حتى لا يلتبس الأمر على أحد، المقصود بالمرجع هنا هو كل من يرجع الناس إليه أو إليهم في شؤون حياتهم العامة من رجال دين أو دولة أو أي شخص في موقع المسؤولية.سيادة (المرجع)، قبل بضعة أشهر، دعوتم سماحتكم، سيادتكم، دولتكم، معاليكم، الى الاصلاح، ثم تحول الأمر الى قضية تكنوقراط، ثم عمّت الفوضى والهرج والمرج أرجاء العراق أو ما تبقى منه حتى بات نوري ظهيراً لمشعان، وبتُّ أنا المواطن في حيرةٍ من أمري.ولهذا وددت أن أخبرك بوجهة نظري المتواضعة حول الاصلاح مستوحاةً من معكوس الواقع بصفتي (مراجع) في دوائر الدولة العراقية في كل مرحلة من مراحل حياتي. وأرجو أن يتسع صدركم أو ما تبقى منه للتأمل قليلاً في رأي محايد مثل رأيي، بعد أن باتت دائرة الصراع محصورةً بين سماحتكم وسيادتكم ودولتكم ومعاليكم. الاصلاح بالنسبة لي بصفتي (مُراجِع) هي أن أسير في شوارع آمنة لعلمي أن حدود وطني خط أحمر وسور منيع لا تجرؤ الذئاب على الإقتراب منه. الاصلاح بالنسبة لي هو أن يكون نظام التعليم متطوراً على النحو الذي يضمن مستقبلاً جيداً لأبنائي ويمكنني من تنشئتهم بشكل سليم ليصبحوا مفيدين لأنفسهم ومجتمعهم. الاصلاح بالنسبة لي هو نظام صحي جيد ونزيه ومضمون، يتيح لي العلاج المناسب داخل أرض الوطن بكرامة وإنسانية. الاصلاح بالنسبة لي هو نظام قضائي عادل يضمن حقوقي في وطني بمواجهة كائنٍ من كان. الاصلاح بالنسبة لي هو موظف نزيه لا يأخذ الرشى لقاء قيامه بواجبه. الاصلاح بالنسبة لي هو دخل ثابت مضمون وعملة وطنية لها قوة شرائية أضمن من خلالها حياةً كريمةً بالحد الأدنى لما ينطوي عليه مفهوم الحياة الكريمة. الاصلاح بالنسبة لي هو أن تنئى سياسة بلدي الخارجية بالوطن عن مخاطر الصراعات المحيطة وأن لا تسمح بأي تدخل خارجي إذا كانت مراميه سلبيةً على البلد وشعبه. الاصلاح بالنسبة لي هو أن لا أكون بحاجةٍ لحماية العشيرة والحزب والمذهب والقومية. الاصلاح بالنسبة لي هو أن يكون دائماً جيل الأبناء أفضل من جيل الآباء وليس العكس كما يحدث في هذه الأيام. الاصلاح بالنسبة لي هو أن يكون الدين تحت قبة جامع وكنيسة ومعبد، وأن تكون السياسة تحت قبة برلمان وأن يكون القضاء تحت قبة محكمة. الاصلاح بالنسبة لي هو أن أرى بلدي دائم الازدهار وأن يكون اليوم أكثر إشراقاً من البارحة. وأخيراً وليس آخراً، الاصلاح بالنسبة لي هو ديمومة الخدمات الأساسية من كهرباء وماء صالح للشرب ونظافة في كل مدن العراق.هذا هو الاصلاح من وجهة نظري يا سيادة (المرجع)، فإذا كنتم سماحتكم، سيادتكم، دولتكم، معاليكم ترومون الاصلاح حقاً، فهل شاركتموني تلكم الرؤية؟ أم أنكم بإصلاحكم الذي تزعمون فتحتم على العراق ما تبقّى من أبواب جهنم المغلقة؟ أم أنني كنت محايداً بإرادتي وإرادتكم أيضاً فكانت إصلاحاتكم غير الذي إستوحيته من معكوس وحي الواقع الذي وضعتموني فيه بصفتي (مراجع)؟
