12 أبريل، 2024 1:44 م
Search
Close this search box.

رسالة الى الدكتور حيدر العبادي كيف تدير الأزمة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

ان الفترة التي توليت فيها إدارة البلاد لم تكن نموذجية او في ظروف طبيعية وانما كان جزء من البلاد تحت سيطرة قوى الإرهاب في ظل اقتصاد مدمر وانخفاض معدل اسعار النفط الذي يشكل المورد المالي الوحيد للدولة مع آفة الفساد التي تنخر في كل مفاصل الدولة والمجتمع ، مع وجود الأضداد من السياسيين وأولهم الأقرب إليك ، ولان نجاحك إدانة لهم، فعملوا على إفشال كل خططك مثلما هو ديدن أعداء العملية السياسية في العراق الجديد فهؤلاء لا يرضون بك ولا بغيرك ما لم يكن من أتباعهم او مسايرا لهم وانت ستبقى رافضيا بنظرهم مغتصب للسلطة مهما عملت لصالحهم، فضلا عن المحيط الإقليمي الذي ينظر إلى العراق من عدة زوايا أجملها بالاتي:

1. سوق مفتوحة لمنتجاته وتعمل على تنشيط اقتصاده وبذلك يحاربون أي مسعى للنهوض بالمجتمع وجعله منتج بدلا من مستهلك لان النجاح فيه سيغلق الباب تجاه منتجاتهم وتتوقف أسواقهم وجميع الدول المحيطة في العراق تعمل على هذا المنوال ( ايران ، السعودية ، الاردن ، تركيا ، الكويت) ودول الخليج الأخرى أهمها قطر والإمارات اللاعب الكبير .

2. ان استقرار العراق سيؤدي بلا أدنى شك إلى استقطاب الاستثمار ورأس المال بسبب وفرة الأيدي العاملة الماهرة وقلة أجورها مع توفر المواد الأولية بوفرة عالية من أراضي ومياه ونفط وثروات معدنية وموقع جغرافي مهم جدا فإذا نجح العراق بصناعة الاستقرار سيتجه الاستثمار من دول الجوار ومنها الخليج الى العراق وسيتوقف نمو هذه الدول وهذا السبب الرئيس الذي يدفع دول منها دول الخليج الى تغذية الصراعات بكل انواعها وخلق الفوضى الادارية والسياسية والمجتمعية.

3. بعض دول الجوار جعلت من العراق خط الصد الأول تجاه النفوذ والانتشار الأمريكي وجعلته ساحة الصراع معه باستخدام الموارد البشرية العراقية لحماية مجتمعها وبلدها من شرور الحرب.

4. الدول الكبرى صاحبة القرار الأمني في العالم استغلت الفرصة الذهبية التي وفرها الأحمق صدام بمغامراته الغبية لاستقطاب كل المنحرفين من المجرمين إلى العراق تحت مسمى الجهاد ومنحتهم الفرصة لتحقيق غاياتهم السادية بالقتل والإبادة.

وهذه المحاور الأساسية التي تتفرع منها عدة اتجاهات بصور شتى اغلبها تمثل أدوات تنفيذ تلك السياسات مثل الفساد الإداري والمالي وفوضى السياسة في العراق ، العمليات الارهابية واشاعة الجهل بين المواطنين وقتل روح المبادرة الجمعية والفردية ثم خلق صورة في ذهن المواطن العراقي انه عاجز عن إدارة شؤونه بنفسه وترسيخ فكرة التبعية إلى الغير.

وبما انك يا دولة رئيس الوزراء الدكتور العبادي تسلمت زمام الإدارة في البلد كان عليك أن تتحسب لها ونحن نعلم انك قبلت بها دون أن يكون لديك ادني امل في الوصول إليها وانما الظروف هي التي أوصلتك اليها ، فانا ارى انك لم تتعامل مع التحديات بمن يملك القدرة على خلق الفعل الإصلاحي بل كنت تعامل مع الأزمات بردة الفعل وهذا جعل من أدائك يتلون بعدة ألوان حسب الفعل الذي حفزك وبعضها يتقاطع مع الآخر وكنت تسعى لكسب ود الذي أثار الفعل وسأذكر لك بعض الأمثلة:

