سيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحترم
تلقينا بألم شديد ، ليس فقط مقتل قائد طائرة السوخوي 24 في الاجواء السورية ، الذي ترك عائلته ووطنه ليدافع في أجواء غريبة عليه لا لمقصد مادي أو إنتفاع شخصي ، بل للمشاركة وزملاءه من العسكريين الروس الذين لبوا نداء الواجب الوطني ، لتخليص الإنسانية والعالم من شرور زمرة حملت راية الإسلام ، ودُعِمت وترَعرَعت وانتشرت سمعتها ونفوذها على أنقاذ بلدان وجثث ابنائها ، في الوقت الذي أثبتت الوقائع أنها لا تمت للأسلام بصلة ، ولا تحمل من تعاليمه وتشريعاته أي شيء ، هدفها وكما قالت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة ( هيلاري كلنتون ) ” تأسيس إسلام جديد مفصل على قياساتهم ” عن طرق تبني ( داعش واخواتها ) لتدمير الإسلام الحقيقي وتشويه سمعته بممارساتهم الوحشية والدموية البشعة .
ألمنا الشديد أيضا ياسيادة الرئيس هو تصريحكم خلال اللقاء مع العاهل الإردني في عمان مع الملك عبد الله بن الحسين ، والذي كانت ملامح وجهكم فيه أكثر تعبيرا وألما وإستغرابا من كلماتكم ( تركيا طعنتنا في الظهر ) في الوقت الذي كنتم في ضيافة رئيسها ( رجب طيب أردوغان ) قبل اسبوع خلال حضوركم مؤتمر قمة العشرين الذي كان وعلى مايبدو يبيت النية ويحد خنجره المسموم ليزرعه في ظهر بلادكم .
سيدي الرئيس
قد يكون موقف تركيا بقتل الطيار الروسي مستغربا وأليما لكم ولشعبكم الكريم ، إلا أن مثل هذا الموقف ليس بالغريب علينا نحن !! ، لأنه ومنذ ولادتنا في نهاية خمسينيات القرن الماضي ، لم نسمع أو نرى أو نلمس موقفا تركيا صادقا في النية الحسنة تجاه بلداننا العربية جميعا ، وتوهم قادتنا وشعبنا لأكثر من مرة في مواقف أنقرة تجاه قضايا العربية على وجه الخصوص وتيقنا في النهاية ، ( إلا الذين لازالت الغشاوة مستقرة في أعيننهم ) ، بأن الأتراك من أكثر المؤمنين بالمثل الشعبي الشهير “لا صديق للتركي سوى التركي” .
وكما يقول الكاتب الفرنسي الشهير أندريه جيد ” المنافق الحقيقي هو الذي لا يُدرَك خِداعُه لأنه يكذب بصدق ” فهو قول ينطبق على جميع القادة الاتراك ، منذ الحقبة العثمانية ، فهم المنافقون ، المخادعون ، الافاقون ، غايتهم تحقيق أحلام لا زالت مترسخة في رؤسهم العفنة ، فضحت تاريخهم كتبهم ، ومسلسلات ” حريم السلطان ” . حتى أن أردوغان نفسه من منع تصوير جزءه الخامس لأنه حسب قوله ( يشوه صورة الدولة العثمانية ) !!! ، في الوقت الذي يسلط هذا المسلسل على قصص حقيقية للسلاطين العثمانيين وتآمرهم البعض على البعض حتى في أوساط حريمهم !!!.
