23 ديسمبر، 2024 3:22 م

رسالة عاجلة موجهة الى رئيس الوزراء نوري المالكي من أهل الانبار

رسالة عاجلة موجهة الى رئيس الوزراء نوري المالكي من أهل الانبار

هناك جملة ملاحظات غاية في الأهمية يمكن ان نضعها امام رئيس الوزراء نوري خلال زيارته الاخيرة الى محافظة الانبار ومآخذ  أهل الانبار على هذه الزيارة ، نضعها امامه انطلاقا من حرصنا على ايجاد ( مخارج ) للأزمة وفقا للمحاور التي تم تأشيرها ضمن هذه الملاحظات:
1.   كان يمكن ان تكون هذه الزيارة متكاملة وتؤدي أغراضها وتسهم في حل أزمة الانبار لو ان المالكي وسع من عدد شيوخ الانبار الذين التقاهم ، ولم مقتصر الزيارة على عدد محدود ممن يرتبطون بعلاقة قديمة مع المالكي أو  ممن هم محسوبون على المتحالفين معه في الحرب على الانبار ، بحيث ضمن تمثيلا أوسع لمكونات العشائر العراقية التي لها موقف غير ودي مع المالكي، كان بالامكان استمالتها لحضور اللقاء وبخاصة انه عقد على أرض الانبار في احدى قواعدها الجوية، ما يعكس رغبة من المالكي لانهاء الازمة التي استفحلت واصبح أمر السيطرة عليها يكاد يكون من قبيل المستحيلات.
2.   كان بالامكان بذل جهود مضنية لحضور شيوخ من الخط الاخر ممن لديهم مواقف متعارضة مع المالكي مثل الشيخ علي الحاتم والشيخ رعد العلي السليمان وشيوخ اصلاء من عشائر الانبار مع من حضروا معه في الاجتماع ، لا ان يقتصر الحضور على عدد محدود من شيوخ عليهم علامات استفهام لدى عشائر الانبار، وهم من وجهة نظرهم ، لم يعد يمثلون عشائرها، كما يعتقد أغلب مشايخ الانبار ووجهائها، لكان بالامكان ان يحصل تطور ايجابي يسهم في حل الازمة، اذ كان بالامكان تقليل الخطابات الحادة والمتشنجة والبحث عن مخارج طيبة للحل بدلا من توزيع الاتهامات على اهل الانبار وسياسيها وشيوخها على أرضهم، والعودة الى نفس النبرة السابقة من التهديد والوعيد رغم ان الموقف العسكري في الانبار سيء للغاية وكذلك الموقف الجماهيري وكان يفترض من الجانبين( المالكي وشيوخ الانبار )  ان يقدموا ( تنازلات ) من اجل التمهيد لهذا اللقاء والاعداد له بطريقة افضل وتؤدي الى نتيجة لو شملت الدعوة الجميع، لا ان تقتصر على بضعة شيوخ ليس لديهم رصيد كبير داخل الانبار واصبحوا موضع ( تهمة وشك ) كونهم وقفوا بالضد من ارادة أهل الانبار.,ما اريد ان اقوله ان المالكي كان بحاجة ماسة لايقاف الحرب على الانبار لأن الوضع العسكري في أدنى درجات الانهيار، ويمكن للأزمة ان تخرج عن السيطرة، كما ان وضع عوائل الانبار الحالي غير مريح ان لم يكن مأساويا، والاثنين في ( محنة ) وكان من الافضل من الطرفين البحث عن مخارج للحل تحفظ بقية هيبتيهما، المالكي والعشائر الرافضة لايقاف الحرب، اذ ان العناد المستمر يؤدي الى نتائج غير محمودة، بل وكارثية ان استمر الوضع على هذا المنوال، بدون تقديم ( تنازلات ) ليس من اجل ( عيون ) المالكي ، ولكن على الاقل من اجل من تعرضوا لكل هذا الاذلال من قبل الاف النازحين من الانبار الة محافظات اخرى،  والقصف غير الانساني والذي يتعارض مع مواثيق الارض والسماء ويعد مخالفة صريحة تدخل صاحبها في اتون محاكمات دولية، اذا ما اتسع نطاق الوضع وخرج عن السيطرة.
3.   لايدري شيوخ الانبار على من وافق المالكي من المطالب التي قدمت له وما هو مضمون هذه المطالب ، ومن تلك التي سيحلها ومن تلك التي ليس بمقدوره حلها، ولم يترك لاحد الشيوخ ان يتلو مضمون المطالب التي قبل المالكي الموافقة عليها، وقد كان وعد بها قبل أشهر بتنفيذها مع نفس الشيوخ ولم يتبين حتى هذه اللحظة اين ذهب تنفيذ تلك المطالب.
