تستمر عملية طوفان الاقصى ويستمر معها تخبط الكيان الصهيوني ،فتتوالى هزائمه العسكرية ،وتتعرض جيوشه وقواته للمزيد من الانتكاسات المعنوية ، العملية بكل فصولها هي جر المحتلين لمواجهة مباشرة مع المقاومة الفلسطينية الباسلة ،لأن دخول جيش الاحتلال إلى غزة بسبب هذه الظروف والهزائم المعنوية، اشبه بعملية انتحار اثبتت حسابات المقاومة انها ستكون. بمثابة ضربة لنتنياهو ، الذي سيسعى لتحقيق تفوق عسكري ميداني،وهو امر لن يتحقق بسهولة و بعيد المنال ايضا ، لقد صدقت وعود المقاومين فأوقعوا الصهاينة في فخ الحرب البرية ،والتي شكلت بدورها “مفاجأة ثانية” ليس لجيش الكيان الصهيوني العاجز فحسب، بل وللمخطط الامريكي ،الذي رسم سيناريوهات اقتحام غزة ،و تحول الى اضحوكة ،حيث لم تفلح محاولات غسل عار هزيمة الجيش الصهيوني خلال عملية طوفان الأقصى بل تلقى صفعة ثانية عززت بين صفوف جنوده هذه الهزيمة.
لقد راهن المقاومون الشجعان على عزيمتهم واستعدادهم وصبرهم وتحملوا قصفا وحشيا استهدف حاضنتهم الشعبية واهليهم طوال ثلاثة اسابيع ،عمد فيها طيران العدو لممارسة اجرامه بأبشع طريقة ممكنة ،عبر مهاجمة العزل في منازلهم وقتل الاطفال والشيوخ والنساء وقصف المرضى والجرحى في المستشفيات وغيرها من الجرائم التي تضاف لسجل مجازره و ارهابه ،فكان الصمود عنوانا لشعب يرفض الذل ويفضل الموت بكرامة على العيش محتقرا تحت حكم الاحتلال ، وبالنظر إلى ان زمام المبادرة لازالت بيد المقاومة الفلسطينية ومع كل تلك المحاولات التي اعقبت صدمة 7 تشرين و التي بذلها الكيان للنيل من المقاومين ، ولم يفلح حيث حول ليوثها صفحة الهجوم البري الى كابوس ،بفضل التخطيط الجيد الذي لم يترك المجال امام العدو المتغطرس لالتقاط انفاسه واستعادة شيء من كبريائه الزائف ،كما لم يتركوه ومن يقف خلفه يسلبهم صمودهم و نصرهم ،نعم لم يكن امام هولاء القتلة خيار سوى خوض معركة شاملة لاجتياح غزة ،فأنساق نتنياهو واركان حربه الموتورين خلف هذا الوهم ليقعوا في الفخ ،حيث كان بانتظارهم جحيم جربوا ويلاته سابقا في مارون الراس ،ليواصلوا الهزيمة والسقوط المدوي ،بتلقي المزيد من الضربات ويواصلوا مسلسل الهزائم.
ان الاثار العميقة التي تركتها عملية طوفان الأقصى على البنية الامنية والعسكرية لجيش الاحتلال ومع ما ثبت من فشل وتراجع يهدد الكيان الصهيوني بالزوال بات حقيقيا و ليس مجرد امنية ،ولعل فشل المحاولة الاولى لتنفيذ الهجوم البري على غزة ،وتكبدهم الخسائر بالارواح والمعدات يؤكد هذه الشكوك ويعمقها ،ويأزم الاوضاع في الاراضي المحتلة ويعقد صراعات اجنحة حكومة الاحتلال ،مما يقود لصراعات ونزاعات داخلية في اروقة المؤسستين السياسية والامنية.
ان نصر المقاومة بكل فصائلها ومجاهديها وابنائها وشهدائها ،سيجعل المستوطنين والمهاجرين الصهاينة يعيشون حالة الرعب الدائم وعدم الاستقرار ،صحيح ان الحرب لم تضع اوزارها بعد ،الا ان مفاجأت المقاومة وامتلاكها القدرة والسلاح والردع بهذه الكيفية ،يعني تحقيق ذلك الخرق الكبير في جسد الكيان الغاصب ،واعادة القضية الفلسطينية للواجهة ما ينسف كل الاتفاقات الاستسلامية السابقة والتسويات التي صادرت رأي الشعب الفلسطيني ، فهذا النصر رغم كم التضحيات الكبير وجبن العدو وتلذده بأستهداف المدنيين ،يشير لمعطى هام يتمثل بالأصرار على مواصلة الطريق نحو استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة ،و هزيمة مخططات تصفية هذا الشعب ،ودفعه لمغادرة أرضه ومصادرة تاريخه وارتباطه بوطنه ،و الذي قدم في سبيله التضحيات الكبيرة دما ودموعا وحصارات وعزل عنصري ، سيواصل الصهاينة عدوانهم بلاشك ونقول بضرس قاطع “أنهم سيهزمون” وسيبحث نتنياهو عن طريقة للايحاء بالانتصار وتبرير سلسلة الهزائم التي لحقت به وبجيش الاحتلال،وبعد انتهاء الامور والتسليم بهذا الفشل ،بوضع حد لهذا الاستهداف الغاشم الذي يشنونه لتركيع غزة ،فأن فصلا جديدا سيكتب في تاريخ القضية الفلسطينية ،يؤسس لهزائم اخرى قادمة للصهاينة ولمشاريعهم التوسعية ،واحلام فرض كيانهم العنصري العدواني المسخ في المنطقة ،عبر التطبيع وعقد الصفقات المشبوهة مع الانظمة العربية الخائبة .
لقد ولى زمن الهزائم ،وما نعيش اليوم زمن اخر وعهد جديد تكتب فصوله انتصارات المقاومة وصمود غزة وكل الاراضي الفلسطينية العزيزة ،وابنائها الاحرار فقد مثلوا بحق بصمودهم وشجاعتهم رأس الحربة والمنطلق ،ان ما يؤخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ،واصحاب الحق اقوى حجة ومنطقا من كل المدعين واللقطاء الصهاينة ،ومن يزين افعالهم الاجرامية من العملاء والخونة المارقين ..