18 ديسمبر، 2024 11:29 م

رسالة تلرسون في كتاب الرئيس بارزاني ( للتأريخ )

رسالة تلرسون في كتاب الرئيس بارزاني ( للتأريخ )

تحديد يوم الخامس والعشرين من أيلول 2017 كموعد لإجراء الإستفتاء في إقليم كوردستان، أثلج قلوب المصممين على الدفاع عن الأنفس والمكتسبات وإنتزاع الحرية والتمتع بها، وأثار إهتمام المدافعين عن حقوق الإنسان والحريصين على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، عبرالحوار والتفاهم، والسعي الى التوصل الى الحلول المقبولة. ولكن تم تجاهله من قبل المتجاهلين للواقع وحدوده المعقولة، والخاضعين لثقافة الاستعلاء والتسلط والعقلية الإستبدادية وسوء النية، والمؤمنين بأن العنف يصلح كوسيلة لمعالجة المشكلات.

الرئيس مسعود بارزاني أشار في كتابة ( للتاريخ) الى أنه خلال الفترة التي تلت إتخاذ قرار الإستفتاء. كان البعض يعتبر أن الإقليم ليس جدياً في هذه العملية، ويستعمله كورقة ضغط فقط ضد بغداد. بينما كانت مواقف البعض الآخر تتمحور حول عدم وجود أي مشكلة لهم مع ممارسة شعب كوردستان لحقوقه، وبعضها كانت لها مشكلات مع وقت الإستفتاء.

ولكنK عندما تأكدت جميع الأطراف من جدية إجراء الإستفتاء وتحوله من قضية سياسية الى موضوع وطني وقومي، بدأوا بإطلاق التهديدات وممارسة الضغوط الكثيرة والمختلفة على الإقليم في سبيل تأجيله أو التخلي عنه. دون أن يتعاطوا بواقعية مع الحدث، أو يقدموا البديل المناسب لشعب كوردستان ليتنازل عن هذا الحق المشروع.

كانت ضغوطات ( الأصدقاء كما كانوا يسمون أنفسهم ) متزامنة مع وعيد وتهديدات دول الجوار والأطراف العراقية التي كانت متشبعة بروائح الشوفينية، ووصلت الأمور الى حد محاولة تحطيم إرادة شعب كوردستان وتجاهل عدالة رغباته، وتجريده من حق الكلام ومنعه من التعبير عما يريد.

الموضوع الذي أثار جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام والمراكز السياسية خلال الأيام التي سبقت الإستفتاء والأيام التي تلته، هو رسالة ريكس تلرسون وزير الخارجية الأمريكي الموجهة الى الرئيس مسعود بارزاني، والتي بدأت ب ( عزيزي الرئيس بارزاني)، ذكر فيها مجموعة من الأفكار والمقترحات مقابل عدم إجراء الإستفتاء أو تأجيله.

الرسالة، كما يقول الرئيس بارزاني : (كانت جيدة من ناحيتي الصياغة والمضمون، ولكنها كانت خالية من الضمان المطلوب لكي نستطيع أن نعتمد عليها أو نثق بها، ولكي نتمكن عن طريقها إقناع شعبنا للتنازل عن حقه الطبيعي المشروع). مع كل ذلك، ومع ما كان عند الكورد من مبررات للقلق تجاه الرسالة، تم تقييمها من قبل المجلس الأعلى للإستفتاء. وفي أعقاب الكشف عن الشكوك حول نوايا وإمكانيات صاحب الرسالة في التعامل بشكل مناسب مع التحديات العراقية والإقليمية الكثيرة، تم رفضها ووصفت بأنها لا تروج للإستقرار ولا يمكن أن يعتمد عليها لأنها لا تلزم الجانب الأمريكي بمبادىء مقبولة كوردستانياً.

في ضوء التطورات التي تسارعت في المنطقة، وإستناداً الى خبرته الواسعة، وإلمامه بالأمور الجيوسياسية، وقراءته المتأنية للرسالة، يقول الرئيس بارزاني :

((كان يمكن أن تصبح رسالة تلرسون مبدأً يتضمن بديلاً يقنع شعب كوردستان للتنازل عن الإستفتاء. وبشأن الفقرة التي تحدثت عن تأجيل الإستفتاء لسنتين وقالت إذا لم تفلح المفاوضات مع العراق، في حينه يجري شعب كوردستان الإستفتاء، وأمريكا (تحترم) نتائجه. طلبت من الحكومة الأمريكية تغيير كلمة ( تحترم ) في الرسالة الى كلمة – تدعم — ، لكن الأمريكيون أعفوا أنفسهم من ذلك، وقالوا: لا نستطيع إستعمال كلمة – ندعم — . وأنا بدوري قلت لهم، إذا كنتم لاتستطيعون تبديل كلمة واحدة، كيف تنتظرون منا أن نقنع شعب كوردستان لكي يتنازل عن الإستفتاء؟)).

أما الأحداث التي تلت إجراء الإستفتاء، وبالذات بعد 16/ إكتوبر 2017، والسكوت الامريكي تجاه إعتداءات القوات العراقية والإيرانية والقوات التابعة لحسن نصرالله، وإستعمال الأسلحة والدبابات الأمريكية ضد قوات البيشمركه وشعب كوردستان الآمن، وتماديها في دعم حكومة العبادي، وتناسيها لكل ما قدمه الكورد من تضحيات جسام، وتغريدات ترامب اللامبالية التي كانت تدل على نقص كبير في الخبرة والدراية بأمور السياسة وموازين القوة العسكرية والمثيرة للسخرية لدى الاميركيين قبل غيرهم، فقد أثبتت صواب الرئيس مسعود بارزاني في رفض تأجيل الإستفتاء وعدم الوثوق بالوعود الأمريكية التي ذكرت في رسالة ريكس تلرسون، والإستناد بثقة عالية وقناعة راسخة على شرعية المقصود والهدف.