12 أبريل، 2024 4:23 م
Search
Close this search box.

رسالة الى الناخب العراقي.. صوتي لمن يستحق

Facebook
Twitter
LinkedIn

ـ كان لوالدي نشاط واسع في فوز مرشحي المعارضة الوطنية في منطقة سكنانا ببغداد في الانتخابات البرلمانية التي جرت في حزيران العام 1954.. وقد اصطحبني معه إلى المركز الانتخابي في منطقتنا يوم الانتخابات.. كان عمري آنذاك 14 سنة.. وكنتُ أراقب الحركة في هذا المركز مشدوهاً.. وشديد الحرص أن أسأله عن كل مالا أفهمه.. أو يثير استغرابي في المركز!!
ـ وفعلاً ما أن بدأتُ أفهم أوليات السياسة أكد عليً (رحمه الله): أن لا أمنح صوتي إلا لمن يستحق.. والاستحقاق هنا كما أفهمي وأوصاني: (أن يكون المرشح وطنياً.. يحبُ شعبه.. ماضيه ناصع البياض.. أي إن يكون تاريخه السياسي والأخلاقي نظيفاً.. وان يستطيع فعلاً أن يخدم الشعب.. ويؤمن ببرنامج شامل في تنمية العراق.. وتقدمه.. واستقلاله).. وأضاف: (وحذاري.. حذاري أن تنتخب عميلاً لدولة أجنبية)..
ـ نفذتُ وصية أبي هذه طيلة حياتي.. وما زلتُ إن شاء الله.. ففي أول تصويت ليً في الانتخابات الطلابية العام 1959والانتخابات الطلابية اللاحقة حتى العام 1962.. كنتُ من المشاركين الفاعلين.. ولم أتغيب عن أية انتخابات.. وكنتُ أمنح صوتي لمن كان يستحق فعلاً..
ـ ومنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي حتى التسعينيات كنتُ مواظباً في الحضور والتصويت في انتخابات نقابة الصحفيين العراقيين كوني عضواً عاملاً فيها.. ولم أمنح صوتي إلا لمن كان يستحقه.. مثلما شاركتُ في انتخابات النقابة بعد العام 2003.. ولم أمنح صوتي إلا لم يستحق فكل المرشحين زملائي في العمل أو في الجامعة.. وكنتُ اختار وفق الضوابط التي أشرها ليً أبي.. فلم أمنح صوتي إلا لمن يستحق.. كذلك في انتخابات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق..
ـ وخلال الانتخابات النيابية أوائل العام 2005 لم أجد وفق ذلك ألاصطفاف الطائفي مكاناً لمن أمنحه صوتي.. وفي انتخابات مجالس المحافظات أوائل العام 2009 كنتُ نرجسياً تماماً.. ولم أجد من أمنحه صوتي وأندم فيما بعد..
ـ خلال الانتخابات النيابية العام 2010 عقدتُ العزم أن أصوت.. لأنني وجدتُ لزاماً على كل عراقي المشاركة ترشيحاً أم تصويتاً.. وبغير ذلك لا ديمقراطية حقيقية تبنى في العراق.. وسيعود الجهلة واللصوص.. وبعض أعداء العراق يتسللون إلى البرلمان.. والى مواقع المسؤولية..
كانت أمامي أكثر من قائمة.. وأكثر من مرشح.. وبعد اطلاع معمق على كل القوائم الانتخابية.. منحتُ صوتي لمن يستحق.. لكن قانون الانتخابات لم يمنح الناخب حرية منح صوته لمن يرغب فحسب.. بل فرض عليه التصويت لمرشح واحد فقط.. مثلما فرض عليه التصويت للقائمة الانتخابية لذلك المرشح.. وبغير ذلك يسقط صوته.. وهذه عملية فرض إرادة الكتلة المعنية على صوت الناخب.. واستلاب صوت الناخب..
ـ الأنكى من ذلك سقط صوتي وأصوات عشرات الآلاف من مثلي.. لان قانون الانتخابات منح المقاعد المتبقية إلى الكتل الكبيرة!! ورؤساء الكتل الكبيرة تختار من يكون في خدمتها.. وليس من حصل على أعلى الأصوات من أعضائها المرشحون.. وهكذا أصبح الكثير ممن لم يفوزوا في الانتخابات.. أعضاء في مجلس النواب.. ويسمونهم ممثلي الشعب.. والشعب لم ينتخبهم.. وخسروا ثقته بهم أصلاً!!
ـ في انتخابات العام2014 وبعد التشاور مع العائلة حددنا من نريد بشخصين من المرشحين المدنيين.. وفازا هذين المرشحين.. لكن صوتهما كان كصوت في بئر عميق.. لا أحد يسمعه حتى من وسائل الإعلام.. إلا لماماً.. ولن يستطيعا عمل شيء.. فأكثرية النواب فرضتهم كتلهم.. والشعب لم ينتخبهم!!
ـ اليوم ونحن ننتظر قانون انتخابات جديد.. نكون على أبواب انتخابات النيابية.. وانتخابات مجالس المحافظات.. في منتصف العام 2018.. حيث يصبح فيها صوت الناخب صوتاً مقرراً في الحياة السياسية.. مما يفرض على كل عراقي يحق له التصويت أن يصوت لمن يستحق فعلاً لخدمة العراق وشعبه.. وليس التصويت على أساس القرابة أو العشيرة أو المذهب.. أو بيع صوته بأبخس الأثمان..
لذا سأمنح صوتي لمن لم تتلوث يديه بالمال العام.. ولا بالتزوير.. ولا بدماء العراقيين بأي شكل كان.. ومن لم يسقط في مستنقع الطائفية.. وله تاريخ ناصع البياض في خدمة العراق.. وبغير ذلك لن أحترم نفسي..ولن أحترم تاريخي.. ولن أحترم صوتي.. فلن ولن أصوت إلا لمن يستحق.. كما أوصاني أبي.. وكما يريده وطني مني.. فهل سأكون حاملاً الأمانة بحق؟..
صوتكً.. صوت كل العراقيين:
بتواضع شديد إن المشاركة في الانتخابات النيابية وانتخابات مجالس المحافظات المقبلة تشكل انعطافة كبيرة في مسيرة العراق.. فمرحلة ما بعد داعش ومسيرة الأربعة عشر سنة الماضية تجعلنا نعيد حساباتنا جذرياً من جديد.. لذا أجد إن:
ـ المهمة الأولى: الحضور الفاعل والحقيقي للمشاركة في الانتخابات.. وهذا لا يعني إن حضور الناخبين سيكون أوتوماتيكياً.. إنما تعتمد الحضور الشخصي والذاتي.. وهي مسألة تعتبر في ظل الظرف الحالية واجباً ومسؤولية وطنية ونقابية..
ـ المهمة الثانية: ضعف الحضور قد يؤدي الى انتخاب عناصر ضعيفة الأداء.. أو غير جديرة بهذه المواقع.. و قد تسرق أصوات الغائبين عن المشاركة في الانتخابات بشكل أو آخر..
ـ المهمة الثالثة: وهي اخطر المراحل الانتخابية.. وهي الاختيار: وهنا نؤشر مسألة في غاية الأهمية.. وهي إن الغالبية العظمى من العراقيين عموماً.. أصبح اختيارهم يعتمد الصداقة.. والعرف.. والمنطقة.. والعشيرة.. والطائفة..
وهنا نؤكد من أجل التغيير والإصلاح فإن اختيارنا لابد أن يكون على أساس المواطنة.. والأجدر.. والمجرب لا يجرب..
ـ المهمة الرابعة: تذكر إن النزاهة والأمانة أصبحت في مجتمعنا عملة نادرة جداً.. فلابد أن نفتش عليها بشكل دقيق.. فهل سنكون نزيهين ونختار من هو نزيه.. ويده بيضاء.. ويشار إليه بالبنان؟ ..
ـ فصوتكً أيها العراقي الشريف أصبح في هذه المرحلة التي يمر بها الوطن.. ليس ملك لكً أبداً.. فهو أمانةُ أودعها العراقيون في أعناقكً.. على أساس أن تؤديها بأمانة وإخلاص.. لاختيار من تراه كفؤاً.. نزيهاً.. صادقاً.. أميناً على شعب العراق.. وعلى أموال العراق.. وأن يعمل لخدمة العراق.. وان يكون ذا ماضٍ نظيف.. فشرعاً وقانوناً وعرفاً لا يحق لك إهمال صوتكً.. وعدم التصويت.. ووطنيتكً وشرفكً تفرض عليك أن لا تصوت على أساس الصداقة.. أو لأي شخص لا يمتلك المواصفات التي قالها العراقيون ويريدونها..
فلا تأخذكم العصبية القبلية.. فبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان.. ولا تأخذكم المذهبية في اختيار من لا يصلح لتمثيل كل الشعب العراقي.. فها هم عرفناهم 14 سنة لا يعرفون غير انفسهم.. ولا يأخذكم طمع المال فتصوتوا للسارق والمرتشي والقاتل.. أو تصوتوا لمن تلوثت أيديهم بدماء العراقيين.. ولا تصوتوا لمن باع ضميره.. وباع شرف العراق للأجنبي مهما كان الأجنبي..
ـ بتصويتكم الحق والنزيه.. نحفظ العراق.. نبني العراق.. يتقدم العراق.. وأفٍ.. أفٍ.. على كل من لا يحب العراق.. ولا يحب شعب العراق.. وفي أسوأ الأحوال إن لم تجد من يمثلكً.. لا تتقاعس.. واذهب الى مركزكً الانتخابي.. ودقق في كل أسماء المرشحين.. فسوف تجد من يمثلكً .. ولا تكن سلبياً.. وان سددت كل الأبواب فلا تصوت لأيٍ كان كإسقاط فرض.. بل اشطب على قائمتك الانتخابية.. وضعها في صندوق الانتخابات.. حتى لا يسرق السارقون صوتكً..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب