=(مِنَ الظُلّْمِ أَنّْ لا تَنّْصُرَ المُلتَزمينَ بالنِّظَامِ)
أَكثرنا قرأَ و سمع و تحدَّث، عن تاريخ العراق و حضارته و تقدمه، منذ بواكير عصر الزراعة، اي قبل ثمانية آلاف سنة من الآن. و كيف ان العراق كان أول مكان في العالم، ابتكرت فيه الكتابة، وسُنَّتّ فيه القوانين، و النظم المدنية. و هذا ما يطلق علية حضارة وادي الرافدين.
هذا التاريخ الزاهر، استطعَمنا بقايا من بقاياه، حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي. و فقدنا كل تلك البقايا، و إِنّْ كانت وشائجها واهية الضَعف، لكنها كانت تربطنا بالماضي التليد. فوجدنا انفسنا لا نجد أّيَّ أَثر لها، على واقع العراق الجديد، بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003. وما استجدَّ على الشعب العراقي، بعد الاحتلال أظهر ان هذا الشعب، لا ينتمي الى تاريخ حمورابي البتة.
إِنَّه شعب فوضوي، يمقت القانون و يرفض النظام بشدّة، (توجد شرائج اجتماعية قليلة جداً، بقت ملتزمة بالضوابط القانونية و تفضيل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهؤلاء غير مشمولين بكل ما جاء بهذا المقال).
و لكون جهد الدَّولة انصب في مكافحة الارهاب، و هذا أَمر ليس بالهين أَبداً. لكنه بالوقت ذاته،أعطى المبرر للكثير من المسؤولين للتنصل من مسؤولياتهم تحت ذريعة (عدم الاستقرار الأمني). فتركت
مفاصل مهمة في الدولة، لها انعكاساتها السلبية على الدولة أولاً، و على المواطن ثانياً. واصبح المضمون العام، لترك مفاصل المسؤولية سائبة، بمثابة عملية هدم و تآكل خفي، لكيان الدولة. و أيضاً هضم لحقوق المواطن الملتزم بالنظام، و المتقيد بالقانون. و لغرض اختصار الموضوع لا بدَّ لي أَنّْ أُجملَ هذه النقاط التي تؤدي لتخرّب كيان الدولة، و كيان الانسان الصالح على حدٍّ سواء؛ و هي:
1. لا اريد ان اقف على موضوع الفساد المالي و الاداري المستشري في الدولة، فتلك قضية أشهر من نار على علم.
2. تقاطع بعض فقرات القانون، مع عمل الاجهزة الأمنية، بحيث يصبح القانون معيقاً للجهاز الأمني، في تنفيذ واجباته، التي تتطلب السريّة و المتابعة و المباغتة و السرعة، في ملاحقة الهدف.
3. انعدام التنسيق بين الكثير من الأجهزة الأمنية، وانعزال عمل بعضها عن البعض الآخر، لا بل تقاطع و تعارض عمل بعضها مع البعض الآخر، بعكس ما يقتضيه العمل الامني، الذي يوجب بشكل صارم، توحيد الجهود و اشتراك الخبرات و الكفاءآت، لجميع الأجهزة الأمنية، لتحقيق غاية الدَّولة في انهاء ملف الارهاب و الجريمة المنظمة.
4. الترهل الكبير في الوظائف العسكرية و المدنية، الأمر الذي جعل البيروقراطية تستفحل، لدرجة أَنها اصبحت من أبرز اسباب هدر المال العام، دون تحقيق أَيَّة جدوى مفيدة للشعب.
5. انعدام هيبة السلطة في الوسط الجماهيري، و فقدان الخشية من التبعات القانونية، الأمر الذي جرَّأَ الكثير على التجاوز،
بشكل سافر، على الشوارع العامة، و الأرصفة و الحدائق العامَّة، و ممتلكات أخرى عائدة للدولة.
6. أَخطر مُعيق لاستقرار الوضع الأمني في العراق، انتشار العشوائيات السكنية، في كل محافظات العراق، و خصوصاً في العاصمة بغداد. و هذه العشوائيات هي مرتعاً للارهابيين، و عصابات الجريمة المنظمة، بسبب عدم السيطرة على ضبطها أمنياً.
