18 ديسمبر، 2024 11:18 م

رصاصة الطغيان لازالت في صدري

رصاصة الطغيان لازالت في صدري

” لا يخاف الطاغية من شيء كما يخاف من الحقيقة ,ولذلك لا يعتمد على شيء كما يعتمد على الكذب والتمويه ولايكره شيئاً كما يكره الصدق والصراحة “.
انا الان لا أتحدث عن الكذب والافتراء والتدليس وقلب الحقائق والتغرير بالبسطاء ,ولاأتحدث عن فشل أمني في وضح النهار ( والحكومة عاجزة ) ولاأتحدثٌ عن السيارات المفخخة التي تجول وتصول في انحاء بغداد والمحافظات , والتي حصدت مئات الأرواح في العراق , والتي خلفت أمهات ثٌكلت , وزوجات ترملت ,وأبناء تيتمت ,رجال ونساء وأطفال قضوا فخلفوا في أهليهم وذويهم حزناً يقتلع القلوب من الصدور, ونارٌ من الكراهية مستعرة لا يخمدها الابالقصاص العادل .
لكني أحدثكم عن رصاصة الطغيان التي لازالت في قلوب الشعب العراقي من جراء حكم الطغيان المغلف بغطاء الديمقراطية ,إشكالية الطغاة ليست وليدة اللحظة كما يتخيل البعض من خلال تجربة مره بها الشعب العراقي اكثر من ثلاثة عقود ,لكن جذورها في القدم ولعل المثال البارز في هذا البيان “فرعون الذي أتبع نظاماً “تيوقراطياً” ,أي أنهُ حاكم يستمدُ نظامهُ السياسي من قدرات لاهوتٌية باعتباره ألهاً أو أبن الآلة أو مبعوث العناية الألهية أو ( القائد العام للقوات المسلحة ) فكما تعرفون هو رئيس الوزراء , والوزير على كل شيء ,على أي حال فأن الطغيان عموماً هو وضع الشيء في غير محله ,باتفاق أئمة اللغة ,وهو ايضاً التعدي عن الحق الى الباطل وفية نوعٌ من الجور , أذ هو انحراف عن العدل ( وهذا الانحراف ميسور الحال في العراق والحمد لله) فكما يعلم الجميع أن هناك من يصنع الطاغية من خلال تثمينه لكل ما هو سلبي وشيطاني عن طريق الحرص على قراءة مزاجه لتقديم كل ما يروق له ويرضيه فيسمعوه من الثناء ما يشحذ غريزة السطو والاحتكار وفائض شهوة التسلط والعدوان لديه ,ومن ثم مرحلة تبريراته وتزيفها لتتحول الرذائل الى فضائل والجنون الى حكمة , وارتكاب الحماقة الى دهاءُ وذكاء بالرغم من بشاعة المنظر المفعم بالدم والقتل , وأول نتائج هذه الصناعة هي تصديق الطاغية ما يقال له عن ذاته من تمجيد وإلباسه هالات البطولة والزعامة والعبقرية الى حد اللامعقول ,وأن قدر للمصنوع وفق مشيئة الله وحكمته ,غالباَ ما يصبح الصانع هو الضحية على غرار قصة ذلك الشيخ الذي قرر أن يتخلص من عبدهُ رغم إخلاصه له ,لأنه يردد كل ما يسمعه منهُ بلا زيادة أو نقصان ما دفع الشيخ الى أن يقول لعبده المطيع … أنني لم أعد بحاجة اليك وسوف أستبدلك ببغاء ما دمت تردد الكلمات نفسها دون أدنى تفكير او صدور رأي يعبر عن الذات .