1. لان القوى الداعمة للإرهاب التي تزعم أنها مهمشة كانت تعيب على سلفك بأنه همشها مما دفعها إلى التعاون مع الإرهاب لإقناع الجمهور السياسي المحلي والدولي بان من يحكم لا ينجح بدون خبرتهم في الحكم فكان تعاملك معهم بردة فعل تجاه مطالبهم بان أقلت عشرات القيادات الأمنية في ظل أجواء الحرب القائمة لإرضائهم وبيان بأنك تختلف عن سلفك وحققت لهم ما يريدون وفعلا أتت هذه الخطوة نتائج نجاح لهم مهمة تمثلت بالالتفاف على نجاح الحشد الشعبي في وقف داعش وردها عن بغداد وفتح جبهة الانبار وتسليمها إلى داعش في ظل قيادتهم للمشهد العسكري بعد إقالة عشرات الضباط

2. قمت بإجراءات تزعم إنها تطهير في دوائر القرار السياسي والمدني مستبعدا كل الكوادر التي تعاملت مع المشهد العراقي منذ عام 2003 ولغاية الآن واتيت بأشخاص جدد على هذا المشهد واغلبهم من الذين يحظون برضى المهمش وهذا ادى الى العودة الى نقطة الصفر لانك لم تجعل التغيير نسقي بين السابق واللاحق لحين تبادل الخبرة وهذه من اهم اسباب تفاقم الفوضى الادارية.

3. ثم استغل الأعداء ازمة الخدمات وسرقوا مطالب الجماهير بالاحتجاجات وما كان منك إلا ردة فعل لمحاولة إرضائهم عبر حزم تزعم إنها إصلاحات ولم تحقق منها شيء سوى حماية الفاسدين الذين ظهرت ضدهم هذه الاحتجاجات

4. تمكن الأعداء من جعلك عاجز عن القيام بأي فعل ايجابي للمعالجة لأنهم أعطوك زخما انفعاليا في طموح كبير غير قادر على تنفيذه وسيكون سلاحهم ضدك بأنك فاشل وهذه سياستهم المعروفة بخلق المعوق ومن ثم التباكي على الضحية وإدانة القائم على الأمر.

لذلك أرى ان تقدم على إجراءات استثنائية لمعالجة الأزمة وكما يلي:

1. سحب هذه الجماهير العاطلة عن العمل إلى مواقع الإنتاج وسد فراغها بالعمل الإنتاجي . لأني وبحكم كوني متقاعد ولدي الفراغ الكبير والفسحة من الوقت ذهبت إلى ساحة التحرير وكنت بين المتظاهرين وتمحورت عندي بعض الملامح الآتية

أ- اغلب المتظاهرين من الشباب الذي يمثل القوة الإنتاجية في البلد واغلبهم يتقاضى راتبا من الدولة سواء عن طريق الرعاية الاجتماعية او في الدوائر المعطلة مثل شركات وزارة الصناعة والإسكان والزراعة فهم يتقاضون راتبا دون عمل

ب- اغلبهم يعاني من انعدام أماكن الترفيه او أماكن إفراغ طاقاتهم وبعضهم ذكر لي سبب حضوره الى ساحة التحرير لانه لم يجد مكانا اخر سواه حيث كان في السابق يحظر المناسبات الرياضية في ملعب الشعب والآن مغلق مع تعطيل الدوري وسائر الأنشطة الرياضية التي كانت تستوعب الكثير من هؤلاء الشباب .

ج- والبعض الاخر تعطل عن مزالة نشاطه الرياضي او الفني او الادبي لان ساحات كرة القدم الشعبية استولت عليها مليشيا مسلحة ووزعتها اراضي لمنتسبيها ومحلات تجارية دون اي موافقة من الدولة وانما اعتمادا على قوتها المليشياوية مما منع الشباب من الذهاب الى تلك الساحات التي كانت تستوعب الالاف منهم

د- انعدام الانشطة الفنية والادبية لان معظم المسارح والسينما ودور العرض وأماكن اللقاءات الاجتماعية أغلقتها المليشيات المسلحة مما أدى الى خلق فراغ روحي وزمني لدى الشباب فلم يجدوا متنفسا لهم سوى ساحة التحرير

