بين معاني الأسف والحيرة ,على ما أهدر من إرث الإقتصاد العراقي, منذ عام 2003 ولغاية إقرار الموازنة, وبين مشاهد الإبداعات والإنجازات, التي تحققت بكل قوة ومصداقية, أجبرت المنافقين والطارئين على الإنصياع لقانون الإعتدال, والإستفادة من دروس الماضي, وتجارب الحاضر, وتطلعات المستقبل الواعد, فعندما تشرق الحقائق ندرك, أن في العراق خيراً وفيراً, كان في أياد غير أمينة, عاثت فيه عبثاً وخراباً.
مما لاشك فيه, أن فيلم التركة الثقيلة, حمل كثيراً من الخفايا والقضايا, على مدى عقد من الزمن, كان نتاجها المزيد من الإنتكاسات والإخفاقات, في المجال الإقتصادي, وجعل من النفط وريث الوزارة, الذي تعتمد عليه موازنة الدولة, بنسبة 90% في حين أن باقي الوزارات, باتت تنتظر نصبيها من هذه العائدات النفطية, على أن الأجدر بهن, العمل والتخطيط, من أجل تقليل الضغط الإقتصادي على الوريث, والأخذ بنظر الإعتبار المتغيرات العالمية, في مجالي السياسة والإقتصاد, فعندما تحضر الإرادة والعزيمة, فلا مجال للمستحيل, لأن الطريق مفعم بالأمل والتفاؤل, بوجود قيادة تضع في الحسبان, جميع الأوضاع الإعتيادية والإستثنائية, وفق رؤية إستراتيجية واقعية متكاملة, ستلقي بظلالها على مستقبل العراق في القريب العاجل.
خطوات واثقة من أجل رفد إيرادات الموازنة, بأموال إضافية من خلال الإهتمام, بالقطاعات الإقتصادية الآخرى كالنقل والسياحة, والزراعة والصناعة, حيث أن العراق سيشهد نقلة نوعية في الفترة القادمة, إذا تم تنويع مصادر الإيرادات العراقية, لا سيما أن الجانب الإستثماري, هو المساهم الأكبر في عملية زيادة واردات الدولة, للقيام ببرنامجها الإقتصادي على أكمل وجه, وبالتالي دخول أموال جديدة على الخزينة العراقية.
يرى المتخصصون لشأني الإقتصاد والسياسة, إن ما يجري في أسواق النفط اليوم, هو عدم توافق الدول المنتجة للنفط, على تخفيض كميات النفط المصدر, وبالتالي فإنه يعد عملاً منظماً, يستهدف إحداث فوضى إقتصادية وسياسية, موجهة في آن واحد, مع العلم أن سوء الأوضاع السياسية في المنطقة العربية, كان من المفترض, أن تخالف المفهوم التقليدي السائد, بإرتفاع أسعار النفط, في حالة الصراعات والحروب.
النفط هو السلعة الوحيدة, التي لا يمكن التنبؤ بمستقبل أسعارها, لوجود عوامل كثيرة جداً تتلاعب به, وأهمها السياسة, (وبما أنك لا تستطيع خلق نهر في الكتاب, فلماذا لا تكتب عن نمر بثلاث أرجل يلعب الهوكي؟ ) كلاهما حقيقة في واقعية خيال أي كاتب, وهذا ما ردده ماركيز, لإعطاء فرصة ثانية للبشر, بأن يعيشوا برخاء وألفة.
كفانا قراءة لمشهد الوراثة النفطية في العراق, ولنبدأ بتصحيح الرسالة العجيبة لام غانم, التي جلبتها الى حجي راضي, ليقرأها بشكل أسطوري, لا يغيب عن ذاكرتنا أبداً, ونقوم بنطق الكلمات, وفقاً لقراءة (عبوسي), الذي هتف بكل شجاعة: نعم للعلم, نعم للعمل الجماعي, وكأني بالإقتصاد في مسلسل تحت موسى الحلاق, يظهر مشاكل متعددة, من زوايا متعددة, فألم الفقير لا يشعر به إلا الفقير, وينادي أصحابه: كثير من الضياع, وقليل من البناء.