تمثل سياسة الانفتاح؛ أفضل الطرق الدبلوماسية التي تمارسها الدول, للحيلولة دون الوقوع في قوقعة الانغلاق والتشنج, التي تؤثر في علاقاتها الإستراتيجية بدول العالم, ولأن العراق عضو فعال ومؤسس في جامعة الدول العربية, يمتلك المقومات الكفيلة باستثمار دوره الرائد عربياً والاستفادة منه, ونبذ حرب الطائفية, ولغة التصادم التي خسر خلالها الكثير.
العراق لديه علاقات سياسية واقتصادية مع المحيط العربي, وتربطه وشائج متينة؛ تتمثل باللغة والتاريخ والمصالح المشتركة, أسهم في دعم القضايا العربية المصيرية لاسيما في الجزائر وتونس والمغرب, منذ ثورات التحرير في القرن الماضي, وسياسات الاحتلال الأوربي, حيث يرتبط العراق مع دول المغرب العربي وشمال إفريقيا بعلاقات سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية, كما سعت تلك الدول لتوطيد علاقاتها معه بعد تغيير النظام.
طبيعة الحال؛ المجتمعات والشعوب العربية قريبة من بعضها دائماً, رغم التغيرات الكبيرة والكثيرة في الأنظمة السياسية, التي تتحكم في سياسات الانفتاح والتواصل, أو الانغلاق والعزلة, إلا إن التجارب أثبتت, كلما تقاربت وجهات النظر, تجد الشعوب تواكب ذلك, مع عدم تسجيل إي عداء مستشري بين الشعب العربي, رغم المحاولات المتكررة لدق إسفين الطائفية والكراهية, التي مارستها بعض الأنظمة لغايات عقدية وسياسية.
بعد عام 2003 كانت من أفضل المراحل, التي بإمكان العراق خلالها كسر حاجز العزلة, التي مارسها نظام صدام بانقطاعه عن الدول العربية, بسبب إساءته التعامل التي تكبدت البلاد نتيجتها خسائر كبيرة بشرية واقتصادية, مع ذلك لم تستفد الحكومات المتعاقبة بعد التغيير من معالجة الأخطاء السابقة؛ ولم تمارس سياسة الانفتاح, وفتح أبواب العراق أمام الاستثمار, وتسخير مقدرات دول العربية للنهوض بالعراق.
كما لم تمسك الحكومة العراقية العصا من المنتصف, لخلق حالة توازن مع المحيطين العربي والإسلامي, ما جعل بعض دول الخليج, تأجج العداء مع العراق, وتكون حاجز ومعرقل أمام العراق, في مد جسور التعاون المشترك, إذ سخرت إمكانياتها لتشويه الحقائق, وتظليل الواقع عن الداخل العراقي, خاصة في دعم الإرهاب, ونقل صورة سيئة عنه لاسيما تشويه بطولات الحشد الشعبي, مما وسع فجوة الانقطاع والتباعد.
لذلك سعى رئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم لطرح مبادرات ناجحة, مبنية على صدق النوايا, لخلق أجواء ايجابية, يتجاوز خلالها العراق سياسة التأزم, واستثمار الدعم العربي في حربه ضد الإرهاب, وإسهاماتها بأعمار المدن المدمرة ومدن المحررين, وعقد اتفاقيات إستراتيجية بين العراق وتلك الدول, والمشاركة فمواجهة الحرب الفكرية, وتجفيف منابعها المادية والعلمية, وعدم السماح باستخدام الأراضي العربية ساحة للإرهاب.
لابد من التأكيد, إن التراجع والانحسار في العلاقات الخارجية العراقية, وجعل البلاد مرتع للإرهاب, هو نتيجة السياسات الفاشلة, التي تمارس من أجل تحقيق غايات غير مدروسة, لذا العراق بحاجة للانفتاح الحقيقي, وممارسة دوره القيادي في المحيط العربي, وبناء تفاهمات جديدة, وعقد اتفاقيات إستراتيجية بالمجالات كافة, لتجاوز حالة الانعزال العدوانية الدخيلة.