اذن كيف يكون سحب هذه الطاقات؟

أرى ان نكلف الشركات العامة غير العاملة او التي تعطلت وتوقفت عن الإنتاج وفيها عدد كبير من المنتسبين الذين لا ينتظمون بدوام وانما يتقاضون رواتبهم وهم في بيوتهم وهذه شركات وزارة الصناعة والاسكان والزراعة والري وغيرها ونمنح هذه الشركات آلاف الدوانم من الأراضي المتروكة دون زراعة او استصلاح وتكلف هذه الشركات بجعل نشاطها في زراعة هذه الآلاف من الدوانم عبر تشغيل منتسبيها العاطلين عن العمل وباستخدام الوسائل المتاحة وان كانت بدائية اي التي تعتمد على العنصر البشري وليس الجهد التقني لان الموارد المالية ضعيفة لشراء الأجهزة وانما نتبع وسيلة ما كان عليه السلف في إدارة النشاط الزراعي بالاعتماد على الأيدي البشرية وهذه الأراضي موجودة في صحراء العراق وحتى قرب الحواضر العمرانية لكن سيظهر لنا من يحاول العرقلة بقلة الموارد المائية فأقول له لدى العراق خزين هائل من المياه الجوفية الذي لا ينضب ونستطيع حفر الآبار الارتوازية لخلق الواحات الزراعة في قلب الصحراء

ولتوضيح هذه النقطة قرأت دراسة عن المياه الجوفية في العراق تقول إن العراق لم ينتفع بها لغاية الآن وان المستفيد هو السعودية لأنها تمثل المصب للقنوات الجوفية التي تمر عبر الصحراء العراقية وذلك بحكم التكوين الجيولوجي للأرض اذ ينحدر الماء من الشمال إلى الى الجنوب باتجاه مركز الأرض بقنوات تحت الأرض وهذه لا توقفها السدود او الخزانات مما يعني لا تكون سلاح بيد تركيا او اقليم كردستان لقطع المياه عن العراق ، وذكر لي احد الأشخاص العاملين في وزارة الري ان احدى الشركات الاسترالية تقدمت بعقد استثمار بعض من صحراء السماوة وهي تتكفل بكل شيء حتى توفير الامن والحماية الا ان احد الموظفين الكبار وهو ذو خبرة في مجال المياه ومعروف باستقامته الوظيفية لكنه من المكون الذي يزعم انه مهمش قدم دراسة بان ذلك يشكل خطر على الأمن المائي للبلد لأنه سينقص من الخزين الإستراتيجي للمياه الجوفية ودعم هذا الرأي بتقرير من مركز عالمي متخصص قدم مشورته مجانا وهذا ملفت للنظر اتضح لاحقا ان المركز مدعوم من السعودية وانتهى الموضوع دون الاستثمار لان نجاحه سيؤثر على السعودية وواحاتها التي تنتج وتصدر الى العراق وهي تروى بالمياه التي تمر عبره ، والذي جعل الشك يتحول الى حقيقة كما اخبرني ذلك الشخص ان هذا الموظف الذي اشار بعدم التعاقد ترك الوظيفة بتقديم طلب احالة الى التقاعد فور انتهاء الموضوع وانتقاله الى دبي وظهرت عليه فجأة علامات الثراء الفاحش ويقال انها ثمن منعه التعاقد مع الشركة الاسترالية.

لذلك أقول ان نلتفت إلى استغلال الأراضي المتروكة وعمل مجمعات من الكرفانات وليس الابنية لاستيعاب وإيواء هؤلاء العاملين وجعل المردود المالي من الإنتاج لهم جميعا دون ان يشاركهم فيه احد حتى الدولة وان قدمت لهم بعض المساعدات المالية البسيطة بالإضافة الى رواتبهم لان ذلك سيولد لديهم فكرة الانتماء الى الارض وان عطائهم لهم وليس لغيرهم من الفاسدين وسترى النتائج المذهلة وفي كل الأحوال لا توجد خسارة لأنهم أصلا لا يعملون وانما يتقاضون الرواتب وهم عاطلون

ومن النتائج الأخرى سحب هذه الأيدي من ساحات الفراغ وقطع مورد مهم لأعداء العراق في تأجيج الأوضاع وخلق الأزمات كما إنها ستكون مكانا بديلا لأبطال الحشد الشعبي في العمل عند إلانتهاء من تحرير العراق وبعد تنفيذهم واجبهم المقدس.

هذه رسالة يا دولة الرئيس كتبتها وانأ أجيل الخاطر في الأزمة وليس لي غرض او مطمع لاني لست من ذوي المراكز الادارية او السياسية الكبيرة والمهمة ولا حتى مركزا عشائريا وإنما انسان بسيط يبحث عن الحقيقة ويسعى لسد الفراغ للفترة المتبقية من عمره بما يخدم بلده وعسى ان يكون لديك الفراغ لقراءتها وأتمنى أن تصل إليك

مع كل المحبة والدعاء لكم بالتوفيق

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب