يبدو ان سحب السماء التي تغطي بلاد الرافدين وشبه الجزيرة العربية قد امطرت بغزارة هذه المرة لتنقي الاجواء المغبرة التي كانت تعصف بحدود البلدين الجارين.
فانتشار صور زعيم التيار الصدري في العراق رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وهو يجالس ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في اجتماع رسمي ضمهما في مدينة جدة السعودية على ضفاف البحر الاحمر بعد ان قدمت دعوة رسمية للصدر لزيارة المملكة، اثارت لغط الشارع العراقي السعودي بل وحتى العربي وكثرت نقاط التحليل لكبار المحللين الساسيين العرب لتحديد الرتبة التي وصلت لها العلاقات السعودية العراقية اليوم.
هذه الزيارة الملبية لدعوة الرياض قد تنبع قداح الربيع كونها جاءت بعد امواج الخليج العربي المتلاطمة بين البلدين الجارين ، بعد سلسلة الزيارات الرسمية للمسؤولين العراقيين الى المملكة كان في مقدمتها تلك التي قام بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى مكة الشهر الماضي واجرى خلالها مباحثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والتي اسفرت عن تشكيل مجلس تعاون استراتيجي بين البلدين.
و اكد الملك سلمان خلال الاجتماع بالعبادي أن جميع القلوب والابواب مشرعة للتعاون المشترك بين السعودية والعراق، مؤكداً أن المملكة تقف مع استعادة العراق لدوره الريادي الكبير في الشرق الاوسط وسعي الرياض لتوطيد العلاقة مع بغداد .
وشدد البيان العراقي السعودي الذي تمخض في ختام زيارة العبادي الى السعودية انه تم الاتفاق على تكثيف العمل المشترك لمواجهة هذه التحديات التي تعصف بالمنطقة وفي مقدمتها مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب و أهمية تجفيف منابع الإرهاب وتمويله والالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات بين البلدين.
لياتي اعلان مشترك اصدره العراق والسعودية في 20 من حزيران الماضي عن تشكيل مجلس للتعاون المشترك من اجل الارتقاء بالعلاقة بينهما الى المستوى الاستراتيجي وفتح آفاق جديدة من التعاون في مختلف المجالات بما في ذلك السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية والتجارية والاستثمارية والسياحية والثقافية.
وفي الرابع عشر من تموز الماضي اشاد العاهل السعودي الملك سلمان بالشجاعة الفائقة للقوات العراقية وحكمة حكومة وقيادة العراق وقدم خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي “التهنئة بالانتصارات التي حققتها القوات العراقية وتحريرها مدينة الموصل”.
و ان عجلة المصالح المشتركة دارت بشكل اسرع باعلان بغداد في 24 من تموز الماضي عن تشكيل لجنة وزارية لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية والتجارية مع المملكة حيث شكلت اللجنة برئاسة وزير الداخلية قاسم الاعرجي وعضوية وزراء التجارة والزراعة والصناعة والمعادن ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار ووكيلي وزارتي المالية والموارد المائية وممثلين عن هيئة المنافذ الحدودية واتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات العراقي، لمتابعة المحادثات مع الجانب السعودي لتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية في المجالات التجارية والزراعية والصناعية في القطاعين العام والخاص.
يبدو ان السفير ثامر السبهان وزير الدولة لشوؤن الخليج العربي سينشغل كثيراً باستقبال الوفود العراقية واستقبالهم في مطارات المملكة ، وقد تكشف لنا الايام القادمة عن عدد الرحلات السعودية المتجهة الى بغداد، كل هذه المعطيات وغيرها الكثير قد تحقق علاقة استيراتيجية بافاق اقتصادية وامنية واجتماعية عالية المستوى ان ابدت الرياض وبغداد جدية كبيرة ببنائها وادامتها في المستقبل القريب.
ام ان زيارة الصدر الاخيرة حملت بجعبتها مطبات مذهبية قت تضع العصى بدولاب العلاقة السعودية العراقية وتنحى بها منحى اخر وتفصل لبن الرياض عن رطب بغداد.