19 ديسمبر، 2024 1:16 ص

رسالة مهمة الى السيد الرئيس ” حيدر العبادي ” المحترم

رسالة مهمة الى السيد الرئيس ” حيدر العبادي ” المحترم

تحية طيبة سيدي الرئيس :
اعرف أن الكثيرين يخشون التحدث إليك ، لم يجرؤا أحد على مصارحة رئيس من قبل ، اعتدنا على التصفيق والتمجيد ، هذا ما تربينا عليه منذ أعوام ، اعتدنا أن ننفذ لا نناقش ، أن نطيع لا نجادل ، أن نطرق رؤوسنا لمن يعلونا منصبا أو يكبرنا سنا وان كان على باطل ، هذه أخلاقيات المجتمع العراقي ، الإطاعة ثم الإطاعة ، لم اكتب هذه الحروف لتقتبس الى الصحف المطبوعة صباح الغد بحثا عن شهرة كما يفعل البعض ، ولا احلم بلقائك كما يظن البعض الآخر ولست متملقا لأنني لم أعرفك شخصيا يوما بل أن معرفتي لك كبقية العراقيين ، رئيسا لحكومة وطن انتمي إليه في هويتي الشخصية وجواز سفري وهويتي الجسدية المتمثلة بالقلب ، ولانني عراقي و نلت حصتي من التشرد والعوز والضياع و ما زلت أتجرع المزيد منها كل يوم قررت التحدث إليك بسطور قلائل ، وهذه رسالتي سيدي الرئيس :
 
بأسم ملايين الأبرياء ، اكتب إليك حروفي الصارخة بالآم المستضعفين ، بأسم بغداد التي أدمنت البكاء وأخواتها ممن اتشحن بالسواد منذ أعوام حزنا واستصراخا  ، سطور معدودة لكنها تفصح بالكثير ، علها تنقل ما أريد البوح به إليك وجها لوجه …
لم نستطع يوما كمواطنين بسطاء أن نلتقي الرؤساء أو الوزراء أو حتى مدير أي مؤسسة صغيرة ، ولم يعتد المسؤول النزول الى الشارع للقاء أبناء شعبه ، إذن كيف نتواصل ؟
قررت أن اكتب إليك رغم إدراكي انك لن تقرأ ما اكتبه لأسباب عدة  تشغلك عن المطالعة والمتابعة كمن سبقك من الرؤساء ، لكنني سأكتب ما أريد قوله أملا بان يصلك ولو بعد حين …
 
للأمانة : بينما تجلس في غرفتك الدافئة ثمة من يرتجف بردا ، بينما يتناول أعضاء مجلس النواب ألذ الأطباق ثمة من يتضور جوعا ، بينما يغفو الوزراء تحت أغطية ناعمة سميكة ثمة من يبحث عن غطاء ولا يجد ، ونحن في مكان يدعى ” وطن ” ، لا نحاسبكم على ما تنعمون به فهذا استحقاق منحكم الشعب إياه بعد أن قرر  إنهاء اللعبة الكبرى ليغير واقع حال فرضته الكتل السياسية التي لا تعد اليوم  لكنه صعق بصدمة الفشل الذريع ، بعد سنوات من القتل والجوع والبؤس توجه الشعب متحديا نيران القنابل الموقوتة ، ليقول كلمته رغم محاولات البعض في الترهيب التي اعتاد عليها منذ أن كان معارضا ، و يبدو أن سنوات المعارضة أثرت في دواخل البعض ليمارس لغة القتل والتفجير حتى وان كان جزءا من الحكومة وليس من المعارضة كما كان في السابق ! 
 
