23 ديسمبر، 2024 2:36 م

 رسالة علي في التسامح

 رسالة علي في التسامح

مرعلي ابن ابي طالب على كنيسة فسمع احدهم يقول مشيرا إلى الكنيسة بإنه لطالما ثلث الله هنا.فنهره علي وقال له لطالما عبد الله هنا .من ابرز القضايا التي شغلت علي ابن ابي طالب خلال حياته المباركة هي التعامل مع الاخر الديني اوالمذهبي .لذلك اراد ابن ابي طالب ان تكون فترة حكمة ذات اثر عملي لترسيخ فكرة التسامح الديني، فكر الايمان بالاخر وإعطاءه حرية اختيار إنتماءه ودينه،من خلال ممارسة طقوسة الدينية بكل حرية، حتى في الوسط المختلف عنه . وعدم فرض العقيدة الدينية علية بالاكراه .حيث تؤكد الروايات بإن علي ابن ابي طالب حين جعل من الكوفة عاصمة للخلافة الاسلامية كان يوجد فيها الكثير من الاديرة والكنائس ،ولم يقم ابن ابي طالب بهدمها او السماح لاي احد بالتعرض لها .لان تلك الروح الانسانية  الكبيرة ارادت ان يكون التسامح والاخاء الانساني  قبل الاخاء الديني. ويوضح ذلك الكاتب اللبناني المسيحي الكبير جورج جرداق في سفره الخالد عن الامام علي علية السلام الذي جاء بخمسة اجزاء وخصص الجزء الاول منه بعنوان (علي وحقوق الانسان ) اذ يقدم  جورج جرداق فكر علي عن الاخر بصورة إنسانية فريدة اذ يقول(يأبى ابن ابي طالب أن يفرض على الناس عقيدة معينة فيما يتعلق بالدين أو المذهب وفي كل ما له صلة قريبة أو بعيدة بالوجدان الخالص وحياة الانسان الداخلية )ويستشهد  الكاتب جورج جرداق بالعديد من كلمات علي  التي ترسم افق التسامح لديه ومشروعه الانساني الكبير. حيث يقول معلقا على حديث لعلي (من اذى إنجليا فقد اذاني )
لطالما فخر تـأريخنا العربي وهو يسجل في اجمل صفحاتة هذا القول لعملاق التاريخ العربي علي ابن ابي طالب . ثم يسير برحلة حول كلمات إنسان السماء ابن ابي طالب وهو يأمراحد ولاته واسمه معقلا بن قيس :أتق الله يا معقل ما استطعت ولا تبغ على أهل القبلة ولا تظلم اهل الذمة ولا تتكبر فإن الله لا يحب المتكبرين ).حيث يضع علي في هذا النص الجميع سواء امام الظلم وتحقيق العدل ولا فضل لأحد على الاخر .كذلك وصية علي لمحمد بن ابي بكر حين ولاه مصر حيث قال :أوصيك بالعدل على أهل الذمة ،وبإنصاف المظلوم وبالشدة على الظالم وبالعفو عن الناس والاحسان ما استطعت !وليكن القريب والبعيد عندك بالحق سواء ) ما اجملها من وصايا تعبر عن  روح علي ومنهجه النبيل، وطرق التعامل مع الاخر المختلف بالدين. وتستمر وصايا ابن ابي طالب حيث يوصي في عهدا له  لنصارا نجران على ان :لايضاموا ولا يظلموا ولاينقص حق من حقوقهم !))
رسالة ابن ابي طالب تؤكد بإن لكل انسان كرامته، اي كان انتماءة وعرقه، بل ان عليا ساوى بالدية بين المسلم وغير المسلم وهذا امر خالفه رجال الدين جميعا .حيث اعتبرعليا الجميع امام القضاء متساوون بالحقوق والواجبات. واراد لهذا الوصايا ان تكون سنة من بعدة.حيث قال :أموالهم كأموالنا ودمائهم دمائنا !)لذلك يعتبر جورج جورداق ان التعصب الديني والمذهبي بمنطق علي مذموم وهو يغاير ابسط قواعد الحرية والكرامة التي ينادي بها علي وفق منهجة الانساني الكبير، الذي يتألم حين يسمع احدا تعرض لظلم .كما حدث عندما تعرضت مدينة الانبار للاعتداء من قبل احد جلاوزة معاوية ونكل بإهلها. نرى تألم الامام وشدة تأثره من خلال رساله يصف به الحادثة متألما اذ يقول  :ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة ،والاخرى المعاهدة فينتزع حجلها ….فلو أن امرءا مسلما مات من بعد هذا اسفا ما كان عندي ملوما ))
مذهب علي الذي اراده للناس هو مذهب الاخاء والتسامح منطق الكرامة منطق التساوي بالحقوق والواجبات .علي اراد من نصوصة ومواقفة ان تكون رسالة يحملها السائرون من بعده بفكره وسيرتة وحياتة .رافضا بشده منطق التكفير والتعامل مع الناس بمنطق فوقي او حتى بمنطق ان المسلم افضل من الاخر. حيث ذكر ذلك بشكل جلي اذ قال (الناس صنفان اما اخ لك بالدين او نظير لك بالخلق ) المعيار لدى علي سلوك الانسان .ونهج علي  هو رفع الحيف والظلم عن الانسان اي كان لونة وعرقة ودينة .كان الظلم هاجسه الاكبر في صراعه مع قوى الشر التي حاولت بقوة فرض عقيدة الجهل والتعصب وحولت الرسالة إلى وسيلة لتحقيق مكاسبها السياسة. اذ اكد مرار مواجهته للظلم وتحمل المشاق والصعاب من اجل تحقيق العدالة وهو القائل: (لأبيتنّ على حسك السعدان مسهّدا، أو أجر بالأغلال مصفدا أحب إليّ من ألقى الله ورسوله ظالما لبعض العباد أو غاصبا لشيء من الحطام، وَاللهِ لَوْ أُعْطِيتُ الاْقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلاَكِهَا، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللهَ فِي نَمْلَة أَسْلُبُهَا جِلْبَ شَعِيرَة مَا فَعَلْتُهُ).علي اراد للناس ان تجمعهم الفضائل والقيم الانسانية لانها اعمق اثرا واكثر سموا والتي من خلالها تجتمع الصفات الانسانية ويشارك الانسان اخية الانسان الحياة .
ومضة:
“جعل الله سبحانه حقوق عباده مُقدِّمة لحقوقه”