وجهك مغسول بالطين ، ومتروك كما جرح قديم ليجف . بينما وجهي عربة معطلة في طريق مهجور . صدري مثخن بالجراح ، وشفتاي تطوف بوجع البارحة على شرفة الليل . كيف ألملم دموعي اليابسة على أثر خطاك ؟ وأحكي للمارة أنك حبيبتي . ولم تجمعني بك سوى رسائل مكسورة الخاطر . وقلب مملؤ بالحكايا الحزينة . اكتب لك بكل إنكسار وأعرف ان البريد معطل وأن حروفي إليك معجونة بالملح . وأن حنيني إليك ممدود على مدى القلب المتعب . اضغط على الحروف فتنساب من بين الأصابع . ارسم للأقدام طريقا إليك فتضيع . انام واصحو على شاكلة واحدة ، في فوضاي الأزلية . كأنني كائن خرافي مشبع بالألم ، لم تستوعبه الأغاني ولا الحكايات . مأساتي انني عاشق . تورط بعينيك طويلا ولا قدره له على الصمود امام احزانه . كنت اسعى معك لإفراغ ما ملئتيني به طوال تلك الخديعة ، كأنني اعيد شحن غدد البكاء اليابسة واعيد ترميم الأعصاب التالفة . بعد كل ذلك الشجن ، صار نصيبي الأكبر غيابك . لست ادري كيف اطرد عطرك من زوايا الأمكنة ولا اعرف كيف اتجاهل ثوبك الأزرق وهو يدعوني لمعمعة الرحيل . سيدتي لست املك سوى شبح ابتسامة غائبة ، احتمي فيها من ضربات الحزن الموجعة . فلا تلوحي بالغياب ، لإن الشفاء منك شعور فضفاض . ألم تقولي إنك ( نجمة تضيئين حياة الآخرين دون أن تنتظري احدا ليقول شكرا ) أين غاب احساسك هذا ؟ لم تكتبين كلاما مؤنث العبارة وتستوحشين ؟ . بقدر استمتاعي برسائلك ها أنذا اتعذب بك الأن . انكفئ على نفسي طويلا ، كأنني أختار مكان أمن للحزن ودرفة للبكاء الصامت . أضع رأسي على الكلمات وأشكو لها غيابك المفجع . يا سيدتي كل التفاصيل تعذب . صمتك الطويل خلف الهاتف . فساتينك حين تغفوا على كتف بعيدة . وجهك حين يتقاسمه غيري . وحروفي حين ابلعها دبابيس لنسيانك . كيف أرمم خراب الذاكرة المسكونة بوجودك ؟ وأنقذ ما تبقى مني قبل قدوم المغيب . هل يمكن لشاعر أن يكتب رسالة في دفتر النار ؟ وذاكرته ملقية في مهب العواطف . ان امرأة تجيء لترحل هي امرأة تملك ما يكفيها من مبررات الرحيل , ورجل يكتب اليها هو رجل تمرس على السير فوق احزانه دون جهد . متى يولد الحب اصلا ، عندما تأخذ السماء لون المخاض الأول ، ويصبح صوت الشاعر عورة ويتكاثر على النافذة الوحيدة كل العيون التي يمكن أن تسعها أرض وتحدق في النهايات اللذيذة . عندها يصبح للكتابة طعم مختلف ، وكأن الحروف قررت أن تهب نفسها دفعة واحدة فتتزاحم على الورق المتعب بينما العاشق يغيب طويلا . هل يمكن لرجل ولد عند حافة امرأة ، قادر على استيعاب غيابها بكل أناقة ؟ لا أدري . فالتاريخ اثبت أن العشاق النخبة كانوا اكثر منا دمارا وتشظي . وتلك هي صورة الحب الأولى . فيروزتي المتعبة اكسري حاجز الخوف ، حطمي أواني القبيلة الزجاجية وتعالي . لا صبر لي على القطيعة . اتركي خلفك غيابك واصنعي لي حضور يضاهي غربتي .