22 ديسمبر، 2024 1:30 م

قصة قصيرة
رسالة
. بعد أن استقرت على كرسيها واحتست قهوتها أخبرتها السكرتيرة ان احد زوار العيادة ترك لها رسالة من دون أن يعلن عن نفسه أو ينتظر قدومها ثم وضعت المظروف أمامها وخرجت .
. بعد معاينة جميع المرضى الوافدين حصلت فترة سكون في العيادة فمدت يدها بهدوء للمظروف ورفعته إمام ناظريها فرات بوضوح ختم الصحيفة من غير اي إضافات اخرى وأخرجت الرسالة لتقرأ..
( د ميس حسين
مساء الخير
انا الصحفي سالم حاتم كلفت بإجراء حوار صحفي معك حول أسباب تردي الوضع الصحي للمصابين بالانفلونزا جراء التغيرات المناخية
ان كنت راغبة بإجراء الحوار حددي الزمان والمكان وهذا رقم هاتفي .
شكر )
أعادت قراءة الرسالة أكثر من مرة وحاولت العثور في ذاكرتها على صورة لهذا الصحفي الذي عد حروف رسالته ببخل واضح لكنه رتبها بدقة لتكون لا تقبل غير القبول أو الرفض فلم تجد فاستعانت بالشبكة العنكبوتية وشاهدت له الكثير من الصور مع شعور انها رأت هذا الرجل الذي كان اسن منها قليلا مما دفعها للاتصال به وتحديد موعد اللقاء بعد يومين في عيادتها بعد خروج آخر زوارها .
. في اليوم الموعود اختارت طقم ملابس محتشم وعطر الياسمين و ( مكياج ) خفيف ليغطي آثار الارهاق اليومي وبعض التجاعيد واستعجلت الساعات للجلوس إلى هذا الصحفي وسماع أسئلته والمقارنة بين مظهره وجوهره وتمنت ان لايخيب حدسها فيه وان يكون محاورا عميقا وليس ببغاء مثل بعض زملائه الذين يعباون بالأسئلة ثم يجترونها بقرف .
. دلف إلى العيادة قبل الموعد بنصف ساعة حاملا في حقيبته كل ما يحتاجه محاور وجلس بهدوء بين المرضى من دون أخبار السكرتيرة بحضوره وبدأ يراقب المكان لمعرفة ذوق صاحبته وتحدث مع بعض زوار العيادة ثم راقبها وهي تودع أحد المرضى عند باب غرفتها فراها انيقة اقرب ما تكون إلى عارضة أزياء وجميلة كاميرة وخجولة وهي تغطي فمها بكفها عند الابتسام ومحتشمة بحيث لم يظهر لها ساق أو شعر أو مفاتن جسم أخرى وداخله جراء ذلك خوف خفيف جعله يراجع أسئلته في عجالة بين حذف وإضافة.
. عند دخول آخر مريض للمعاينة نادت على سكرتيتها وسالتها .. هل وصل الصحفي ؟
فاخبرتها ان هذا آخر المراجعين ولا يوجد في الصالة غير رجل آخر بأناقة لا تلائم أوضاع المرضى وأظنه رفيق المريض الجالس بين يديك فنفى المريض أن يكون رفيقه وأخبرها انه جاء منذ نصف ساعة وكان قليل الكلام كثير الالتفات فضحكت واخبرت السكرتيرة انه هو اذهبي له وتأكدي ثم قومي بالاعتذار وواجب الضيافة وارجعي لي .
. بعد خروج المريض الأخير تخلت عن مريلتها( الصدرية ) والقت نظرة على المرآة واصلحت ملبسها وخرجت منتصبة كرمح متهادية في مشيتها كمهرة عربية ولما رآها هب واقفا ..
. مساء الخير د ميس
. مساء الياسمين استاذ سالم
وصافتحته فشنف انفه عطرها واثارته نعومة كفها ورقتها ثم قادته من يده إلى غرفتها وتجاذبا اطراف الحديث لكن ما أصابها بالذهول انه لم يجري حوارا معها بالطريقة المتعارف عليها إذ لم يوجه لها أسئلة صريحة ولم يستخدم ورق وقلم كما لم يقم بتسجيل الحوار وعندما نهض مصافحا وشاكرا ومودعا لها سالت باستغراب ..
. ومتى تجري معي الحوار استاذ ؟
. ماقمنا به للتو كان من اجمل الحوارات التي قمت بها
. لكنك لم تدون ولم تسجل ولم ترتب الأسئلة هل حوارك يكتفي بصورتي معك فقط ؟
. لقد اصغيت لك بكل مشاعري وحفظت كل كلمة وحرف او تنهيدة بدرت منك وما الصورة الا دلالة على اننا كنا معا في مكان تموت فيه ألامراض وتولد عافية ..
كانت السكرتيرة تراقب الوضع مذهولة من التجانس الذي حصل بين الصحفي و ( الدكتورة ) ومستغربه كيف يتحول الحوار الصحفي الجاف إلى حوار يرقى إلى حوارات العشاق وعندما خرجت معه لتوديعه حركت السكرتيرة رأسها بطريقة جنونية وكلمت نفسها قائلة ..
لا أدري هل ( الدكتورة ) هامت بالصحفي عشقا
أو أن الصحفي وقع في غرامها ؟