18 ديسمبر، 2024 10:58 م

رسالة الى الصديق ابراهيم الصميدعي.. شطح القلم لا يعني شطح القلب

رسالة الى الصديق ابراهيم الصميدعي.. شطح القلم لا يعني شطح القلب

اشلونك ابراهيم واشلون احوالك..
صحوت اليوم فوجدت مقالتك على كتابات ردا على تصريحات صاحب مؤسسة المدى الناشر والسياسي فخري كريم.
تعلمُ، كما اعلم، ان الشطح في اللغة يعني التباعد عن المقصد والاسترسال بعيدا عن المبتغى. وقد كنت في ردك على صاحب مؤسسة المدى فخري كريم شاطحا كما شاطرك هو في الشطح ايضا حين اخرج من جعبته بضع كلمات على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي. كلمات، كما اظن، لم تكن ابتغاءً للحقيقة وانما لتحقيق مبتغى، حتى لو كانت كلمات حقيقية.
تقول “كما فعل الصغير أبدا فخري كريم”، ما هذه الالفاظ يابراهيم؟ ان تحط من منزلة خصمك هو مطعن في الخصومة التي لا تستوي من دون فروسية ونبل بين الفرقاء.
 اجل كنا نرتجي ان يكون الخصام به فروسية ونبل بين الفرقاء كلهم، وبه حيطة تأخذ الروح الى ضفاف الحكمة وليس تهور الكلمات وطيش رذاذها القاتل. وكلمات السياسة هي في مضمرها او صريحها انعكاس حقيقي للأداء السياسي. كلما انحطت اللغة انحط الاداء وتداعى الي حيث يستنجد البشر بغرائزهم. والاخيرة كما تعرف لا تستنجد في بلادنا سوى بالرصاص ولعلته الاثيرة على اذان ادمنت شهيق الدم.
حاولت ان تنصف ابا اسراء (للعلم العراقيون من القلة في شعوب الشرق التي لا تتعفف عن ان يُكنى الرجل باسم ابنته)، واقصد رئيس الوزراء نوري المالكي ولكنك جنيت عليه بدلا من ان تنصفه. كنت ومازالت مسرورا ان صحيفة المدى تصدر من بغداد وهي يوميا مليئة بالاعمدة والمقالات الانتقادية لاداء “ابي اسراء”. ما يعني بالنسبة لي ان للرجل “حوصلة كبيرة”، تحتمل النقد والانتقاد ليس من المدى فقط  وانما من عشرات المواقع الالكترونية والصحف ووسائل الاعلام الاخرى. وليس ذلك منةً منه او مكرمةً وانما هي الديمقراطية واشتراطاتها. ومن باب الانصاف يجب القول انه على رغم بعض التحفظات، او كلها، على رئيس وزراء العراق ولكن هذا الملمح جدير بالثناء. غير انك لم تكن -ايها القانوني-  محاميا بارعا في اللفظ.
وها انت تستعير عنوان راوية لصدام لتقول “اخرج منها يا ملعون” وتعطفها بعبارة ألعن “انت وصبيانك “! دعنا من خروج الملعون، وهو مصطلح يعني الخروج من الجنة التي يبدو انك قد عرفتها، رغم تعذر ذلك، ولكن من هم صبيان فخري كريم يا ابراهيم؟ كتاب وصحفيي المدى مثلا؟ اليسوا هم اصدقاءك كما هم اصدقائي؟
اظن ان ذلك من شطح القلم وليس من شطح القلب. ربما لانني اعرفك واعرف معدنك العراقي. اذكر مرة يابراهيم انني كتبت في “كتابات” مقالة قصيرة حادة عن فخري كريم وباقر جبر الزبيدي مستذكراً حين خذلاني كلاهما اثناء فترة احتجازي في مطار دولة عربية مجاورة. اذ تم تسليمي بعدها الى سلطات صدام وكان الحكم حينها على امثال حالتي هو الاعدام. وانت تعرف القانون والفقرة الخاصة ب”تجاوز الحدود بصورة غير رسمية”. دار نبيل العراق والاخ والصديق “ابو ايوب” رحمه الله والصديقان الفنان رياض نعمة والاعلامي ابراهيم الساعدي على كل مكاتب المعارضة حينها لانقاذ رقبتي وبلا جدوى. بيد اني احسست، بعدها، انها شطحة قلم وطلبت من الاخ الصديق اياد الزاملي ان يحذف تلك المقالة من الموقع. وفعل الرجل. فانا كما تعلم لا اود المزاودة  على جرح. جرح مازال ينكأ في داخلي ويرشد امسيات وحدتي الى شيء من ليل كئيب. وذلك ما جعلني يوما ايضا اكتب عن الصديق خضير ميري في كتابات كذلك لانه لم يستغل معاناته في السجن ثم المصحة العقلية، بضاعةً في سوق المناصب والحظوة، وانما استثمرها ادباً وكتابةً.
لست معترضا على اعتراضك ابراهيم وانما على طريقته ومفرداته.
وليس ذلك دفاعا عن فخري كريم او “ابي اسراء”. انه الانصاف بحقك، الذي يلزمك بان لا تتبرع يا ابراهيم بما ليس غير المرتجى منك.
  اخيرا خوية ابراهيم سلامي الك ولكل الاصدقاء في بغداد، ومن ضمنهم اصدقائنا الاعزاء في المدى.
وخلينا على تواصل احبيب.
في امان الله .