي والإنساني للاهتمام بهذا الموضوع ، فيما تناولالمحور الثاني الجانب النفسي ودوره في إسناد هذه الفئات، وتطرق المحور الثالث إلى فلسفة ومضمون الرعاية الطبيةوالصحية التي يجب إن تترجم لخدمات تتم إتاحتها  من حيث الزمان والمكان والمستوى لكبار السن ، وخصص المحورالرابع إلى الجوانب الاجتماعية والقانونية التي ألزمتالجهات المعنية والمجتمع والأفراد في رعاية كبار السن في ظل وجود مواد صريحة نصت على ذلك الشرائع السماوية والتي أدرجت بعضها في دستور العراق لعام 2005 ، وتمت تغطية المحور الأول من قبل ( م.د. وميض سرحان ذياب ) منمعهد الإدارة الرصافة وكانت محاضرته ذات طابعا تاريخيافي كيفية رعاية المسنين عبر العصور التاريخية وأهميةرعاية كبار السن في الحضارة العراقية فضلا عن أهمالتشريعات الواردة في الكتب المقدسة في العهدين القديموالجديد و ما ورد في القرآن الكريم من آيات تحث على رعايةكبار السن كونها من واجبات المسلمين ، وتطرقت ( أ.م.د. رسل صباح غزال ) معاون عميد المعهد للشؤون العلميةوالطلبة  في محاضرتها ضمن المحور الثاني لمعلوماتصحية مهمة للمسنين بعد عمر ال65 عاما و التأكيد علىضرورة إجراء الفحوصات الدورية لضمان وقايتهم ومعالجتهم بشكل مبكر لتفادي تفاقم المشكلات الصحيةوتقديم الرعاية الصحية المناسبة والكافية ، فيما كانتمحاضرة ( أ.د. عبد السلام نعمة جنزيل ) الخبير والتدريسي بالمعهد بعنوان ( الإطار القانوني والاجتماعيلرعاية كبار السن في العراق ) حيث أوضح فيها إن الرعايةالاجتماعية هي من الحقوق الأساسية للمسنين في العراقالتي كفلها الدستور والقوانين والأنظمة النافذة كقانونالحماية الاجتماعية رقم 11 لسنة 2014 ونظام دور رعايةالمسنين رقم 4 لسنة 1985 ، والتي تهدف إلى تحقيق جميعا لتأدية واجب الدولة والمجتمع تجاه كبار السن عن طريقتقديم الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية  لتمكينهم منالتغلب على الآثار والمشاكل التي قد تنشأ عن النقص أوالقصور في وظائف قدراتهم البدنية او الحسية او الذهنية ،والتي تؤثر سلبا على توافقهم النفسي والاجتماعي ، وتطرق ( م.م. سعد أنور بطرس ) من رئاسة الجامعة التقنيةالوسطى في محاضرته إلى مفهوم كبار السن من وجهة نظرنفسية وطرح التعريف من رؤية الباحثين النفسيينوتقسيمات المفهوم من وجهة منظمة الصحة العالمية WHO ،ثم تطرق إلى الأعراض والمشكلات النفسية التي تظهر لدىكبار السن  و طرح حزمة من الأساليب النفسية التي ترعىوتهتم بكبار السن ، وتضمنت محاضرة ( م.م. تبارك أيادنوري) مديرة الدورة إلى الجوانب الصحية وابرز الأمراضالتي تصيب المسنين بشكل كبير بعد تجازوهم سن ال65 عاما ، كما قدمت عرضا عن واقع الخدمات الصحيةوالتسهيلات المقدمة لكبار السن في مراكز الرعاية الصحيةالأولية والمستشفيات .