7. التجاوز على القانون، و تجريف البساتين و الاراضي الزراعية، و تحويلها الى مناطق سكن عشوائية، أَمر لابد من النظر اليه بجدّية و صرامة. و الغريب في الأمر، ان موضوع بيع هذه الاراضي ليس بالسر، (لأنها تخالف قانون التخطيط العمراني)، و انما تجري في العلن. و يمارس اصحاب الدور المشيدة على الاراضي الزراعية، أبشع حالات التخريب للبنية التحتية للبلاد. (استهلاك عشوائي لمياه الشرب، تجاوز على شبكة مجاري المياه الثقيلة، تجاوز على شبكة الكهرباء الوطنية، تجاوز على الطرق و الارصفة أيضاً)، كل تلك التجاوزات التخريبية، هي تحت انظار المجالس البلدية في المناطق المختلفة، و كذلك دوائر البلدية، و دوائر الكهرباء أيضاً.
سؤال للسيد وزير الكهرباء و السيد أمين بغداد:
# – لماذا لا تبادر وزارة الكهرباء، و أمانة بغداد، بتأمين الكهرباء و الخدمات البلدية للعشوائيات، والدور المشيدة على الأراضي الزراعية بشكل تجاري؟. بشرط ان لا تكون تلك الخدمات، كمقدمة او وعود لتمليك الاراضي الزراعية، وتحويلها الى اراضي ملك طابو لساكنيها. لأن في ذلك تدمير للتخطيط العمراني و الحضري، لكل محافظات العراق. علماً ان جبايات الكهرباء و الماء الصالح للشرب، تشكل ارقاماً لا يستهان بها، عند استحصالها من المتجاوزين، لتعود كأموال لخزينة الدولة.
#- تحرير الأرصفة التي هي من حق سابلة الطريق، من جميع التجاوزات المقامة عليها، بازالة الابنية الثابتة او غير الثابتة من عليها.
8. المواطن الشريف الذي دارة يقابل حي عشوائي، يرى باستهجان طفح مياه المجاري، و كل انواع التخريب. وفي نهاية الشهر تأتيه فاتورة الكهرباء و الماء، ليدفع قيمتها للحكومة. و جاره المتجاوز على المال العام، ليس عليه دفع اي شيء للحكومة. هكذا تقتل بالتدريج روح المواطنة الصالحة.
9. منذ سقوط نظام صدام المقبور في عام 2003 الى الآن، لم تفكّر الحكومات المحلية، بتنشيط دور (المختار) أو من يقوم بدوره. لذا فمن السهل جداً على الارهابيين، و العصابات الاجرامية، الانتقال من منطقة الى أُخرى، من أجل التمويه على انشطهم الارهابية و الاجرامية. و نسمع بألم مرير، بعد كلِّ عملية ارهابية في بغداد او المحافظات، ان من قام بذلك العمل الارهابي، هم مجموعة من المجاميع الارهابيّة النائمة.
10. عدم اهتمام الحكومات المحلية، بمنظومة (الحرّاس الليليين)، الذي لهم دور كبير، في حفظ الأمن و مراقبة التحركات
المشبوهة، التي يقوم بها الارهابيون والمجرمون، ليلاً تحت جنح النظام.
هذه النقاط اذا ماتم اتخاذ اجراء مركزي بصددها، من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء، و العمل بها بصورة جدية، فان الكثير من الارتياح، سيشعر به المواطن العراقي الملتزم بضوابط القانون. كما انها ستضع حداً، لانهاء وجود تاريخ حقبة عشوائية، تسللت لتاريخ العراق الحضاري، بسبب غياب القانون و المراقبة الصارمة، و تفشي المحسوبية و المنسوبية، و استشراء الفساد المالي و الاداري. و كل هذه العوامل في جوهرها، تخدم الانشطة الارهابية والجريمة المنظمة بشكل مباشر. و الله تعالى من وراء القصد.