أوجه لك رسالتي لأطالبك ببيان تاريخي ينتظره جميع العراقيين ، بيان يوضح ويبين ويضع النقاط على الحروف ، بيان يضع حد للنزيف والاستنزاف ، بيان يواسي الأرامل و يطمئن اليتامى و يداوي جراح المصابين ، بيان يطعم الجائع  ويلبس العارِ  ويعيد المفقود  ويدفن من وجد مجهولا للهوية ويعيد من غصت به أمواج “ايجة ” ليهرب من موت محتم ، بيان يعيد الكرامة للملايين ممن تحولوا لبضائع تدخل المزاد لتشترى وتباع بأبخس الأثمان فاقدة معنى الكرامة والقيمة الإنسانية .
وهنا أسألك يا سيدي الرئيس ” ألم يعد للعراقي قيمة كبقية البشر  ؟؟؟  “
 
 سيدي الرئيس :
 
هناك من يتهمك بالضعف ، هناك من يسعى لإفشال إصلاحاتك ، هنالك من يصطاد في الماء العكر ليفشل برنامجك الحكومي بخطط خبيثة لتبرير إخفاقاته فيما سبق ، هذا ما يظهر من خلال التصريحات المتشنجة والفعاليات المشبوهة للبعض  والشعب يدرك ذلك جيدا لكنه لا يملك أي قرار ليغير شيء سوى صوت يصدح في ” ساحة التحرير ” التي فوضك فيها .
ندرك جيدا نتائج ومحصلات إصلاحاتك وما توفير الأموال العامة وإعادتها الى خزينة الدولة إلا نتيجة أولية لبرنامجك الحكومي المميز ، لكن ما تبقى أكثر أهمية وخطورة ، يعلم جنابكم جيدا ما وصلت إليه المؤسسات العامة من استشراء للفساد الذي أضحى علنيا بحسب إحصاءات وتقارير محلية و دولية معروفة ، ما تثير حفيظة الشعب وتخيب أمله بعد إعلانه كأوسخ وافسد بلد في العالم ، والفضل في ذلك لمن أدار وحكم العراق لسنوات طويلة ولم يكن همه سوى السلطة والنفوذ وهو لا يجيد إدارة مكتب ، فكيف له أن يدير دولة أو وزارة !
 
فضلا وليس أمرا : أرجوك سيدي الرئيس أن لا تكون كمن سبقك من رؤساء لئلا يكون مصيرك مثلهم ، نعول عليك كثيرا وأملنا بك اكبر وما تفويض النسبة الأكبر من أبناء الشعب إليك اعتباطا أو صدفة ، بل أنها مسؤولية تاريخية وثقة مطلقة يحلم بها كل عراقي شريف يحب وطنه و يفخر بجذوره المتأصلة
أرجوك سيدي ، لا تجامل على حساب الوطن ، لا تسكت على الباطل ، لا تتردد في محاربة الفساد ، لا تخيب آمال الملايين ، حان الوقت لنشعر أن هناك نزيه يحكم البلاد ، حان الوقت لتثبت ولائك لوطنك واهلك من أبناء الشعب ، تدرك جيدا أن رؤساء كثر تحملوا الأمانة ولم يصونوها و كان مصيرهم مخزِ ، ولأننا ندرك قيمتك السياسية والعلمية والأخلاقية فرحنا كثيرا حين تسنمت مهام رئاسة الوزراء وإدارة الحكومة واستبشرنا خيرا حين أعلنت برنامجك الحكومي أمام الملايين من المظلومين الحيارى ، نسبك و سيرتك كفيلان بقدرتك على تحمل المسؤولية وإيصال البلاد الى بر الأمان رغم مكائد البعض ، أوجه لك رسالتي لتكون صفعة بوجه من يشكك بقدرتك أو يتهمك بالضعف المزعوم  ليس تملقا أو استجداءا بل انه نداء عاجل لإنقاذ ما تبقى مما كان يسمى عراقا وإلا سيكون مصيرنا أسوأ مما نعيشه اليوم
 
