منذ فترة كنتُ تواقاً للكتابة عن وزارة الخارجية العراقية ولكني تأملت الواقع ووجدت ان من الانصاف ان تترك فسحة معقولة من الوقت لوزير الخارجية الجديد السيد ابراهيم الجعفري ليتمكن من قراءة الواقع في وزارته بشكل تفصيلي ليكون على بينه عند اتخاذ الاجراءات التصحيحية التي وعد بها الراي العام العراقي. والان وبعد ما يقارب نصف سنة من الممارسة الفعلية له في مهامه من حق الراي العام العراقي ان يرى نتيجة عمله، وان نقيم تقييماً موضوعياً لمدى تطبيقه لوعوده الاصلاحية، دونما التعريض به فبالتأكيد للجعفري احترامه ومكانته ولكن الاداء والعمل قابل للنقد الموضوعي. وحتى لا نتوه في دهاليز وزارة الخارجية فاني ساتناول مواضيع محددة لتقييم مدى تنفيذ الوزير الدعفري لوعوده الاصلاحية،
1. موضوع الشهادات المزورة
هذا الموضوع بالتأكيد كان الوعد الاول للوزير الجعفري والذي اكد بانه لن يتهاون مع مزوري الشهادات وتحت اي ظرف، واذا اتينا للتطبيق نجد ان الوزير الجعفري كل ما فعله ان عاقب عدد محدود من الموظفين من حاملي الشهادات المزورة ممن وفي معظمهم درجات دبلوماسية صغيرة او متوسطة ولم يصل الى الدرجات الدبلوماسية العليا والسفراء، بل لم يحاسب كافة الموظفين من حملة الشهادات المزورة بشكل كامل بل كانت مجرد قائمة انتقائية لعدد محدود،، وواقع الامر في وزارة الخارجية يشير الى ان هناك نسبة عالية جدا جدا من السفراء، نعم من السفراء من حاملي الشهادات المزورة، ونسبة كبيرة جدا من كادر وزارة الخارجية الدبلوماسي والاداري ايضا من مزوري الشهادات، واننا نعلم بان هذا الموضوع غير سهل فالعديد من السفراء والموظفين محسوبين على كتل سياسية، واثارة هذا الموضوع بالتأكيد ستكون له عواقبه من حيث الضغوطات السياسية، ولكن الوزير الجعفري هو من وعد وتحدى اي ضغوطات، وهذا حق العراق دولة وشعباً في محاسبة مزوري الشهادات وابعادهم عن المواقع الحكومية واحالتهم للقضاء، وكما ذكرت اتخذ الوزوير الجعفري اجراءات قليلة ومبتورة ولا تسمن ولا تغني من جوع.
2. تقليص الموظفين الزائدين في البعثات العراقية
من المعلوم ان قضية تضخم عدد موظفي البعثات لها شقين، الشق الاول يتمثل في الزيادة الغير محمودة والغيرلا مبررة في عديد موظفي الخارجية، والسبب الثاني هو في عملية النقل والتي اصبحت مكافأة ومنح ارزاق للموظفين بدل ان تكون تأدية خدمة عامة مطلوبة، والا فما معنى وجود مهدنسيين وحرفيين وغيرهم في البعثات العراقية وهم لا يؤدون اي عمل، مجرد رواتب وامتيازات غير مستقحة، لان القانون اعطى الرواتب والامتيازات مقابل تأدية عمل، وهؤلاء لا يؤدون اي عمل،وبالمناسبة العراق الدولة الوحيدة في العالم التي تنقل مهندسيين وحرفيين وموظفي كومبيوتر الى بعثاتها في الخارج، فلا يوجد اي تطبيق لاي دولة في العالم، وبحساب عرب بسيط نفترض فيه الحد الادنى فان الموظف الواحد يكلف الدولة 8 آلاف دولار شهريا من رواتب وسكن وامتيازات، فهذا معناه ان الكلفة السنوية 96 ألف دولار للموظف الواحد، ولو افترضنا جزافاً ان في كل بعثة موظف واحد فقط من هذه الفئة الزائدة، وعدد بعثاتنا تروب على 100 بعثة عراقية، فان نقل موظف زائد من هذه الفئة من مهندسين وحرفيين وموظفي كومبيوتر وغيرهم، فان هذا سيوفر على الدولة العراقية 9600000 تسعة ملايين وستمئة الف دولار،، ولو قلنا ان هناك موظفين زائدين في كل بعثة فالحساب متروك لك يا سيادة وزير الخارجية،، ونحن في زمن تقشف فعلى الاقل بادر بشيء نحن لا ندعوك الى تقليص الكادر الدبلوماسي ولكن على الاقل الموظفين الزائدين عن الحاجة،، وهذا كان اصلا وعدك فانت وعدت بمراجعة وضع السفارات في الخارج لتقليل الهدر في النفقات. وحسب ما اشيع ان هذا الموضوع رفع للوزير الجعفري منذ شهور ولم يتخذ اي اجراء، فمن يتحمل هذه الخسارة يا ترى؟؟؟ العراق يصرف امواله كيفما اتفق.
وقد وجدت ان من الحكمة ان اكتفي بمقالي هذا بالتطرق الى هذه النقطتين فقط، حتى نمنح السيد الجعفري المجال ليفعل اجراءاته فيها، ثم نراقب مدى نجاعة هذه الاجراءات ونقيمها، وبعدها نتطرق لامور اخرى لا تقل اهمية.
وان كنت يا سيادة الوزير الجعفري فعلا لا تريد الا الاصلاح، فأنا لك ناصحون ودونما مقابل او هدف الا خدمة العراق دولة وشعباً.