ارتبط اسم حيدرالعبادي خلال الفترة الماضية بالاصلاحات التي طالب بها المتظاهرون في ساحة التحرير وبقية المحافظات العراقية، والتي بدأها العبادي بالغاء عدد من المناصب الشكلية التي فرضتها المحاصصات الطائفية والحزبية والتي ساهمت في ترهل بنية الدولة العراقية وايجاد كثير من المناصب التي لا تسمن ولا تغني من جوع، إلا النفقات التي تُصرف على المناصب من حيث رواتب المسؤول الكبير والمستشارين والنواب له وفتح المكاتب فضلا عن عدد كبير من الحمايات المرافقه له .
اصلاحات العبادي كلها في اطار اقتصادي لم يكن هناك اصلاح على المستوى السياسي والهيكلية العامة للدولة، أو اصلاح على المستوى المعيشي للمواطن وتحسين ظروف الحياة، ولم تكن هناك اصلاحات على مستوى القضاء العراقي الذي يتمتع بسمعة سيئة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ولم تكن هناك اصلاحات على الدستور الذي وصفه المتظاهرون بأنه مفخخ بالقوانين الجائرة الظالمة وفيه فسحة لمن اراد السرقة او الاختلاس والرشوة بحماية من القوانين.
يأمل المتظاهرون من العبادي أن يكون كالسيسي في مصر – بغض النظر عن الشرعية- ومع الفارق، ولكنهم يأملون ان يُلغي مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ويعلن حالة الطوارئ في البلاد ويكشف ملفات الفساد ويحاسب المفسدين أشد الحساب وأعنفه، ولكن العبادي لم يبدي اي تغيير حقيقي تجاة المطالب فهو ابن البيئة السياسية الحاضرة, ورضع لبانها، واستظل بخيمتها منذ عام 2003 وهي من أتت به الى منصب رئيس مجلس الوزراء, ثم هو من حزب الدعوة الحاكم لسنين عديدة . واما الاصلاحات التي بدأها فهي ضمن خطة التقشف الحكومي وترشيق النفقات بسسب انخفاض اسعار النفط والازمة التي يمر بها العراق في حربه مع تنظيم الدولة ” داعش”
لذلك من المتوقع أن لفظة ” اصلاحات ” ستتلاشى من قاموس وسائل الاعلام في الفترة القادمة لان العبادي اطلق عدة رصاصات واضحة منها انه لا تغيير في الدستور الا باستفتاء شعبي وهذا يعود للبرلمان والبرلمان من الصعوبة بمكان ان يتفق على مثل هكذا قضية مصيرية, وكذلك من ناحية اصلاح القضاء فقد اصدر مكتب العبادي بياناً جاء فيه أنه ليس من صلاحيات مجلس الوزراء او رئيسه اقالة رئيس السلطة القضائية مدحت المحمود، فيما اشار الى أنه لا يمكن تطبيق الإصلاحات دون وجود قضاء عادل ونزيه.
بل هو ويعتبر القضاء عادل ونزيه وطرف في عملية الاصلاح وما زال الاف من المعتقلين في السجون العراقية بعضهم بمحاكمات جائرة والبعض الآخر دون محاكمات لسنين عديدة ، ربما منذ وجود مدحت المحمود في منصبه الذي .الذي مر عليه 12عاماً وهو ما زال متمسكاً به ، والادهى من ذلك رفض مجلس القضاء الأعلى استقالته التي قدّمها في عملية استفزاز واضحة لمشاعر الجماهير العراقية الغاضبة من المحمود باعتباره جزءا كبيرا من المشكلة في العراق بسبب عدم قدرته على محاسبة الفاسدين وفتح المفات الكبير في الفساد وسرقة المال العام.
ادامة زخم المظاهرات هو طريق سالك للجمهور المطالب بتغيير حقيقي على الأرض بعيداً عن الشعارات البراقة والعبارات الرنانة ولكن السؤال الأهم : هل سيبقى الجمهور العراقي بحماسته العاليه التي نشهدها هذه الأيام والى متى ؟ وما هي الخطوات القادمة في حال بقي الوضع على ما هو عليه ؟
يحتاج المتظاهرون اليوم الى تنسيق عالي وتشكيل لجان منسقة ومنظمة تُوكَل لها مهمات محددة وواضحة، وتحتاج الى ناطق رسمي يحظى بمقبولية واسعة من قبل الناشطين والجمهور ، ويحتاجون الى وسائل تحفيزية للجمهور للخروج الواسع والعريض لتكون ذات قوة حقيقة وتمثل الشارع العراقي فالعدد اليوم ربما له تأثيراً مباشرا على القرار السياسي .
ومن المتوقع اليوم أن العبادي يراهن على الوقت، ويراهن على برودة الشتاء فهو الكفيل بابراد مشاعر المحتجين، فهم خرجوا في بداية الامر من اجل تحسين الكهرباء عندما مسهم لهيب الصيف الحار لكن بمرور الوقت ستهدأ المشاعر المتحمسه ببرود الشتاء وستعود الامور الى نصابها .