ـ محدود الثقافة.. كثير الكلام (ورواري).. غير متزن.. وغير مستقر.. فوضوي.. كانت إجراءاته غير منطقية.. يشتم الآخرين.. يُصدق كل شيء كما يصفه صبحي عبد الحميد وزير الخارجية آنذاك.. كان يأتي كل يوم بخبر ويتبين إن الخبر غير صحيح.
ـ كان قاسياً.. فأسلوبه القاسي.. وشتمه للآخرين كان سبباً رئيسياً في إقالته من حاكم عسكري وتعينه وزيراً الداخلية بين 18( تشرين الثاني 1963 و10 تشرين الثاني)1964.
ـ كان لرشيد مصلح علاقات واسعة بكبار التجار.. بل انه وقال وائل : مارس والدي بعد احالته الى التقاعد عام 1959 اعمالا تجارية كاستيراد الشاي والسكر.
ـ ويعتقد صبحي عبد الحميد إن هذه العلاقة ربما تفسر استيزاره وزيراً للمواصلات في وزارة حكومة عبد الرحمن البزاز الأولى التي شكلها في أيلول 1965.. استوزر في وزارة عبدالرحمن البزاز.. وزيرا للمواصلات.. يقول ابنه وائل.. ترك والدي السلطة.. واستقال بعد شهرين من استيزاره.
السيرة والتكوين:
ـ ولد رشيد مصلح آل الصباغ التكريتي في مدينة تكريت العام 1917.. أكمل دراسته الابتدائية في تكريت.. والثانوية في بغداد.. التحق بالكلية العسكرية العام 1937 وتخرج فيها في نهاية العام 1938 برتبة ملازم.
ـ بعد تخرجه عمل في الموصل.. ثم انتقل إلى الحرس الملكي 1942ـ 1949.. ثم إلى معسكر المسيب آمراً لمعمل الأسلحة الخفيفة.
ـ رقيً لرتبة عقيد العام 1957 وأصبح آمر الفوج الثاني في الناصرية.
مصلح.. وحركة الشواف:
– يقول الدكتور وائل نجل رشيد مصلح: لم يكن والدي من المشاركين في انقلاب 14 تموز 1958.. لكنه كان قومي الميول.. وبعد فشل حركة الشواف في الموصل في 9 آذار 1959.. أحيل عدد كبير من الضباط القوميين الى التقاعد.. من بينهم والدي في نيسان العام 1959.. وعند إحالته الى التقاعد هجم على دارنا مجموعة كبيرة من الجنود المستجدين بتحريض من الشيوعيين.. وكنا آنذاك نسكن مدينة الناصرية.
ـ رجع رشيد واسرته الى بغداد.. وسكنّا في البداية في منطقة العطيفية.
مصلح.. وانقلاب 8 شباط 1963:
ـ بعد تقاعده حقد مصلح حقداً شديداً على الزعيم عبد الكريم قاسم وعلى ثورة 14 تموز 1958 وعلى القوى الديمقراطية.. وفي مقدمتها الحزب الشيوعي.. وأخذ يتقرب إلى كل العناصر المعادية لقاسم والشيوعيين.. وهكذا تعززت علاقاته مع احمد حسن البكر الذي اخذ يزوره في بيته ببغداد بمنطقة العطيفية.. وفي ليلة انقلاب 8 شباط 1963 زاره في بيته كما يقول ابنه وائل كلا من طاهر يحيى وذياب العلكاوي.. وتحدثا معه في الباب الخارجي ثم انصرفا.. وفي الصباح الباكر ليوم الانقلاب حزم مصلح ملابسه العسكرية ورشاشاته.. وذهب إلى بيت ذياب العلكاوي أو بيت طاهر يحيى.. حيث كان من صنف مشاة الدروع.
ـ يقول رشيد مصلح: عندما وصلنا بادئ الأمر إلى كتيبة الدبابات الرابعة.. التي كانت مقراً لتجمع الانقلابين.. طلب احمد حسن البكر من جندي أن يثبت لمصلح رتبته على كتفيه.. وتأخر الجندي في التثبيت.. مما دعا البكر أن يصيح بالجندي قائلاً له: استعجل هذا هو قائد فرقتك.. فأعتقد رشيد مصلح انه سيعين قائداً للفرقة.
