23 ديسمبر، 2024 7:06 ص

رسالة الى الكتل الفائزة

رسالة الى الكتل الفائزة

اعلان تشكيل تحالف “المحور الوطني” الذي ضم ٥١ نائبا سنيا من اعضاء البرلمان القادم وقبله اعلان احياء تحالف الكتل الكردستانية وإرسالها وفدا موحدا الى بغداد للتفاوض مع الحكومة الاتحادية تعتبر خطوات إيجابية في ملف مباحثات تشكيل الحكومة المقبلة فقط ، لكنها في المجمل سلبية وتعيدنا الى المربع الاول حيث المحاصصة والتوافق وتقاسم المناصب.
لكن لماذا تعتبر هذه التحالفات سلبية وهي في الاصل حقيقية تعكس واقع التنوع الذي يتميز به العراق؟ ولماذا ظهور هذه التحالفات يعيد الى الذهن مرارة التجارب السابقة؟؟ ولماذا اصبحت التحالفات التي من هذا النوع تثير هاجسا مقترنا بالفشل والاستئثار بالمناصب واقصاء الكفاءات ووضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب وشيوع ملفات الفساد والاتهامات… هل بسبب الممارسة السياسية الخاطئة ام إسناد الامر الى غير اهله ام بسبب طبيعة التحالفات الطائفية ذاتها التي تثير الاشمئزاز عند الكثير من الناس؟.
وللإجابة على هذه التساؤلات فانه يفترض النظر الى التحالفات والتكتلات السياسية باعتبارها ظاهرة صحية في النظام الديمقراطي ، لكن بشروط منها:

1. ان تجتمع قبل الانتخابات لا بعدها ولا ضير من الاجتماع بعدها ان لم تأتي النتائج النهائية بالأغلبية القادرة على تشكيل الحكومة.
2. ان الرابط بينها هو الانتماء الوطني لا الانتماء القومي او المذهبي.
3. ان تحمل مشروعا وطنيا لا مشروعا توافقيا او محاصصاتيا يبحث عن المناصب والامتيازات.
4. ان تكون جديدة في العمل السياسي او مخضرمة ناجحة تنال رضا الناخب في كل مناسبة وهو ما لم تحققه الانتخابات الاخيرة؛ الا ما ندر.
5. ان تحمل برنامجا ناضجا قادرا على مواجهة التحديات وتحقيق الآمال والتطلعات.
اما غير ما تقدم ، من تكتل بعد الانتخابات في سبيل تحقيق عامل ضغط للحصول على مكاسب اكثر من جعبة الفائزين اولا؛ الاجتماع على اساس قومي او طائفي ومن لون واحد ثانيا؛ تبديل الاسماء فقط مع الاحتفاظ بذات النهج والسياسات ثالثا؛ واعادة تدوير الوجوه المخضرمة التي لم تنجح في السابق رابعا؛… فانه يعتبر انتكاسة كبيرة للعمل السياسي وتخييب لآمال المواطن الناخب والمقاطع ، حتى وان كانت هذه التكتلات تعكس واقع التنوع في العراق ، فان التنوع المجتمعي لا يعني بالضرورة ارتباطا بالتنوع السياسي ودليل ذلك اننا نرى تنوعا سياسيا عند الشيعة رغم انهم من لون واحد وطائفة واحدة.
ان الكرة في ملعب قوائم الفائزين الثلاث ، لا بتفتيت المنافسين او إذكاء روح التسابق معهم بإعلان تكتل كبير مشابه للتحالف الوطني السابق او اقصاء الاخرين عن المساهمة في تشكيل الكابينة الحكومية القادمة ، بل بالعمل بيد واحدة مع الجميع على انجاز ما يلي:
• تشكيل حكومة جديدة طابع كابينتها التكنوقراط المتخصص الكفوء والنزيه القادر على محاربة الفساد وتقديم الخدمات ، دون الالتفات الى الترشيحات ذات الصبغة الطائفية او القومية.
• التركيز على مشروع الحكومة السياسي المنقذ الذي يستجيب لهموم الوطن وتطلعات المواطن لا طموحات الساسة واطماع الكتل.
• فتح باب الحوار الجاد والصريح ضمن الفضاء الوطني ، وتوزيع الأدوار في البرلمان القادم بين حكومة ومعارضة… لان مشاركة الجميع في الحكومة المقبلة تعني ولادة برلمان ميت وحكومة مشلولة.
• تحديد طبيعة وشكل الحكومة القادمة على ان لا تعني بأي حال من الأحوال حكومة توافقات حتى لا نعود الى المربع الاول.
واخيرا ان الذهاب الى المعارضة البرلمانية ليست عيبا في النظام الديمقراطي ، بل بالعكس هو مصدر قوة للنظام ورقابة على الحكومة وقد تستطيع كتلة او مكون خدمة جمهورها بشكل افضل في مقعد المعارضة من كرسي الحكم ، وتلك رسالة الى الكتل الثلاث الفائزة قسموا ادوار المعارضة والحكم فيما بينكم ولا تنظروا الى مشاركة الاخرين جميعا في تشكيل الحكومة لأنها حسبة فاشلة وفشلت سابقا وقد تفشل هذه المرة أيضاً… والرسالة من الكتل الاخرى قد وصلت اليكم والجواب واضح من تحالفاته.