ندرك جيدا أن المهمة صعبة ، والأمانة ثقيلة  وندرك أيضا انك تنتمي لكتلة سياسية كما بقية المسؤولين ، لكني أرجوك أن تضع الدين والمذهب و القومية والحزب على رف من رفوف مكتبك الذي نقلت أرائكه قبل دخولك إليه ، و رغم احترامنا الشديد لكل ما تنتمي إليه لكن الوطن أهم من كل تلك المسميات ، حين تربط تلك الانتماءات بالعمل السياسي حتما ستسمر المعاناة أكثر فلا داعي لربط الدين أو المذهب بسياسية وطن لمكونات متعددة مع اعتزازنا بكل الأديان والمذاهب والقوميات لكنها أمور شخصية
 
سيدي الرئيس : طلبنا أن تنطلق بتجرد من كل هذه الانتماءات الشخصية وتعمل كعراقي يحب وطنه وأهله وتكون شوكة بأعين من يريد للعراق شرا من خارجه أو داخله ، ندرك انك حين أمسكت بقرار تكليفك بالمنصب كان ثلث العراق مستقطع من قبل العصابات وثلثه تحت سيطرة الأحزاب والثلث الآخر على حافة الهاوية ، ندرك أن خزينة الدولة كانت (صفرا) وان قوانين الحكومة غير معمول بها والدستور يصف مكونات شعبه بأقليات ليميز بينهم عرقيا وما مؤسسات الدولة إلا مجرد مراكز مزايدات ومناقصات وايفادات ، وما الوزارات إلا أماكن للنسبة والتناسب ، ندرك أن الزراعة التي كانت الركيزة الأهم في الموازنة العامة انعدمت و الصناعة الوطنية سحقت على أيدي سماسرة الوزارات للاستيراد و” القبض ” ، أما النفط الذي كان السبب الأول في حروب وإبادة ونهب وسلب فلم يبق منه شيء سوى قطرات قليلة لا تكاد تسد حاجة البلاد لاسيما مع سيطرة الإرهاب على حقول و مستودعات مهمة ومعروفة
 
سيدي الرئيس : نعرف أن البلاء كبير والحل عسير  ، لكن لا مستحيل أمام من يطمح لان يصنع تغييرا ويحلم بإنشاء تاريخ مشرف ، لك القرار وعليك المسؤولية لكني أذكرك ، بأنك المسؤول الأول أمام الله وأمام العالم وأمام الشعب عن ملايين من اهلك وناسك ، ممن وثقوا بك وأمنوك على مصائرهم ، العاصمة أصبحت مستنقعا كبيرا والانبار تحولت لجحيم مشتعل يلتهم الأبرياء ونينوى باتت تحت سكين الغدر و البصرة كالجمل الذي يحمل ذهبا ويتناول شوكا ، ديالى مسرح لجرائم لم تشهدها التاريخ يوما ، أما ذي قار وميسان فاهوارها تستصرخ ومدنها تغص بالعاطلين و ولم تعد بابل مقصدا للسياح كما كانت بل تحولت شوارعها لأهرامات من القمامة ، وما الحدود إلا طريقا عاما لمن هب ودب ، أ تريد وصفا أكثر سيدي ؟
 
أما أبناء الوطن وبناته ، أعزاء نفس و أصحاب دواوين تحولوا لمتسولين ومشردين ، حرائر وأميرات عفة يفترشن العراء بحثا عن مأوى يسترهن ، أطفال يجوبون الشوارع بملابس ممزقة بحثا عن لقمة تسد رمقهم ، مسنون وعجزة يبيتون تحت الجسور و على الجزرات الوسطية دون غذاء و رداء ، شباب بعمر الورد يفرون عبر البحار ليستميتوا فيها و كفاءات علمية تهاجر الى دول أخرى خوفا من الاغتيالات والتصفية المنظمة و ما خفي كان أعظم و افضح ، أي وطن هذا سيدي الرئيس ؟ !
 
الوطن في غرفة الإنعاش يحتضر بعد أن تلقى طعنات سامة ممن ادعوا قدسيته ، فهل ستعيده للحياة بقرارك و بيانك التاريخي الذي ينتظره الملايين أم ستتخلى عنه وتتجاهله كما فعل من سبقك ؟ لنحضر النعش ونودعه الى مثواه الأخير ؟