ـ توجه رتل إلى معسكر الرشيد يتألف من دبابتين يعتليها كل من “العقيد المتقاعد طاهر يحيى والعقيد الركن المتقاعد رشيد مصلح والرائد المتقاعد أنور عبد القادر”.. وتخلف عن الالتحاق بهم دبابة الملازم عدنان خير الله بسبب عطلها لنقص الماء والوقود (استبدلها بأخرى صالحة).
ـ لم تتمكن الدبابات في البداية من دخول معسكر الرشيد بسبب إغلاق الباب النظامي (الرئيسي) بسيارتي حمل (لوري) من قبل منتسبي محطة كهرباء المعسكر (حرس قومي) الذين فتحوا النار على الدبابتين.. مما اضطر الرائد أنور عبد القادر للرد على النار وقتل ثمانية منهم.. وانسحب البقية بعيداً (بسبب انعدام التنسيق بينهم) تمت إزالة العوائق ودخلت الدبابتان وفرضت السيطرة على مقر (ل مش 19 ناقص فوج).. ونجحوا في احتلال معسكر الرشيد.. ثم بعثوا ببرقية الى دار الإذاعة تأييداً للانقلاب.
ـ بعد نجاح الانقلاب أصبح رشيد مصلح عضواً في مجلس قيادة الثورة.. وحاكماً عسكرياً عاماً.. وهو الذي اصدر البيان الخاص بإعدام الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه.. ويقال انه أصبح حاكماً عسكرياً عاماً بتأثير احمد حسن البكر.. وهذا الأخير أصبح رئيساً للوزراء.
ـ يقول طالب شبيب وزير الخارجية وابرز قادة انقلاب 8 شباط : إن احمد حسن البكر ورشيد مصلح وآخرين أسهموا في تجهيز مراكز التعذيب الرئيسة في بغداد بعد 8 شباط 1963 لتعذيب المعتقلين من الشيوعيين والديمقراطيين والقاسميين.
دوره في حركة تشرين الثاني 1963:
ـ عندما انعقد مؤتمر حزب البعث في بناية المجلس الوطني يوم 11 تشرين العام 1963 وفيما شرع المؤتمر بفتح باب الترشيح لعضوية القيادة القطرية دخلت مجموعة من العسكريين إلى قاعة المؤتمر.. يقدر عددهم بأكثر من 40 عسكريا كان بينهم رشيد المصلح.. وذلك بتحريض من عبد السلام عارف.. وفرضوا أنفسهم على المؤتمر بالقوة.. وتسلم رئاسة المؤتمر طاهر يحيى.
ـ انتهى المؤتمر بإبعاد كل من: علي صالح السعدي أمين سر القطر وحمدي عبد الحميد وهاني الفكيكي ومحسن الشيخ راضي وأبو طالب عبد المطلب الهاشمي أعضاء القيادة القطرية للبعث إلى خارج العراق.. لوضع حد للصراع بين جماعة علي صالح السعدي وجماعة حازم جواد كما قيل!! كما شارك رشيد مصلح في حركة 18 تشرين الثاني 1963 التي قادها عبد السلام عارف.. وشارك فيها القادة العسكريون البعثيون (احمد حسن البكر.. صالح مهدي عماش.. وحردان التكريتي).
ـ كان هدف عبد السلام عارف ضرب حزب البعث.. والحد من نفوذه.. وإنهاء دور الحرس القومي.. إما رشيد مصلح فيقال انه شارك في هذه الحركة خوفاً من عودة علي صالح السعدي إلى الحكم.
مصلح.. مرشح البعث لرئاسة الوزارة:
ـ حين كُلـِّف (ناجي طالب) من قبل عبدالرحمن عارف بعد نكسة حزيران 1967 بتشكيل الوزارة عرض على البعثيين الاشتراك بالوزارة.. والحصول على حقيبتين غير أنهم طالبوا بثلاث حقائب.
ـ ثم ذهب احمد حسن البكر وحردان التكريتي الى رئيس الجمهورية وقالا له:
إنهما مستعدان للاشتراك في الوزارة اذا عُهد برئاسة الوزارة الى واحدٍ من أربع شخصيات :
1ـ محمود شيت خطـّاب.
2ـ رشيد مصلح.
3ـ ابراهيم فيصل الأنصاري.
4ـ عبدالوهاب الأمين.
اتهامه بالتجسس:
ـ يذكر هاني الفكيكي القيادي البعثي إن رشيد مصلح كان جاسوساً أمريكياً.. كما اعترف هو نفسه في ندوة تلفزيونية.. ورأيته أنا بنفسي وهو يعترف.. وأعدم على أساس ذلك.. مؤكداً إن إعدامه بعد انقلاب تموز 1968 ليس صراعاً بين عوائل تكريت على السلطة.. أو إن إعدامه كان تصفية لعناصر تعارض خط (صدام – البكر).. كما حصل لحردان التكريتي الذي اغتيل في الكويت وآخرين.
وقال: لئن كان علي صالح السعدي قد اعترف بقوله: “لقد جئنا – يعني البعثيين – إلى السلطة بقطار أمريكي).. فقد كان على حق.. لكن لا علي صالح السعدي.. ولا أنا نعرف التفاصيل.
ـ وقال الفكيكي: (سأذكر حكاية حصلت في الأيام الأولى لانقلاب 8 شباط 1963.. تتلخص في أن أحد الضباط البعثيين في الانقلاب.. ويُدعى عدنان عبد الجليل.. جاء إليّ وأفصح ليً عن تذمره من وجود ذياب العلكاوي ورشيد مصلح في (قيادة الثورة).. وهما جاسوسان أمريكيان.. وطلب أن يُراجع الموقف منهما.. فما كان مني إلا أن ذهبتُ إلى احمد حسن البكر.. ونقلتُ إليه ما قاله عدنان عبد الجليل محذراً.. فأطرق البكر قليلاً.. وقال : (إحنه ندري بيه وبعلاقاته).
ـ ويضيف الفكيكي قائلاً: “وقد اكتفيتُ يومها بهذا الرد.. على اعتبار أن كبار المسؤولين على علم بتحركات المشبوهين.. لكن لم أكن أعرف مَن الذي كان على علاقة بالأمريكان.. وحتى علي صالح السعدي الذي قال قولته الشهيرة.. (جئنا بقطار أمريكي).. لم يكن يعرف ذلك.. ولكنني.. بعد واحد وعشرين عاماً عرفتُ من مصدر وثيق أن رجل الأمريكان كان احمد حسن البكر نفسه.. ومعه صالح مهدي عماش”.
ـ أكد الفكيكي: “إن انقلاب شباط 1963 كان ضد الشيوعيين أصلاً.. وهو منسجم مع موقف حزب البعث من الشيوعيين.. فالمادة 11 من دستور الحزب كانت تنص حرفياً على ما يلي:
يُجلى عن الوطن العربي كل من دعا أو انضم إلى تكتل عنصري ضد العرب.. وقد ألغيت هذه المادة من دستور الحزب في أيلول 1963”.
ـ في حديث آخر ذكر هاني الفكيكي: “إن وليد محمود سيرت أخبره إن واحداً من ضباطه أبلغه أن رشيد مصلح دعاه للعمل معه للإطاحة بنظام 8 شباط.. فطلب وليد من ذلك الضابط أن يستمر في الاتصال برشيد ويوافق على عرضه ويعمل معه.. ويسجّل كل ما يدور في الاجتماعات على أشرطة.. وفعلاً تمّ تسجيل سبعة عشر شريطاً تضمنت خططاً وحوارات بين رشيد مصلح وعلي الشعلان وكاظم العطية ومحمود السهيل وآخرين.. وجاء هاني بكل تلك الأشرطة وأدارها على مسمع من احمد حسن البكر الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك.. وسأل: مَن هم؟ فعرّفته عليهم (والكلام للفكيكي).. ويستمرّ: وقال البكر: “ما الحل ؟ قلتُ نعتقلهم كلهم فوراً.. ونحقق معهم.. فقال البكر: نعتقلهم كلهم ما عدا رشيد مصلح.. قلتُ: إما أن نعتقل الجميع وبضمنهم رشيد.. وإما لا.. فالكل ضالعون بنفس المؤامرة.. فقال: إن رشيد هو الحاكم العسكري للثورة.. وذلك يضعف الثورة في نظر الناس.. فلنعتقل هؤلاء.. ونعالج موضوع رشيد على حدة.. فقمنا باعتقال المجموعة ما عدا رشيد.. وألفنا لجنة تحقيق معهم حصلت على اعترافات من علي الشعلان وآخرين”.
ـ ثم صادف انعقاد مؤتمر الحزب في دمشق.. فسافرتُ لحضوره.. وبقيتُ 18 يوماً هناك.. عدتُ بعدها لأجد أن لجنة التحقيق قد ألغيت.. وتألفت بدلها لجنة أخرى من بين أعضائها “علي عريم).. وأطلقت سراح محمود السهيل وكاظم العطية وآخرين.. وأبقت على علي الشعلان.. بعد أن ألغت شهادته الأولى.. وأعدّت له شهادة أخرى”.
