12 أبريل، 2024 6:27 ص
Search
Close this search box.

رسالة واشنطن ..حان الوقت أم مضى ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

الأميركان لايعلنون عادة بشكل مباشر عن خطواتهم القادمة ، تلك هي واحدة من مواصفات العقلية السياسية الأميركية ، سياسة إستنفاد الإمكانات الواقعية ومن ثم العبور الى مايسمونه سياسة الصدمة أو الإعاقة ، تجنباً لقوة ضغط الرأي العام الأميركي وقوى المعارضة المتمثلة بأحد الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي!
انهم يبعثون برسائل مشفّرة وعلى المرسل اليه أن يجيد قراءتها و فك رموزها وأسرارها والتعامل معها بإيجابية وحذر أيضاً ، وهي رسائل لها أبعاد ستراتيجية ، بعضها بتصريحات رسمية وأخرى من خلال تسريبات إعلامية !
قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ، انه لا توجد خطط لخفض عدد الدبلوماسيين بمقدار النصف لكن من المحتمل إجراء بعض الخفض وانها لا يمكنها التنبؤ بمقدار الخفض المحتمل في أعداد المتعاقدين.
هل قرأت الحكومة العراقية هذه الرسالة الأميركية الملغومة بـ “لا” و ” لكن” و ” من الحتمل ” و”لايمكن التنبؤ” كدلالاة على إن واشنطن غير راضية على الموقف الرسمي العراقي من صراع واشنطن وطهران ، والذي تجسّد في العديد من المواقف التحفظية لصالح طهران في مجلس الجامعة العربية والمؤتمرات الدولية وقمة العرب الأخيرة..
هل قرأتها على إنها إشارة بعدم ثقة واشنطن ببغداد مرفوقة برفض رسمي من واشنطن لأي وساطة عراقية بين طرفي الأزمة الرئيسيين واشنطن وطهران !، كون العراق بنظر واشنطن الآن يعتبر هو الأقرب الى طهران منه الى واشنطن ، رغم كل التصريحات الرسمية العراقية من إن العراق ” ينآى” بنفسه وله القدرة على مسك العصى من المنتصف !
بعض السذّج في قراءة الرسائل الأميركية قالوا إن سبب قرار التقليص الدبلوماسي هو مالي بالدرجة الأولى ويحاولون تسويق هذه الفكرة الى السيد عادل عبد المهدي لتعمية القراءة الصحيحة للرسالة الأميركية ،ولو كان الأمر كما يسّوقون ، وبينهم مستشارون للسيد عبد المهدي ، لجرى تقليص عقود نحو خمسة عشر الف متعاقد مع السفارة بحسب تصريح أميركي !
وسرّبت الصحافة الأميركية خبر إمكانية غلق السفارة الأميركية في بغداد بسبب إحتمالات تعرض دبلوماسييها الى أعمال عنف ، ورغم عدم رسمية الخبر وإحتمالاته الضعيفة جداً ، إلا إنه من المناسب قراءته بعناية مع رسالة التخفيض الى النصف !
الواضح إن الرسالة المشفرّة بالإحتمالات تقول ، بأن على الحكومة العراقية أن تدير بوصلتها صوب واشنطن أو الكف عن الإستمرار في مغازله طهران علناً في مواجهة حليف ستراتيجي كما في أتفاقية الإطار الستراتيجي أو الإلتزام بما تعلنه عن حياديتها !
مأزق السيد عادل عبد المهدي في قراءة الرسالة هو وقوعه بين نارين ، نار القوى المعادية للولايات المتحدة الأميركية التي تضغط عليه وتتصرف في الكثير من الأحيان خارج خياراته كدولة عراقية ، ونار الرسائل الأميركية الضاغطة هي الأخرى بشكل واضح وصريح ، بإتجاه منع العراق من الإنزلاق الى المحور الإيراني.. وبين النارين عليه عليه أن يرسم سياسة تخدم المصلحة الوطنية العراقية ، وهو مجد وجاد في ذلك بكل تأكيد ..
التقليص الدبلوماسي الخفيف من الرسائل الخشنة في الأعراف الدبلوماسية ، فكيف تكون قراءة تخفيض النصف ؟
والملتبس في الرسالة الأميركية ، هل قالت :
حان وقت إتخاذ المواقف أم إن الوقت قد مضى ؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب