19 ديسمبر، 2024 1:59 ص

الزمان: انا الا ابتسامه
المكان: وجوه اليتامى
الموضوع/ رحيل
بعد الجاني والضحيه..

كنت اهم ان اكتب اليك منذ اول يتيم, منذ ان اكل الثعلب الماكر ديك الشيخ البائس, منذ ان سمحت لاقدام سلبت بكارة الطين ان تطأ بساط ترابك الاحمر, ذلك التراب الذي غطى اجساد اطهر الخلق بعد هاديك, منذ ان ادعيت انك (الجلال والجمال) وارصفة شوارعك الوعرة تكتظ بالمتسولين, منذ ان قدّمتُ وحدة ارضك على حساب سعادتي فبادلني الشركاء بفعل الاشعري فخلعوا حقي في الحياة والبسوه بأصابع القتلة والسفاحين,

كنت اهم ان اكتب اليك عند كل ذلك انني سأرحل, ولكن ما منعني من الكتابة اليك هو خوفي على جرحك الزينبي من ان يعاود مشاهد رحيل الاحبه بالجملة!

اتمنى على صدرك يا وطني ان يتسع لاحرفي المحبة لك فقد اتسع لكل تلك الاحزمه الناسفه والسيارات المفخخه والالسن العفنة والنهيق البشري..

صدقني يا وطني ان الرحيل عنك لا يبلغ حد المحال, ولكن, اكاد اجزم انني سأراك تنتظرني عند كل المحطات ساتراً عورة اولئك الجاحدين ببقايا قراطيس من تأريخ لم يكن لهم الفضل حتى في اعادة طباعتها! كل ذلك وانت تأنّ بعيونك التي تكاد تتساقط ارامل ويتامى فتمنعها صلابة رجال امضيت عمرك العقدي تبحث عن حامليها بين طقوس الايمان وسقوط (الغمان) حتى اُرهق املك ونحل جسدك وضعفت خارطتك!!

كأنني بك هناك على اول محطة تصارع اراملك ويتاماك على اشفار عيونك بصلابة رجالك العاشورائيين فتسابقك بين ذين وذين عبرة تحرك حزناً وجنتيك وتكسر ظهر شفتيك علامة على حزن دفين صرت تطرب لرائحته وانت مطأطأ حاجبيك, تجر خلفك كل تلك الدموع التي غيرت لون النخيل, فسلبت لونه الجميل.

كل ذلك يا وطني ولم اكتب اليك.. لسبب وحيد, بل لجيش اسباب وحيد,

لم اقل لك انني حزين, خوفاً من ان تطأطأ رأسك الماً فتقع السماء..

لم اقل لك انني مظلوم, خوفاً من ان تسرني ارشيف ظلامات تحفظه لتهون عليَّ,فيجعلني افقد عقلي واتحامل حتى عليك!

لم اقل لك ان بداخلي بركان رفض, خوفاً على لهفة امومتك النقيّه وهي تهرع في شوارع مدني الموحشه بعد كل تفجير واغتيال..

عذراً يا وطني لجرأتي معك فأنت اكثر من يعلم بعد الله بحبي لك الذي فاق حبي لمن جاور علياً في مقبرة وادي السلام, وتأكد ان في قلبي الكثير ولكن (هيهات يبن عباس)!

انا لا اشكك بنهوضك من جديد, ولكنني اخشى ان يحدث ذلك في زمان غير زماننا, اما الان فأنا اتشبث بديمومة حياتك برغم اولئك الطارئين وسأظل امسح التراب عن جبينك ولو كان في يدي خيط عنكبوت..

حفظك الله يا عراق.

أحدث المقالات

أحدث المقالات