23 ديسمبر، 2024 8:19 ص

رسالة مفتوحة للقيادات السياسية الشيعية

رسالة مفتوحة للقيادات السياسية الشيعية

لقد ناضل الشعب العراقي وكافح لمئات السنين وقدم من التضحيات ما لم يقدمه أي شعب من الشعوب ، فعانا ظلم وتعسف الحكام وتحمل ضريبتين ضريبة الموالاة لأهل البيت عليهم السلام  وضريبة الحرية والحياة الكريمة التي يتطلع لها أي شعب من شعوب العالم ، فقدم خيرة ابناءه من علماء ومثقفين وتجار وشباب وشابات وشيوخ وعجائز وأطفال أضاحي في طريق تخليص العراق من الحكومات الظالمة الفاسدة الجائرة التي حكمت بلاد الرافدين بالحديد والنار حتى أصبح هذا البلد سجن كبير يعيش في زنزانته أغلب شعب العراق ، وجاء يوم الخلاص واسقط الشعب الصنم وعمت الفرحة في أغلب بيوت الشعب العراقي ورقصت القلوب غبطةً وإبتهاجاً وذهبت الأمال والتطلعات بعيداً في سماء العراق المتفائلة بهلاك طاغية العراق وزوال حكم العفالقة البعثيين ، وتمحورت العيون والأفكار ومن ثم القلوب نحو القيادات الشيعية التي تصدت لإظهار مظلومية الشعب العراقي في المحافل الدولية ، فكنتم الأمل في قيادة العراق نحو غدٍ يحتضن أفعال وأقوال ومواقف وعدالة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في أيام حكمه القليلة ، وقد شاءت قدرة الله سبحانه وتعالى أن تتشابه الإنطلاقتين للحكم من ناحية الرفض من قبل المحيط العربي بالإضافة الى مواجهة الإرهاب ، فكان بني أمية وأتباعهم من قريش ومعاوية في معركة صفين وطلحة والزبير وعائشة في الجمل والخوارج في النهروان بالإضافة الى المنافقين في الداخل كالأشعث وأبي موسى الأشعري ، وكانت إنطلاقتكم كذلك مرفوضة من الحكومات العربية قاطبة نتيجة موالاتكم لأمير المؤمنين عليه السلام فقد دعموا القاعدة وإرهابها الى هذه الايام بالإضافة الى قادة الإرهاب في العملية السياسية ، وبالرغم من تشابه الظروف المحيطة بحكم الإمام علي عليه السلام وحكمكم ولكن لم يكن هناك أي صلة مابين الحكمين بالرغم من إنتماءكم لمذهبه فقد أختارت الأمم المتحدة أعدل حاكم بالكون علي بن أبي طالب عليه السلام ، وبالرغم من عدالته ورحمته وشجاعته لم تصبر الأمة مع علي بن أبي طالب عليه السلام ولكن مع كل الظروف القاسية التي عاشها الشعب في أيام حكمكم ولكنه صبر ودعم وقدم ويقدم في كل يوم العشرات من أبناءه نتيجة سياساتكم الساذجة التي لم تعرف أن توقف نزيف دم هذا الشعب المظلوم ، ومرت السنين والحال تسوء يوماً بعد آخر والشعب يصبَّر بعضه الأخر ويختلق لحضراتكم الأعذار تلو الأعذار ، وأنتم تستغلون كل موقف عانا منه الشعب أو كل ظلم فرضته الحقب الجائرة من أجل تخويف شعبكم به وتهديده بعودة تلك الظلامات عليه فتهددونه تارة بالبعثية وتارة بالنواصب الإرهابية وتارة بعودة الأقلية الى حكم العراق وهلم جرة وهذا كله من أجل أن يتحمل الشعب أخطاءكم القاتلة وفسادكم الذي أصبح من الوضوح كالشمس في كبد السماء ، أخطاءكم وفسادكم أنتم صرحتم بها على أنفسكم والقاعدة تقول ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم، ( ويعلم الجميع أن هناك مجموعة طيبة وأمينة من القيادات ولكن هناك عناوين وضعها أهل البيت عليهم السلام والشارع المقدس حيث قالوا ( رحم أمرءِ جب الغيبة عن نفسه ) وقالوا ايضاَ ( الساكت عن الحق شيطان أخرس فسكوت هذه القيادات عن الحق ومسايرته يدخلون في نفس عناوين الفساد والفسّاد) ، ومن خلال استمراركم بنفس النهج والعمل بالرغم من خروج الشعب ليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر أو ليذكركم بما أقترفت أيديكم فأنتم تحرقون أنفسكم بأيديكم ، لأن الشعب لا يمكن أن ينسى التضحيات التي قدمها عبر التاريخ  للوصول للحكم حتى يحصل على الحياة الحرة الكريمة وهذا الحكم أمام تحدي خطير إذا لم تحكموا العقل على حب الذات والمتعة الزائلة وباقي زخرف الحياة ، بالإضافة الى تشوه صورة المذهب نتيجة فسادكم وسوء إدارتكم وأعمالكم التي يخجل منها كل موالي ومحب لأهل البيت عليهم السلام ، ولكن هل أنتهى كل شيء كلا وألف كلا ما دمنا في هذه الحياة فطريق العودة والتصحيح الحقيقي موجود فهذا إمامنا الكاظم عليه السلام يقول (ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم فأن عمل خيرا حمد الله أستزاده وإن عمل شرا استغفر الله ) ، فعليكم بمحاسبة أنفسكم والعود الى طريق آل البيت عليهم السلام في معاملة الرعية وتطبيق العدل ما بينهم ورفع مصاعب الحياة عن كاهلهم وإرجاع كل حقوقهم المادية والمعنوية والعيش ما بينهم بعيداً عن زخرف الحياة وزينتها الكاذبة التي تبعد الحاكم عن رعيته ، والفرصة أمامكم فغتنموها تعيشون سعداء وتموتون ابطال كرماء وسيكتبكم شعبكم بحروف من ذهب في صفحات قلوبهم كما كتب أبا ذر والمقداد وسلمان وعمار ومالك الأشتر وغيرهم من عظماء الأمة ، ولكن إذا تركتم غريزتكم تتغلب على عقولكم وتستمرون بغيكم وفسادكم عندها ستعيشون فاسدون تعساء وتموتون جبناء خونة وسيضعكم شعبكم في مزابل التاريخ كما وضع عبيد الله بن العباس والأشعث وشريح القاضي والمنصور الدوانيقي وباقي ضعفاء النفوس الذين باعوا أخرتهم بدنياهم ، قال الله سبحانه وتعالى (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) .