23 ديسمبر، 2024 11:41 ص

رسالة الى الوطن المذبوح

رسالة الى الوطن المذبوح

ليست هنالك غربة أكثر من ان يكون المرء مغترباً في وطنه ,وهو يرى جهلة القوم وأقزامهم يتحكمون ببعض مفاصل بناؤك ,والوطن لا حول ولا قوة له ,الوطن يستغيث ونحن نستغيث ,ولا أحد من مجيب لكلانا ,عندما يكون الراعي ذئباً فمن يحفظ الشاة ,نحن نموت حتى يحيا الوطن ,فهل حرمة الوطن أفضل من الإنسان عند الله تبارك وتعالى ,ولماذا لا يموت الوطن في سبيل أولاده,فالأب يضحي دائماً ويستلذ بآهاته ومعاناته في سبيل أن يرى صغاره وأطفاله وهم فرحون يعيشون نشوى الارتياح ,هي وظيفته باتجاهي,كما سأفعل ذلك لأولادي هي سنة الحياة ,ألا في العراق فالوطن يأخذ مني ومن أحبتي وأستنزف جل حياتي بين الآلام وأحزان أكابدها ,وأنا أشاهد من ليس له تاريخ ونضال مشرف ,يأتي من وراء الكواليس ليتسلط على رقابي ورقاب كل الأحرار, أذكرك ياوطني واللبيب تكفيه الإشارة ,كيف تعامل الطغاة معك وكيف أرادوا مسخك وأنت مهبط الرسالات السماوية والأنبياء والمرسلين والمصلحين ,وصمدت وبقيت واقفاً لأن هنالك رجال وليس أشباه رجال يدافعون عنك ويحرسون أرضك ويضحون لحماية أعراض بناتك ,لقد علمت الناس القراءة والكتابة ونظمت حياتهم بقانون ,لتروضهم لحياة الأمان والاستقرار وتبعدهم عن العيش في ظل الغابة البشرية ,ياوطني لقد رفعتك عالياً خفاقاُ ترفرف بين سماء دول عديدة ,وأصبحت الجزء الذي يكمل الكل ,تركتني بين قضبان المستبدين يلعبون بي وبمقدراتي وأنا انتظر فرج منك ,وأنت لا تحرك ساكن هل تقاعست عندما هجمت عليك الذئاب لتنهشك ,بل كنت أول المقدمين دماؤهم,ليس منة مني عليك وإنما هو واجبي لك ,أين واجبك مني ,وأنت تبتعد عني يوماً بعد يوم وترحل عني لتستقر في نفسي خوفاً وحزناً وتمنيت أن لم تلدني أمي بأرضك ,جردوني من إنسانيتي ومن عنفواني تحت سياط الجلادين وهم ما أكثرهم وبأشكال وأقنعة متعددة ,جلادي لديه قدرة التأقلم مع الواقع ,وشماعة القانون هي ذريعته لوجوده في أبعادي عن حضنك الدافئ ومن حنين فؤادك, ياوطني الجراحات كثيرة وكبيرة وتركت شواهدها على قلبي

وجسدي المنهار من الولوج في حبك ,وأنت لست بمحب لي ,لأي عراف سأذهب حتى يحنن قلبك الصخر ولترضى علي ,لم أبخل عليك يوماً ما أعطيتك أعز ما أملك أحبتي والموت يأخذهم مي وهم مقطعين أشلاء متناثرين بين ركام البارود والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ,يذبحونك تحت مرأى ومسمع القاصي والداني ,والقاضي يؤمر بمشاهدتك وأنت مذبوح ليرغم محبيك على ألاذعان له وإعلان الاستسلام ,والرضا بعصر جديد من العبودية ولافتات كتبت عليها عبارات متنوعة الكلام أهمها العراق يحتضر تحت ضربات السيوف والرماح .