19 ديسمبر، 2024 12:50 ص

رسالة وجدانيه إلى شهيد الوطن في ذكراه

رسالة وجدانيه إلى شهيد الوطن في ذكراه

لن نرثيك ياشهيد الوطن ورمز شموخه وإبائه وكريم ما أعطى بنوه, شهامة ورجولة ونزاهة ووطنية وإخلاص ,فأنت اكبر من كلمات الرثاء ,واسما من غرر القصائد وقوافي الشعر,لكن ذكرك يقض مضاجعنا, ويوخز في ضمائرنا, ألما والتياعا وحسره,فنرثي أنفسنا ونتأسى لعثرات حظوظنا ,ونكد أيامنا, لكوننا سهونا  إسرافا وإغفالا عنك, وفرطنا بك, ولم نحافظ عليك, فكان الأولى بنا, إن نضمك في احداق عيوننا وان تستوطن محاجر قلوبنا وعقولنا, لنحرسك من مكر المارقين وسموم الحاقدين, الذين استبطنوا الغل يعشش  في نفوسهم سنين عمرك القصير بين أحضان من أحبوك, وألفوا القرب والاحتفاء بك,فاستغفلوا غفوتنا  في عتمت الليل, ليتسللوا إلى عرينك, ويخمدوا نورك الساطع, وطيفك المنير من سمائنا ويحيلوا زهو ربيع ثورتنا ,وطلاوة ابتساماتنا, وسحر ليالينا ,إلى ارض موحلة جدباء تضج بالحزن وتتشح بالسواد .
فما اصدق نبوءتك, قبل ان تمتد إليك يد الغدر والجريمة, لتسكت آخر تنهيدة من صوتك الهادر الجهور((من إنني ذاهب لكنني لا ادري ماذا سيحصل من بعدي))وها هو عراقك ياصديق الفقراء يٌصدّقٌ مقولتك ,ويعزز نبوءتك.
 فمنذ ان تركته,  أضحى عرافا غارقا يسبح في بحور الظلام والخراب  تتناهبه الشحناء والثارات والفتن, ونزيف الدم مدرارا يأبى الانقطاع من نحور أبنائه, وحروب تلد أخرى, وملايين من الشهداء والأيتام والأرامل وشعب مشرد خائر القوى تتناهشه الأعراق والبلدان,’’ ولم يسلم حتى أولائك الذين انقضوا على قطع أنفاسك وإطفاء شعلتك, لاحقهم القصاص فصفوا بعضهم بعضا, لكنهم لم يستطيعوا إخفاء جذوتك, وطيبة معدنك, ونقاء سريرتك, وشجاعتك, وضميرك الصافي في إخلاصك وحبك لوطنك حيث ارتدت إليهم سوأتهم, حين عٌميتْ قلوبهم وإبصارهم, وهم يرموا جسدك الطاهر لتحتضنه مياه دجلة, فخاب ظنهم البائس بفعلتهم النكراء هذه التي أرادوها ستارا و تمويها على العراقيين, حتى لا يهتدوا إلى قبرك ,وما دروا ان جسدك لا يسعه قبر, ولا يستقر في قاع , فقلوب العراقيين وأرضهم ومياههم قبرك,    وموطن رفاتك ,حيث تتجذر روحك, فتضفي على شطآن رافديه وسهوله وروابيه ,حيوية وخصوبة وازدهار, ولتغدوا خصالك ومزاياك رحيقا وشهدا يتغذى عليها العراقيون جيلا اثر جيل .
وها هي أقلام من اغتالوك, وتأمروا عليك, يوقظهم اسمك وعنفوانك,  وزعامتك وتفانيك من اجل شعبك, فتندب حظها ضمائرهم ,وتشعر بخطيئة جرمها وانعدام بصيرتها, والغل الذي اعتمر في نفوسها, يوم جحدتك وتنكرت, لما قدمته من تضحيات وانجازات وخدمات  عجزت كل النظم التي تعاقبت على العراق من بعدك ان تقدم النزر اليسير مما قدمته أنت لشعبك ووطنك رغم قصر فترة حكمك .
فليس غريبا, ان تفرض ألان شخصيتك على عقولهم ومشاعرهم, وأقلامهم ,لا بسلطة القهر والاستبداد كما كانوا يزعمون, بل تفرضها بحب العراقيين وتعلقهم بك, وتفضيلك على كل من لحقوك من الحكام والانظمه, بعد ان بان الخيط الأبيض من الخيط الأسود, وهدئت النفوس وانكشفت الغمة والغشاوة, التي حجبت وجه الحقيقة طيلة هذه السنين فصرت أنت الذي تكتب التاريخ وتمليه على من ظلموك .