سيدي الرئيس
أسمحوا لي بالاطالة بعض الشيء ، ولن أتحدث عن التاريخ ، لإني سأحتاج عندها الى أكثر من مجلد ، ولأن في النفس ( غصة ) هيجتها ملامح وجهكم الحزينة على فقدان احد ابنائكم ، فكيف لنا نحن العرب أن لا نتألم أيضا ونشاطركم أحزانكم ، وكل واحد فينا له فقيد أو شهيد أو أسير أو مشرد في هذه القضية او تلك ، او في هذه المعركة وقبلها ، وفي جميعها للخنجر التركي المسموم دور فيها ، فتركيا الحريصة على إيصال التبادل التجاري بينها وبين الدول العربية الى مئة مليار دولار عام 2017 ، وإن ارتفع بنسبة 300% خلال الـ 10 سنوات الماضية بحسب وزير الإقتصاد نهاد زيبكجي ، و صادراتها للدول العربية تشكل 25% تقريباً من إجمالي صادراتها للعالم البالغ قيمتها 171.5 مليار دولار في 2014 ، فهي ذاتها التي تتدخل في كل صغيرة و كبيرة لدول المنطقة و ما يجري فيهن من كافة النواحي و السياسية منها بالاخص ، و تتدخل في شؤن المواطنين و ما يهمه .
فأردوغان الذي حاول رسم صورة المدافع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ومسرحياته في المؤتمرات العالمية وفي مناكثة الرئيس الإسرائيلي ، والتي أراد من خلالها كسب ود العرب ، تمكن خلالها من خداع الكثيرين بمواقفه ، وباتوا يصفه البعض بالمنقذ تارة ، و بصلاح الدين الأيوبي في عصره تارة اخرى ، الذي سيفتح القدس من جديد ، ويعيد الأرض المسلوبة الى أهلها ، هو ذاته من يذبح ويطعن الفلسطينيين في ضهورهم ، و يتآمر عليهم ، فلقاءاته مع ( الاسرائيليين ) لا تنقطع ، ومشاريعه التآمرية لم تتوقف ، حتى توجت بإتفاقية التسليح الإستراتيجي مع الكيان الصهيوني في عام 2012 .
ودور الرئيس التركي ، ياسيادة الرئيس بوتين ، في ماتسمى ” بالثورات العربية ” لا يقل خبثا ونفاقا ومخادعة عن سابقاته ، ألم يكيل السيد أردوغان المديح والثناء للرئيس الليبي الاسبق معمّر القذافي عام 2010 يوم تسلّم جائزته خلال الحفل الذي نظمته ”مؤسسة القذافي العالمية لحقوق الإنسان“ بمسرح فندق المهاري بطرابلس إإإ ألم تكن لتركيا مشاريع في ليبيا تقدر أقيامها بمليارات الدولارات ، فما كانت النتيجة ، فردا للجميل ، أستل أردوغان خنجره المسموم ليطعن به من كرمه ، وكرس جهوده لإرسال الأسلحة والمتفجّرات مع فرق الموت التي أفتى بها المعتوه ” القرضاوي ” بقتل معمر القذافي .
ومع مصر ، لا أريد التحدث عن الدور التركي في دعم العدوان الثلاثي عليها عام 1956 ، بل حديثي عن المؤامرة الكبرى التي يقودها أردوغان وربيببته ” إسرائيل ” ضد الثورة المصرية ، التي أطاحت بالاخوان وأزلامهم ، وذلك بشن حملة تعطيش مصر ، بالاتفاق مع أثيوبيا لتشييد أكبر سد في المنطقة ” سد النهضة ” لإضعافها وتعطيل مسيرتها التنموية كى لا تحافظ على مكانتها كقوة إقليمية أولى فى الشرق الأوسط وأفريقيا ، و لا لغرض توليد الكهرباء ولا بيعه ولا محاربة الفقر ، ولكن الغرض تخزين المياه والاتجار فيها ، والأهم من المياه هو إضعاف مصر والتحكم فى مقدراتها عن طريق إقامة سدود هى فى حقيقتها صنابير للمياه تفتح وتغلق بإرادة الفئة الحاكمة فى إثيوبيا . وهو ذات المشروع الخبيث الذي يسير عليه القادة الاتراك بالنسبة للعراق وسوريا ومحاولاتهم لتجفيف النهرين الخالدين دجلة والفرات باقامة السدود العملاقة عليهما وعدم إعترافهم بكافة الإتفاقيات الدولية التي تؤكد أحقية دول المرور بالمياه .