ـ يقول هاني الفكيكي: إنه أصرّ على أن يُعيد علي الشعلان شهادته السابقة.. لكن الأمور كلها أخذت مجرى آخر”.
وائل يبرئ والده:
ـ يقول الدكتور وائل رشيد مصلح عن آخر زيارة قامت بها عائلته قبل تنفيذ حكم الإعدام بأبيه:
أخْرَجَ مصحفاً وأقسم به أمامنا.. وقال:” أشهد أمامكم أنه لا صحة أبداً لشيء اسمه قضية تجسس”.
ويضيف وائل: “أما الاعتراف المنتزع منه فقد أُخِذ منه بعد أن عُـذِب ووصل الى حالة شبيهة بالجنون”.
سر عداء صدام لمصلح:
ـ يتحدث وائل نجل رشيد مصلح لجريدة المشرق البغدادية بتاريخ 5 / 11 / 2010 حيث يقول: (بعد حركة 18 تشرين الثاني العام 1963 إن والدي كوزير للداخلية كلفً صدام حسين التكريتي بإخباره عن أوكار حزب البعث السرية.. وكان صدام يتولى مهمة الدليل لقوات الأمن.. آنذاك بالكشف عن أوكار حزب البعث السرية.. وقيل.. إن السبب الجوهري وراء إعدام والدي هو طمس هذه (اللكعة) في تاريخ صدام.. طمس حقيقة خيانة صدام لحزب البعث.
ـ يضيف نجل رشيد مصلح: ورد في رواية (الملثم) في كتاب (فندق السعادة) من إن صدام جاء الى بيتنا لزيارة والدي وهو ملثم.. كان ذلك العام 1964.. وقال الملثم لوالدي: (إني أستجير عندك).. وكشف عن هويته: (إنا صدام التكريتي).. وتقول الرواية إن والدي أجاره في بيتنا.. وانه عاش معنا لفترة.. وفي إحدى المرات سمع والدي من أمي إن هذا الشخص يتصرف داخل البيت بطريقة غير صحيحة فطرده والدي.. وأنا أؤكد لك إن هذه الرواية عارية عن الصحة.. أنا شخصياً لم أر صدام في بيتنا في كل الأوقات.. كما إن والدتي نفت تماماً إن يكون صدام قد زارنا أو بات في منزلنا.
ـ الحقيقة إن ما حصل إن صدام لجأ الى بيت صديق له في منطقة الصليخ.. وفي هذا البيت القي القبض عليه.. ويضيف نجل رشيد مصلح إن هذا البيت الذي لجأ إليه صدام يعود لأحد الشيوخ.. وهو حواس الصديد أخو عيادة الصديد.. وقوات الأمن عرفت هذا المكان.. وحاصرته ولم يلقى القبض عليه.. والقصة إن هذا الشيخ له علاقة بوالدي فاتصل به وأخبره إن صدام عنده في البيت.. وان البيت فيه وذهب الى بيت الشيخ فكان صدام على السطح.. وقال له والدي: (اطلع .. انهزم) وخرج والدي.. وقال لرجال الأمن: (انهزم ما موجود.. وبعد أشهر اعتقل صدام في مكان أخر).
اعتقاله:
في الخامس عشر من أيار 1969 اعتقل رشيد مصلح.. وكان مصلح على علاقة وثيقة بأحمد حسن البكر.. وكان يلتقيه في منزله في منطقة علي الصالح عامي 1967 و 1968.. وكان هناك تجمع شبه سياسي في مواجهة عبد الرحمن عارف والضغط عليه لتشكيل حكومة وحدة وطنية.. ويضم هذا التجمع عناصر قومية مثل: ناجي طالب وصبحي عبد الحميد.. وكانت لوالدي علاقات مع الجميع.. وفي صبيحة يوم انقلاب 17 تموز 1968 عندما سمع والدي بالبيان الأول قال لنا: (والكلام لنجله) انه صوت حردان التكريتي.. وكان حردان تلميذاً عنده في الكلية العسكرية.
ـ المهم ذهب والدي وهنأ رجال الانقلاب.. وبعد 13 يوما قام انقلاب البعث ضد عبد الرزاق النايف.. بعد ثلاثة أشهر بدأت سيارات الأمن تراقب بيتنا.. ظل والدي منزعجا.. وهو يعرف ماذا يعمل رجال الأمن فهو وزير داخلية.. بعد أيام اتصل صدام هاتفيا بوالدي.. ورد عليه والدي: “انتم غير أوفياء.. ما هذه المراقبات”.. فردً صدام: “تعرف أبو قيس تقارير كثيرة تكتب عليك”.
ـ لم يستمر الوقت طويلاً.. اعتقل رشيد مصلح بتهمة المشاركة بالمؤامرة الرجعية.. وعذبً بقسوة واهين في قصر النهاية.. حيث يذكر عبد الكريم فرحان.. من التيار الناصري ووزير الإرشاد في وزارة طاهر يحيى في مذكراته التي نشرها في كتابه ” حصاد الثورة “: نودي على طاهر يحيى ورشيد مصلح.. وبعد نصف ساعة نودي على نافع وفتح الحارس باب زنزانتنا ومضى نافع يتبع الحارس.. لم استطع النوم.. وكنتُ أتوقع أن استدعي (أنا) أيضاً وجاء نافع بعد أن تقدم الليل وسألته لماذا طلبوكم ؟ قال: كان التلفزيون مفتوحاً وظهرت على شاشته راقصة مصرية جاءت الى العراق بمناسبة ثورة 17 تموز فطلب ناظم كزار من طاهر يحيى ورشيد مصلح إن يرقصا مثلها.. ثم قال لي أرقص أنت أيضاً.. قال نافع: أجبته لا اعرف الرقص.. وإنما سأقرأ لكم نشيداً باللغة الألمانية وقرأت النشيد.
ـ يبدو أن رشيد مصلح وصل إلى نهاية الطريق فلم يحتمل التعذيب المستمر فطل من على شاشة التلفزيون العام 1970 ليدلي باعترافه بالتجسس لصالح العدو.. ظلت عائلة رشيد مصلح لا تعرف أين هو منذ اليوم الأول لاعتقاله حتى تشرين الثاني 1969.. عندما عرفوا انه في سجن بغداد.. أخذت عائلته تتصل به وتزوده.. ويقول وائل نجل رشيد مصلح: كنا لا نتوقع من احمد حسن البكر صديق العمر لوالدي أن يعدمه.. واتصلت والدتي بعد صدور حكم الإعدام بأم هيثم (زوجة البكر) ورجتها تخفيف الحكم.. بعد فترة اتصلت أم هيثم بزوجة مصلح وهي تبكي وقالت البكر رفض بشدة وتوسلت إليه حتى قبلت حذاءه.. فردً عليً: (أنت معليج)! كما إن قيس نجل رشيد مصلح كان في القاهرة.. اتصل بالسيد أمين هويدي الذي كان آنذاك سفير مصر في العراق.. وبعث المرحوم جمال عبد الناصر مبعوثاً له إلى بغداد هو (حسن الخولي) الذي قابل البكر.. لكن البكر لم يستجب.
إعدامه
ـ اتهم رشيد مصلح بمؤامرة عبد الغني الراوي.. وتعرض للتعذيب في السجن.. ففضل رشيد مصلح الموت على استمرار التعذيب فظهر أمام شاشة التلفزيون العام 1970 معترفا بالتجسس لصالح العدو. وفي 21 كانون الثاني 1970 كشفت الحكومة عن محاولة عبد الغني الراوي الانقلابية.. وفي يوم 22 كانون الثاني 1970 نفذ حكم الإعدام بستة وثلاثين ضابطا ومدنيا.. بينهم سبعة من المتهمين بالتجسس للمخابرات الأمريكية.. كان من بينهم عبد الغني الراوي.. مع اللواء الركن سعدون حسين واللواء الركن إبراهيم فيصل الأنصاري.. ورشيد مصلح.. علما أن الأخير نفى التهمة أول مرة.. واتهم أحمد حسن البكر وصدام حسين بتلفيق التهمة.
ـ اتصل بنا مدحت الحاج سري.. وابلغنا بالخبر.. وذهبنا جميعا لزيارة والدي الأخيرة.. ويقول وائل: (مسكَ والدي القرآن.. واقسمً أن لا صحة أبداً لشيء اسمه تجسس).. وأضاف: (أنا خدمت البعثيين.. لكنهم غدروا بيً).. وبعد أن خرجنا.. تم إعدام والدي في الساعة السابعة صباح ذلك اليوم.. وتم دفنه في مدينة تكريت!!