23 ديسمبر، 2024 5:01 ص

رسالة إلى ولي العهد السعودي … دعوتك لتأسيس مركز تدقيق الحديث النبوي سياسية أم عقائدية ؟؟

رسالة إلى ولي العهد السعودي … دعوتك لتأسيس مركز تدقيق الحديث النبوي سياسية أم عقائدية ؟؟

أثارت دعوة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى تأسيس مركز أبحاث لتدقيق و تنقيح الحديث و السنة النبوية مزيدا من الاهتمام كونه أشار إلى أن الغرض منها هو تنقية السنة النبوية من الأحاديث المدسوسة التي تعتبر المصدر الفكري و العقائدي لمنابع الإرهاب . و الدعوة بحد ذاتها دعوة قيمة و في الاتجاه الصحيح , لكن ما يجب أخذه بنظر الاعتبار هو وجود عدة استفهامات و تساؤلات حول تلك الدعوة , فهل إن الهدف سياسي مرحلي تتطلبه المرحلة لما له من علاقة بالتناحرات أو التوازنات السياسية بعد أفول نجم داعش عسكريا كما أفل قبله نجم القاعدة و طالبان ؟ أم أن الهدف عقائدي تصحيحي له علاقة بمستقبل الإسلام كدين و عقيدة . و مع الأخذ بنظر الاعتبار أن المملكة العربية السعودية هي البلد الأكثر احتضانا لمدارس و مذاهب التطرف و التكفير كالوهابية و السلفية و التيمية التي تعتبر المصدر الفكري و العقائدي لحركات مثل داعش و القاعدة و طالبان و بنفس الوقت يتبنى أئمتها خطاب التكفير المعلن و الصريح في خطبهم و صلواتهم تجاه المسلمين و خصوصا أتباع المذهب الشيعي بكل طوائفه الأمامية و الزيدية و الإسماعيلية و غيرها مما يعني أن المملكة العربية السعودية هي البلد الأول المعني بعملية التصحيح و التغيير داخل منظومتها الدينية . و من الأسئلة الأخرى المطروحة هو إشارة الأمير محمد بن سلمان إلى أن مركز تدقيق السنة النبوية سيتألف من كبار العلماء دون أن يفصح هل أن المقصود بهم علماء المملكة العربية السعودية فقط و هذا ما يبقي الاستفهام قائما عن عدم جدوى ذلك و كما اشرنا آنفا من أن كبار أئمة التكفير من أتباع الوهابية و السلفية و التيمية هم علماء المملكة أنفسهم . أم أنه يشمل غيرهم من العلماء لكنه يبقى في إطار المذاهب السنية حصرا دون إشراك علماء الشيعة فيه و هذا ما يبقي المشروع ناقصا في تحقيق هدفه فيما لو كان عقائديا . أم أن المقصود بكبار العلماء سيشمل علماء المملكة و غيرهم كما انه سيشمل علماء السنة و الشيعة مع تعدد طوائفهم .
و مع فرض الأخذ بالاحتمال الأخير و هو شمول علماء السنة و الشيعة في عضوية المركز , يندرج سؤال جديد و هو أي من العلماء سيتم اختيارهم لهذه المهمة التصحيحية الخطيرة و من سيرشحهم ؟ فكما هو واضح و معلن من منهج التكفير للعديد من علماء السنة و في مقدمتهم علماء المملكة من أتباع المدرسة الوهابية و السلفية و التيمية خصوصا للشيعة , فان هناك علماء و مدارس شيعية تتخذ من سب و لعن الصحابة و أمهات المؤمنين و الطعن بعرضهن منهجا معلنا لها سواء بصورة مباشرة على لسانها أو غير مباشرة على لسان أتباعها ؟ و هل ستخضع تشكيلة المركز إلى المحاباة السياسية على أساس الصراع التقليدي ليكون أعضائه من علماء السنة و الشيعة أنفسهم ممن صنعهم الإعلام و الفضائيات و ممن أسهموا بإنتاج داعش من جهة و المليشيات الطائفية من جهة أخرى و التي تدفع سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و البحرين نتائجها و عندئذ يكون مصير المركز محكوم بالفشل على غرار الجامعة العربية و منظمة العمل الإسلامي و التي هي مؤسسات شكلية لم تقدم للعرب و المسلمين أي نتيجة ميدانية ما لم تكن هناك إرادة جدية و موضوعية بالاستماع إلى صوت المرجعيات السنية و الشيعية المعتدلة التي تنتهج منهج البحث و التحقيق و التنقيح و التدقيق العلمي و بعيدا عن أسلوب الفتوى الجاف و التي ربما يكون البعض منها بعيدا عن متناول اعلام المملكة و نظرائها