23 ديسمبر، 2024 4:18 م

رسالة  من فوق الماء : الى السيد مقتدى الصدر أعزه الله

رسالة  من فوق الماء : الى السيد مقتدى الصدر أعزه الله

لقد طغى موقف سماحة السيد مقتدى الصدر إعلامياً على كل المواقف والأحداث السياسية في عموم الوسط السياسي والشعبي العراقي ، حيث أعلن الإنسحاب نهائياً من العمل السياسي حفاظاً على سمعة آل الصدر(قدس سرهم الشريف) ومن خلال التمعن في ردود الأفعال نجدها إنقسمت على قسمين :
قسم يطالب السيد بالتراجع عن القرار ليس حباً بالسيد وتياره ، بل بغضاً بكتلة دولة القانون ورئيسها السيد نوري المالكي ، حيث يعتقدون أن هذا الإنسحاب سيصب في صالح ولاية ثالثة للسيد المالكي، والقسم الثاني حباً بالتيار الصدري ومواقفه الوطنية الكثيرة ، ويطالبونه بالإصلاح وطرد الفاسدين من الكتلة الصدرية، ومواقف أخرى لم تظهر للعلن لحد الآن. وأغلب هذه المواقف الصامتة أكيد فرحانه لهذا الأمر ، ولكن كل هذه المواقف أعتبرها سطحية ولم تلامس الحقيقة ، ونحن نسير في هذا المقال على طريقة خالف تعرف ، نعم نخالف المعتاد عسى أن يصل رأينا إلى سماحة السيد مقتدى بكل أمانة ، لأنه حسب إعتقادنا رأي راجح وعاقل وواقعي جداً .
سيدي وابن سيدي مقتدى الصدر أعزك الله وحفظك من ألاعيب السياسة وشيطنتها ، ومحترفي النفاق السياسي ، أود أن أضع أمامك الوضع السياسي في العراق بصورة أخرى ربما لم تخطر على بالك ، وهو أن الأحزاب الدينية التي تتبنى الخطاب السياسي الديني في العراق فشلت فشلاً ذريعاً ، وقد كانت سياساتها وبالاً على الدين وعلى الشعب العراقي، والأسباب كثيرة ، ولكنني أركز على سبب جوهري ،وهو مايهمني من رسالتي هذه .
 أن إنتهاج سياسة الرسول العظيم ، وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) أثبتت فشلها الذريع في زمانهم ، وأقصد فشلها في الإمساك بالسلطة ، لأن السلطة لايمكن أن تستقر في يد أي رجل مالم يستخدم السياسة وألاعيب السياسة ، كما فعل معاوية وبنوا أمية ، وكان آخر الفاشلين من الأبطال من محبي الرسول وأهل بيته الأطهار هو المختار الثقفي حيث أصر السير على نهج سيدنا ومولانا الإمام علي(ع) وكان ماكان من نهاية ثورته المأساوية ، وإنتصار أعداء الإسلام والمسلمين ، وما أعقبها من مجازر بحق أتباعه على الرغم من عدم إطاعتهم له في نهاية مشواره ، سيدي ومولاي إن ما نحتاجه نحن كمسلمين اليوم هو السلطة لكي نحافظ على رقاب الملايين ، وعلى من يحكم أن يستخدم السياسة كي يستطيع أن يحافظ على هذه الرقاب من عاديات أخوة يوسف ، وخير من سار على هذا النهج في هذه المرحلة هم أخواننا في كتلة دولة القانون ، وأبرزهم أخواننا المجاهدون من حزب الدعوة الإسلامية ، وهذا الكلام لايوجد معه تعبير آخر ولاتوجد صورة مخفية فيه ، بل هو الحقيقة التي لابد من القناعة التامة بها ، لأن عدونا لايرحم ، ويفعل كل مابوسعه من أجل النيل من رقاب هذه الملايين ، أعرف أن هذا المنطق ربما لم يخطر على بالك ، نظراً لصغر عمرك السياسي ، وأعرف أن سريرتك الدينية الخالصة والصادقة مع الله كما هو ديدنكم آل الصدر الكرام  لاتتحمل هذا التفكير الكارثي .
ربما لاتعرف أنك وعلى الرغم من كل مواقفك العابرة للطائفية في سبيل التقرب مع الآخر ، ومحاولة كسبه و لكي تحقن دماء العراقيين ، ولكن أنظر لهم في أي خانة يصنفونك ، فكيف بالآخرين من أبناء جلدتك !
إن الأزمة الشرق أوسطية وصلت إلى طريق مسدود في إحتمالية العيش المشترك ، بسبب أحقاد وجهل الجاهلين ، من الذين إرتضوا لأنفسهم أن يكونوا مطايا بيد الأجندة اأقليمية الحاقدة على شعب العراق ، وماعلينا في هذه المرحلة سوى قراءة الأوضاع السياسية قراءة عقلية ومنطقية بعيداً عن العاطفة الوجدانية والدينية ، لأن الدين في النهاية يحرم سفك الدماء ، ولاتوجد طريقة لإيقاف سفك الدماء سوى طريقة توازن الرعب المحلي والإقليمي والدولي ،ودولة الترغيب والترهيب ، فمن يحاول أن يؤذيك ولايجد ضرراً مباشراً عليه كرد فعل سوف يستمر إلى مالانهاية في محاولة تدميرك وتوجيه سهام الغدر اليك، ولن يتوقف عن صنع المؤامرات ، خاصة وإنه يمتلك من الأموال الكثيرة ، التي تستطيع أن تدمر بلدان بكاملها كما حدث مع بلدنا ومع سورية وليبيا ومصر وبلدان أخرى .
سيدي إن إنسحابكم من العملية السياسية أكيد سيصب في مصلحة كتلة دولة القانون والسيد المالكي ، ونتمنى أن يحذوا حذوكم سماحة السيد عمار الحكيم (حفظه الله ورعاه) ولكي نكون اكثر وضوحاً لابد من حجب الصبغة الدينية عن تصرفات وسياسات النخب السياسية التي تدير البلد، لذا نطالب بحل حزب الدعوة الإسلامية وحل المجلس الاعلى الاسلامي وتشكيل حزب وطني موحد يضم كافة الاطياف، هدفه تقديم الخدمة للشعب العراقي من دون تمييز طائفي أو عرقي .
 ونواة هذا الحزب يمكن تلمسها من خلال تحالف دولة القانون الحقيقي مع اطياف غير طائفية في غرب وشمال العراق.  و في النهاية علينا ان نحافظ على الرموز المقدسة في العراق من دون المساس بها وان تبقى بعيدة عن خوض اكاذيب السياسة والاعيبها ، وشيطنتها التي نتمنى ان ننجح من خلالها بالحفاظ على السلطة وان لا نكرر اخطاء الماضي.
سيدي مقتدى اعزكم الله قال لي احد الاصدقاء حينما اطلع على فحوى المقال ان السيد المالكي سيخسر اخرته حينما ينتهج هذه السياسة فهذا مخالف لدينه فقلت له ان الله سيجعل مثواه الجنة لانه اوقف سفك دماء ملايين الرقاب البريئة، فالطلقاء ليسوا بافضل منه.