4.   كان المالكي قبل حربه على الانبار ان يعتمد على رصيد اهل الانبار في ان يحصل على ولاية ثالثة لو احسن المالكي التعامل بإحساس بالمسؤولية ولم يقفل ابواب الحوار معهم ولو استجاب لمطالبهم منذ ان تظاهروا في بداية الاعتصامات، لكنه بقي يسخر من مطالبهم ويتجاهلها الى ان حدث الانهيار الكبير يوم خلع خيمهم وازالها عن الوجود وقال انه سينفذ مطالبهم واذا بهم يتفاجئون بموقف لم يحترم اهل الانبار، وكانت قضية النائب احمد العلواني والطريقة التي اهين بها امام مرأى ومسمع عشائر الانبار مثلت اهانة لكل اهل الانبار وشكلت القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة بين اهل الانبار والمالكي.
5.   لم اترك شخصيا فرصة قبل حدوث التصعيد مع الانبار الا ووضعت سلسلة ملاحظات وخارطة طريق للعلاقة بين المالكي واهل الانبار، اذ كان لدينا قناعة بأن المالكي يمكن التعامل معه، وهو ربما لو اعتمد على اهل الانبار لكان رصيده الشعبي اكثر مما عول على انصاره من نفس المكون الذي وجه له الكثير من الانتقادات لسياساته ومواقفه، وكان اهل الانبار ينظرون الى ان بامكان المالكي في بداية رفعه لشعار ( دولة القانون) أن يكون معينهم في ان يتخلصوا من رعب الميليشيات ، ولو لم يصعد المواقف مع اهل الانبار لكانوا سنده في الوصول الى الولاية الثالثة، اذ لم يكن واردا في حسابات أهل الانبار  ان يظهروا العداء له، كونه كان في نظرهم ( الأفضل ) من حيث نوعية المرشحين الاخرين من التحالف الوطني الذي يمكن الاعتماد عليه في اقامة دولة مؤسسات تحترم شعبها، وتقيم علائق مع الجميع تحترم فيها كرامات البشر بلا اقصاء او تهميش، ولكن هذا الموقثف اصطدم بمواقف متأخرة للمالكي لم يلمس منها اهل الانبار، انها تشكل علاقة ودية معهم ان لم يفسروها على انها تنكر لموقفهم معه ومساندتهم له في بداية حكمه، ثم مضى المالكي في برنامج التعارض مع اهل الانبار بتحريك اطراف اخرى داخل التحالف الوطني هي من ورطت المالكي في ان تخلق هذه الفجوة بينه وبين اهل الانبار.
6.   ان الشيخ علي الحاتم السليمان رجل طيب الخلق ومواقفه شرفت أهل الانبار جميعا، كما ان الشيخ رعد العلي السليمان وشيوخ اخرين من ذوي الحظوة لدى اهل الانبار، كان بالامكان اقناعهم بالحضور الى الاجتماع، والتركيز على ضرورة حضورهم، حتى لو لم يتوصل الاجتماع الى نتائج كبيرة لكنه كان يمكن ان يكسر حاجز ( الكراهية ) وحالات الابتعاد في المواقف والتضارب في الرؤى لو ان المالكي قدر مكانة هؤلاء على انهم هم من يضعون حدا للحرب او يزيدوها اشتعالا، وهم أناس بسطاء لو تم التخاطب معهم بقلب مفتوح وكلمات طيبة ، لكان الاجتماع قد خرج بنتائج كبيرة ، وبخاصة ان الشيخ علي حاتم السليمان كان قد اعرب عن استعداده للقاء المالكي في مضيفه او اي مضيف من شيوخ الانبار والتحاور معه، وكان من المفترض ان يكون تركيز ( المبادرة ) في هذا الإتجاه بدل هذا الشرخ الكبير الذي نجم عن الزيارة ويزيد من تأزم الموقف ولا يساعد في  ايجاد بوادر ملائمة للحل.
7.   كانت الزيارة بحد ذاتها تشكل علامة ( ايجابية ) رغم الهنات التي تم الاشارة اليها، وكان من الممكن ان تكون زيارة ( فاتحة ) لعهد جديد من العلاقة بين المالكي واهل الانبار، لو وضع اعتبار شيوخا الاجلاء من ذوي المكانة على على اناس تنكر لهم اهل الانبار وعدوا لقائهم به ( خيانة ) لاهل الانبار، والمهم ان يتم البحث عن ( الحلول ) لا ( الأزمات ) لأن من السهولة ( إشعال الحرب ) لكن يكون من الصعوبة بمكان ايجاد الظروف لاطفاء نيرانها، وهذا كان على المالكي ان يستغل هذه المناسبة ( زيارة الانبار ) لكي تكون متكاملة من كل جوانبها وتؤدي أغراضها، بدل من انها زادت في الطين بلة، ومع هذا تعد ( الزيارة ) انتقالة نوعية لمجرد ان هناك ( رغبة ) في الحل، لا أن ( يناور ) لأن ( المناورة ) في هكذا ظروف تعد ( كارثة كبرى ) لا أحد يقدر مدى العواقب الخطيرة الناجمة عنها، وان من احدى مكارم اهل الانبار انه لايتمنون ( اذلال ) حتى من يعدونه ( عدوا ) لهم أو هكذا وضع نفسه امامهم، فهم لايتمنون للمالكي نفسه ان يواجه ( الذل ) في العلاقة معهم ولا مع العراقيين جميعا، وهم لديهم احترام لمكانة الاخرين حتى وان أخطأوا بحقهم، لا ينزلوا الى ما لايرضاه الله في العلاقة مع الاخرين، وكان بإمكان أهل الانبار أن ( يحفظوا ماء وجه المالكي )  ويخرج من هذه الحرب بطريقة ( مشرفة ) لانه ليس هناك ( رابح ) في هذه الحرب، إذ ان الكل خاسرون، ففي الحرب يصعب تقدير النصر، وغالبا ماتكون ( الخسارات ) هي السائدة وبخاصة اذا كانت الحرب بين الحكومة والشعب فهذه تكون ( كارثة الكوارث ) ان يدخل الحاكم في حرب مع شعبه، مهما اختفى تحت أي عنوان او مسمى، فموضوع ( الارهاب ) لم يعد مقبولا مع اهل الانبار لأنهم هم من حاربوا الارهاب وهم من يقضون عليه، ويضعون له حدا وهم من إكتووا بنيرانه المحرقة من ارهاب الحكومة التي شنت ضدهم حروبا من الارهاب لايمكن قبولها بأي شكل من الإشكال.
8.   الحل الامثل لأزمة الانبار هو في لقاء سريع يجمع كل شيوخ الانبار مع المالكي على ارض الانبار ويعد الاجتماع الاخير تمهيديا،  والاجتماع لايعد ( خسارة ) بل مكسبا سيسجل للتاريخ على انه العلامة الاكثر انتقالة نوعية في مسار العلاقة حتى وان أخطا الحاكم بحق شعبه فمن الممكن ان يغفر له الشعب  ( شطحاته ) معهم ان قدم لهم ( الاعتذار المقبول) ولبى مطالبهم المشروعة، فسيجد عندا اهل الانبار وقد انغسلت قلوبهم وأزيل عنها الادران، وعادت الى بعض مجاريها حالات مقبولة من العلاقة، تحاول قدر الامكان محو تلك الحقبة الموغلة في الشحن الطائفي  من البغضاء التي سار عليها المالكي كثيرا وكانت هي من اوصلته الى هذه المرحلة التي لاتسر، وبامكان المالكي ان يصلح ما أفسده الدهر ولو بعد فوات الاوان.
9.   كان من المفترض الاعلان عن نهاية العمليات العسكرية في الانبار لدى زيارة الانبار، وسحب قطات الجيش الى مسافات مقبولة، لخلق حالة تفهم مقبولة للحل تقنع اهل الانبار ان هناك ( امكان اصلاح الحال) مع الدولة، والقيام بحملة اعمار سريعة تعقب انهاء العمليات العسكرية تتزامن مع سرعاة اعادة النازحين، وتهيئة اجواء من التصريحات الايجابية ، التي تساعد على ازالة اجواء التوتر والاحتراب.
10.كان من الممكن ان تتحمل عشائر الانبار لفترة شهر تامين اوضاعها الداخلية لحين استتباب الاوضاع في محافظتهم، فهم اهل مكة ادرى بشعابها وهم من يطردون المسلحين والغرباء الذين يريدون اثارة الازمات والتوترات، ويضعون حدا لمن يريد ان يعبث بأمن الانبار ومدنها حتى بدون اشراك القوات المسلحة في هذا الجهد،
هذه هي الملاحظات التي نضعها بين يدي اهل الحل والعقد من الحكومة والعشائر والسياسيين ، نحن كرجال صحافة ومسؤولين امام الله والتاريخ والمباديء العليا يهمنا مصلحة العراق ومصلحة شعبه علهم يتوصلون الى حل سريع لازمة الانبار قبل ان يحترق العراق، ويدخل في اتون حروب طائفية لاتبقي ولا تذر، ويكون بوسع نقيب الصحفيين مؤيد اللامي ان يبذل جهدا اعلاميا واسعا بهذا الاتجاه للقيام بمسعى طيبا بين العشائر ورئيس الوزراء يساعده شيوخا ورموزا معروفة من اهل الجنوب بما يحفظ العراق واهله من تبعات مخاطر لاتبقي ولا تذر .. والله من وراء القصد.