في هذا الجزء سنسلط الضوء على القسم الأهم من رسالة مسعود الموجهة للشعب العراقي , والتي اشتملت على جملة من الأكاذيب الفاضحة والباطلة والادعاءات اللامنطقية , فكما بيّنا في الجزء الأول من المقال بأنّ الهدف من هذه الرسالة هو لتبرير خيانته وغدره وطعنه للوطن من الظهر بالتواطئ والتآمر مع أعدائه , وخداع العراقيين بأنّ سياسات رئيس الوزراء نوري المالكي ( الطائفية والديكتاتورية والاقصائية ) هي التي أوصلت البلد لهذا الوضع وهي التي دفعته للمطالبة بالانفصال والاستقلال عن العراق , وقد اصبح ضروريا أن يعرف العراقيون الشرفاء حقيقة هذا السلوك الخياني الغادر المتوارث الذي يجري في العروق , فحين نقول أنّها خيانة متوارثة فإننا نقصد ما نقول , فنوري المالكي لم يفعل لمسعود كما فعل الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم إلى أبيه الملّا مصطفى البارزاني , حين جاء به من الاتحاد السوفياتي معززا مكرّما واستقبله استقبال الثوار الأبطال , بعد أن كان لا يعدوا أكثر من عميل رخيص في جهاز الكي جي بي , وما هي إلا أيام معدودات ليعود لطبعه الغادر وطبيعته الخيانية ويتمرّد على حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم , وكان هذا التمرّد هو أحد أهم الأسباب التي مهدّت للثامن من شباط الأسود عام 1963 ومقتل الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم , ولهذا فليس من المستغرّب أن يتآمر مسعود على الوطن ويطعن الجيش العراقي من الخلف فهذا الرجل أبن ذالك الرجل , وكل هذا من أجل إعادة الروح إلى جمهورية أبيه البائدة في مهاباد , فمسعود لم يجعل علم هذه الجمهورية البائدة ونشيدها الوطني ( أي رقيب ) شعارا للإقليم اعتباطا , بل هو امتداد لتحقيق حلمه وحلم أبيه في إقامة كردستان الكبرى .
خامسا / يتّهم مسعود في رسالته رئيس الوزراء نوري المالكي بالعنت والمجافاة والإنكار والتعال , ويتّهمه بعد أن بسط سلطته الفردية بالتجاوز على الدستور والشراكة الوطنية ونزوعه لاحتكار الدولة والهيمنة على مقدّراتها والانحدار بالبلد إلى متاهات الأزمات المستدامة , ويا ليته ضرب للعراقيين مثالا واحدا لهذا العنت والمجافاة والإنكار والتعال , فلو كانت هنالك سلطة حقيقية يستطيع السيد المالكي من خلالها بسط سلطاته الدستورية والقانونية , لما انفردت يا مسعود بتوقيع عقود نفط الإقليم مع شركات النفط العالمية من غير علم وموافقة الحكومة الاتحادية , ولما تطاولت وسرقت نفط الشعب العراقي وبعته إلى إسرائيل , ولما جعلت من إقليم كردستان دولة داخل الدولة العراقية , ولما تجاوزت على سيادة البلد وسياساته العامة , ولما جعلت من أربيل ملاذا آمنا لكل أعداء العراق والخارجون عن القانون .
سادسا / ويتّهم مسعود في رسالته رئيس الوزراء نوري المالكي بالتجاوز على الدستور والشراكة الوطنية , وانا أتحدى مسعود وحكومته الخارجة على القانون أن يأتي بخرق واحد للدستور قام به نوري المالكي , أو تجاوزا واحدا للشراكة الوطنية , وحين تدّعي يا مسعود أنّ نوري المالكي يصرّ على إلغاء الدستور وتهميش الآخرين وإقصائهم واضطهادهم , فاين هو هذا الإقصاء والتهميش والاضطهاد الذي مارسه نوري المالكي عليك أنت يا مسعود باعتبارك رئيسا لإقليم كردستان ؟ وهل يوجد للحكومة الاتحادية وجود في كردستان ليمارس نوري المالكي من خلاله هذا الإقصاء والتهميش والاضهاد ؟
سابعا / كما تدّعي يا مسعود أنّ المالكي هو من قسّم البلد فعليا , أليست أحلامك المريضة في إنشاء الوطن الكردي هي من قسّم البلد ؟ وتدّعي أنّ المكوّن السنّي عانى هو الآخر من الإقصاء والتهميش وأنك دافعت وتعاطفت مع المطالب الدستورية لهذا المكوّن , مع العلم أنّك تعلم علم اليقين أنّ المكوّن السنّني يشارك بالسلطة بأكثر من استحقاقه ويأخذ من الموازنة بأكثر من حقه , وأصبحت تردد ما يردده الإعلام المعادي للعراق , فهل تريد يا مسعود من نوري المالكي أن يتغاضى عن تجاوزاتك على الدستور والسيادة الوطنية ويسمح لك بانتاج وتصدير النفط من دون رقابة وإشراف من الحكومة الاتحادية حتى يكون ديمقراطيا وغير دكتاتورا في نظرك ؟ أم تريد منه أن يهبك كركوك والمناطق المتنازع عليها خارج السياقات الدستورية التي رسمها الدستور في المادة 140 ؟ لماذا لا تكون شجاعا وتعلن الحقيقة وتقول للشعب العراقي أنّ نوري المالكي قد اصبح عائقا حقيقيا أمام أحلامي وطموحاتي في إنشاء الوطن الكردي في شمال العراق ؟ وهل تعلم يا مسعود أنّ الملايين من العراقيين مستّعدين أن يضحوا بالغالي والنفيس من أجل وحدة العراق وصيانة نظامه الديمقراطي الذي تريد الخروج عليه والانفصال عنه ؟ ألم يدعك نوري المالكي للحوار والاحتكام للدستور ؟ .
ثامنا / أما موضوع مشاركتك من عدمها في الحكومة العراقية القادمة فهذا أمر عائد لك , ونتمنى أن تكون يوما عند كلامك وتعلن الانفصال الذي تهددنا به , وبخصوص سحبك لوزرائك من الحكومة الحالية نتمنى أن يكون قرارك أوسع من هذا وتسحب كل النوّاب الأكراد ايضا وتفرغوا بغداد من قوّاتكم التي باتت تشّكل خطرا على النظام القائم , وهنالك أمر مهم يجب أن تعرفه أنّ العلاقة بين الشعب ونوري المالكي كالعلاقة بين الجسد والروح , فلا يفصل بينهما سوى الموت .