وتم إثراء الدورة بمناقشات ومداخلات المشاركين حول الطروحات التي تمت تغطيتها من قبل المحاضرين ، وفي أجواء علمية وتفاعلية اتجاه الموضوع اتسمت بالجدية والمسؤولية المهنية تم الخروج بمجموعة من الاستنتاجات والتوصيات المفيدة ، ومن أبرزها إيجاد الوسائل الكفيلةلتمكين الأجهزة المعنية والمجتمع والأفراد لرفع نسبة كبار السن من عمر 65 فما فوق في البلاد ، كونها متدنية عند مقارنتها ببعض البلدان فالنسبة عندنا لا تتجاوز 3% في حين إنها تبلغ 7.9٪ في بعض البلدان ، ووجوب تحديد العوامل والظروف التي تزيد من متوسط العمر في العراق لتكون مواكبة للمعدلات العالمية فحسب دراسة أعدها البنكالدولي كشفت إن معدل عمر الإنسان العراقي يتراوح بين 69 – 73 عاما ، وعلى وفق تلك الدراسة فان العمر المتوقعبالنسبة للذكور من العراقيين عند الميلاد هو 69 عاما فيمايبلغ العمر المتوقع للإناث عند الميلاد 73 عاما ، وان معدلالوفيات من البالغين الذكور في العراق يبلغ 184 من بين1000 ذكر بالغ ، فيما يبلغ معدل الوفيات من البالغات منالإناث 128 أنثى لكل 1000 أنثى بالغة ، وعلى المستوىالعالمي فان التقديرات تشير  إلى إن متوسط العمر المتوقععند الميلاد 71 سنة للذكور مقابل 76 سنة للإناث وفى الدولالأكثر تقدماً 77 سنة للذكور مقابل 83 سنة للإناث وفيالدول الأقل تقدماً 70 سنة للذكور مقابل 74 سنة للإناث ، وفى الدول العربية يبلغ المتوسط 69 سنة للذكور مقابل 74 سنة للإناث مما يعني إن معدل عمر العراقي مقاربا للمستويات العربية واقل من المستويات العالمية ، وخرجتالدورة بمجموعة مهمة من التوصيات أبرزها ( الاهتمامبصحة المسنين وتقديم الرعاية والدعم النفسي الكامل لهمولاسيما المتواجدين في دور رعاية المسنين ، ضرورة تشجيعكبار السن على إجراء الفحوصات الدورية المناسبة لضمانالكشف المبكر للأمراض ومعالجتها لتفادي المضاعفاتالخطيرة ، ضرورة الالتزام بنمط حياة صحي في مرحلةمبكرة من العمر لضمان السلامة من الأمراض الخطيرة عندتقدم العمر ) .

وفي الوقت التي نبارك فيه ايلاء موضوع كبار السن ضمنأولويات و اهتمامات الجامعات ونخص بالذكر الجامعة التقنية الوسطى ممثلة بالمعهد الطبي التقني (بغداد) ،نتمنى أن ينعكس هذا الاهتمام على الواقع الفعلي ضمن واجبات الأجهزة المعنية في الدولة، فما يمكن استنتاجه مما دار في الدورة من عرض ومناقشات يؤشر الحاجة إلىمجموعة من القرارات التي يجب أن تهتم الدولة باتخاذهاوضمان عدالة وكفاءة تنفيذها ، وفي مقدمتها توفير الدعم المادي لكبار السن لتغطية احتياجاتهم وعوائلهم سواء من خلال منحهم رواتب تقاعدية مجزية لمن تتوفر فيهم شروط التقاعد المدني او العسكري او من خلال شبكة الحماية الاجتماعية التي تتطلب منح استثناءات لهذه الاعمار بخصوص مقدار الإعانات ، وضرورة تسهيل قبول عضويتهم في النوادي الاجتماعية والترفيهية وإعفائهم من رسوم الاشتراكات والإجراءات البيروقراطية في الانتساب وتجديد العضوية ، وشمولهم بالخدمات الصحية اللازمة والمجانية في مستويات الرعاية الصحية كافة سواء في المؤسسات الصحية الحكومية او في العيادات الطبية الشعبية او في دور التمريض الخاص مع الاهتمام بتوفير الأدوية والعلاجات الكافية لهم دون عناء ، وقيام نقابةالأطباء بإقرار توصيات تتضمن تقديم تسهيلات لهم عند مراجعتهم القطاع الطبي الأهلي ، والإيعاز لدوائر الدولة كافة بإعطاء الأسبقية في تقديم الخدمات لكبار السن بمختلف المجالات والعمل على تخفيض او إلغاء أجورخدمات النقل البري والجوي والبحري لهم عند سفرهم لأغراض العلاج او للراحة والاستجمام ، والاهم من ذلك هو قيام المرجعيات والمؤسسات الدينية بإشاعة ثقافة الالتزام الكامل بمسالة بر الوالدين ، ويمكن للجهات القضائية الإسهام بهذا الموضوع من خلال اعتبار أي تصرف يصيب هذه الاعمار بالسوء والضرر عمدا او من الإهمال واللامبالاةظرفا مشددا لكونه يتعارض مع التوجه السماوي والوضعي في الحفاظ على إنسانيتهم ، كما إن واجب واجهات الإعلام والتثقيف والإرشاد الدعوة لكي تكون للأفراد والمؤسسات والمجتمع أدوارا ايجابية ومبادرات وإبداعات  في رعاية وبلوغ هذه الفئة العمرية ، باعتبار وجودهم من نعم الله فهم الآباء والأمهات والأجداد وقد افنوا سنوات عمرهم لتتوارث الأجيال .

ملاحظة : تمت الاستعانة بالسيدة إسراء الطائي مسؤولة إعلام المعهد لرفدنا ببعض التفاصيل حول الدورة

أحدث المقالات

أحدث المقالات