أدناه رسالة استغاثة من معلم محروق بيته … باللهجة العراقية ( مهجوم بيته ) على رأسه ورأس عائلته , وهذا بحد ذاته انجاز عظيم وبركة من بركات الديمقراطية التي جاءتنا على ظهر الدبابة والصاروخ والطائرة الأمريكية , ناهيك عن بركات اللطم والمشي التي جاءتنا من الشرق مغلفة بعمائم التخلف والشر والرذيلة .
أخي المدرس .. أختي المدرسة , أخي المعلم ..أختي المعلمة , وأخي الطبيب .. أختي الطبيبة , وأخي المهندس .. أختي المهندسة , أخي الموظف الشريف النزيه .. أختي الموظفة الشريفة النزيهة , هذا قدركم وهذا قدر بلدكم العراق الذي كان بالأمس القريب يزخر بالعلماء والمبدعين , ومنارة للعلم والنزاهة وغاية ومقصد لطلبة العلم العلوم من شتى دول العالم وخاصة الدول العربية , ورايات كلياته وجامعاته خفاقة ترفرف في سمائه من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب , والمتخرجين منها رايات وهامات عالية تتباهى وتفتخر بأنها درست وتعلمت ونالت أعلى الشهادات في عراق العلم والعلماء , وتضرب الأمثال بعلمه وبعلمائه وقدرته وقدراته العلمية والتربوية , نعم لقد كان العراقي في الداخل والخارج مشهور بتفانيه وإخلاصه في العمل كمهندس أو طبيب , وكانت كرامته وكبريائه مصونة ومحفوظة وله هيبته في المدرسة وفي الجامعة وحتى في الشارع , وشهادته وخبرته العلمية مرحب بها ومعترف بها في شتى أنحاء العالم .
أما الآن في زمن الحرية والتحرر ومع بداية القرن الواحد والعشرين ها نحن قد دخلنا هذا القرن من أوسع أبوب التخلف والفقر والحرمان , وتربعنا على أعلى المراتب في مجال التردي والتدني العلمي والمعرفي والأمية , بعد أن محوناها في سبعينيات القرن الماضي عن طريق سن قانون محو الأمية , وسادت فيه لغة وشريعة الغاب وأصبح ( بلد كل من أيده إله ) بامتياز , وأصبحت العادات والطقوس الجاهلية هي السائدة في هذا البلد العريق للأسف الشديد , فلا قيم ولا قانون ولا أخلاق ولا التزام بأي عرف أو عادات عربية عراقية أصيلة أو أي وازع ديني أو أخلاقي ولا حتى عشائري أصيل .
أخي المستغيث .. كأني أراك .. أو كأن لسان حالك يقول : بأنك .. كالمستجير من الرمضاء بالنار , عندما وجهت نداءك إلى الحكومة ولرئيس وزرائها وإلى وزير التربية ؟؟؟, أخي لا أريد أن أهبط من معنوياتك .. ولكن صدق أو لا تصدق لا حياة لمن تنادي , ولم ولن تجد من ينصفك أو يعيد لك اعتبارك وكرامتك كمعلم وكمربي , أو يعيد كرامة أو حق أي عراقي غيرك , وتأكد بأن استهداف بيتك أو التطاول عليك وعلى أمثالك أصبح سمة هذا المجتمع الذي مسخت هويته وقيمه خلال هذه السنوات العشر , وكذلك استهداف الكفاءات العراقية بمختلف أشكالها وصنوفها , هو عمل منظم ومبرمج يجري على قدم وساق عبر خطة ممنهجة ومدروسة بإتقان وبدهاء صهيوني صفوي … الغرض والهدف من وراءه تفريغ العراق من كل شيء من الثروات , من الطاقات والكفاءات , من الشرفاء والخيرين المخلصين , ومحو كافة معالم العلم والمعرفة في هذا البلد العريق , كي لا تقوم لهذا الشعب وهذا البلد قائمة بعد هذه العشر سنوات هذه الفترة المظلمة الثانية في تاريخه .