أما في سوريا ، فالحديث عنها أيضا طويل ، فبعد أن شهدت العلاقات بين البلدين تطورا كبيرا وفتح الحدود لكل البضائع والمنتجات التركية وإغراق الاسواق السورية بالبضائع التركية مع تسهيلات تحت بند المعاملة الافضل والغاء تأشيرات الدخول بين البلدين والإستعاضة بالهوية بدل جواز السفر للتنقل بينهما ممكنا ، والاستقرار الامني وتبادل المعلومات الى درجة اعتبر المحللون انها وصلت الى حدود التحالف غير المعلن بين البلدين ، حتى جاء خنجر أردوغان المسموم ليطعن الرئيس السوري ، لا لشيء سوى أن الأخير رفض اجراء المصالحة مع الأخوان والغاء القانون 49 الذي يجرم الانتساب للاخوان بالاعدام وقال ” أنه من المبكر التفكير في ذلك لان قوى عديدة لاتثق بهم وان الامر يحاج الى فترة طويلة لاختبار النوايا ” .
أما في بلدي العراق يا سيادة الرئيس بوتين ، فالحديث عن خنجر أردوغان لا يقل إيلاما عن خناجره السابقة ، ففي الوقت الذي بلغ حجم التبادل التجاري مع العراق 11 مليار دولار ، إلا إن مؤمرات تركيا لم تتوقف حتي يومنا هذا ، فأردوغان أمام الحكومة المركزية العراقية هو ضد إنفصال الاكراد و لايبارك أي خطوة لهم في هذا الإتجاه ، وهو يضرب ما يسميهم ( بالمتمردين الاكراد الترك ) وفي الباطن هو من يدعمهم ويشتري منهم النفط رغم أنف الحكومة المركزية وباسعار تفضيلية ، ولديهم فروع مصرفية مشتركة لدعم المنظمات الإرهابية ( داعش وأخواتها ) وتسهيل مرور عناصرها الإجرامية بين الجانبين ، وكذلك إنتهاكات طيرانه الشبه يومي للاجواء العراقية في شمال العراق ، بالاضافة الى تشجيعه للاكراد بالتمسك بالمطالبة بمحافظة كركوك واعتبارها مدينة كردية للحفاظ على ديمومة الحصول على النفط بالاسعار ذاتها .
وفي الشأن الداخلي فإن الرئيس التركي لا يتدخل بالشؤون العراقية ويعتبرها شأن داخلي ، في ذات الوقت فهو يأوي كل القتلة والمطلوبين للعدالة العراقية بتهمة الارهاب وأرتكاب الجرائم والمختلسين ، ويعقد لهم المؤتمرات التحريضية للإطاحة بالحكومة . ويسمح بمرور جميع الاسلحة والمتفجرات عبر منافذه الحدودية للقصاص مما يسمونها بالخفاء ( الحكومة العراقية الصفوية ) .
سيادة الرئيس بوتين
إن ما قام به الرئيس التركي تجاه روسيا ليس بالمستغرب لدينا ، فقد تعودنا على مؤامراتهم ، وخدعهم بفضل ضعف قادتنا وسياساتهم الإنبطاحية ، فأردوغان متورط وبما لا يقبل الشك في تنفيذ مخطط يهدف الى تدمير دول المنطقة من خلال ما تسمى الدمى الامريكية ( داعش وأخواتها ) .. وهنا يستحضرني المثل الشعبي العراقي ، فأسمح لي ياسيادة الرئيس أن اقرأه عليكم ا ( إن كان قلبك لوعوه .. قلبي بعطابة جووه ) علها توصل فكرتي اليكم ..
فتقبل منا يا سيادة الرئيس تعازينا لاهل الفقيد وللشعب الروسي .