23 ديسمبر، 2024 6:03 ص

رسالة الى محمود الحسن: ليس التحضر بالخمرة لكن التخلف بمنعها

رسالة الى محمود الحسن: ليس التحضر بالخمرة لكن التخلف بمنعها

منذ أمد طيب، ونحن أصدقاء، لم ألمس منك سوءا، ولم تتقصد أن تلحق حيفا بأحد.. صحيح أنت ذو شخصية حيادية.. لا تخدم او تنفع سوى نفسك، لكن طيب المعشر، لا ضرر من معرفتك.. ربما مثلما هو لا منفعة من ورائها.
ولمعرفتي بك، أدرك أنك لست ذاك المشاكس الذي يستفز الناس بمبدأ “خالف تعرف” ملفتا الانتباه لشخصك بمغايرة المزاج العام للمجتمع.
ولا أنت بالمتدين الذي يعد حرمات الاسلام قضية في حياته، يذود دونها، متحاملا على من لا يلتزم الشريعة ويتوقف عند إشتراطاتها.
فلماذا تقحم نفسك في الحث على قانون “منع الخمور” متخبطا، في ظرف أحوج ما يكون فيه المجتمع للإنفتاح على التسلية.. بغض النظر عما إذا كانت حراما أم حلالاً،… و”كل نفس بما كسبت رهينة” ما لم تعتدِ على الآخرين.
بالمقابل.. تعرف أنني لست من الشاربين، لكن أدافع عن مبدأ “الحرية الشخصية” وهو مقوم إجتماعي، مكفول دستوريا، المساس به يتنافى مع الديمقراطية التي إستهلت فقرات دستور 2005 بها.
وبالتالي فمواقع تاريخية وبيئية عراقية، درجت على لائحة التراث العالمي، كمحميات دولية، من قبل اليونسكو، وهذا شأن تترتب عليه موجبات، أولاها إطلاق إشتراطات السياحة وفق المعمول به؛ لإستقطاب الإستثمارات المدرة للربح، في سبيل تطوير تلك المواقع لتكون لائقة بإستقبال السواح الاجانب، وتحريك ساكنيها إقتصاديا وثقافيا وإجتماعيا؛ بغية الإرتقاء بها، كسبيل لتحضر البلد كاملا.
ولا تحرجني بالتساؤل: هل التحضر بالخمرة؟ فأجيب: ليس التحضر بالخمرة، لكن التخلف بمنعها.
تلك حسابات أبلغ تأثيرا في الصيرورة النيابية للعراق، من الإطلال على شاشات التلفزيون بمظهر الواعظ؛ إستعدادا لإنتخابات 2017، على حساب حقائق جوهرية في مستقبل العراق، من شأنها التحول بكيانه من دولة مدنية الى دينية تسحق الحريات الشخصية، وتصادر ما هو محلل في شرائع الأقليات.
لا أتمنى للزميل الحسن، ولا سواه من الأخوة النواب، أن يزايدوا عقائديا، بعد أن إستنفدوا سبل المزايدة السياسية، بشكل يربك المنظومة الوجدانية لولاء المواطن، ويضعه في مخايرة، بين شأنين.. أحلاهما مر.. أما إستلاب حريته، او مخالفة قانون “منع الخمور” المستحدث في لحظة تشاطر “بالتفاطين” و”المغالب” والسبق الى إستدرار التعاطف الإعتقادي الأوسع، على حساب الولاءات المحدودة، التي تشكل قشة قاصمة لظهر الدستور، ومن ورائه مستقبل العراق.
فليكتفي مجلس النواب، بما جره على الشعب من ويلات، ويلتفت لقضايا أكثر جدية، في تدعيم أركان عمله النيابي، تنزه الفساد وتقوض أركان الخراب وتنتشل العراق من بحر المعضلات السسياسية المحدقة به، وليدع الخمور لشاربيها، وقانا الله!