بعد غيرت الشمس ألوانهم, وأخذت منهم مأخذاَ, ها هو البرد الآن ينشر عباءته, فوق رؤوسهم المكللة بالمجد, ربما يتنافس الحر والبرد, والليل والنهار, والشمس والقمر, على القرب منهم, ليكونوا شاهدين جميعا, ومن قبلهم التاريخ على صناعة النصر, الذي تطرزه, أناملهم في لحظة, وهي تعانق البنادق, لترسم ملامح, وطن يولد من جديد.
هناك خلف السواتر, ترسم صورة ذلك الوطن, القريب البعيد, بأدوات رسم مختلفة, لم يألفها معاشر, الرسامين من قبل, أنه رسم من, طراز مختلف, ستبقى نتاجاته, تداعب العقول والأخيلة, وتتناقل أخباره الأجيال, جيل إثر جيل.
نعم إنها لوحات مجد, ترسم بالبنادق والدم, لتكون شاهدة, على معنى الرجولة والبطولة, أرواح تهفوا إلى العز, أستنشقت عبق الشهادة من كربلاء, وأتخذت من نداء الإباء هيهات منا الذلة, شعارا سرمدياً.
حزموا أمتعتهم, وتركوا الأهل والولد, ليقلعوا أنيابا غُرست, في جسد الوطن, ويغلقوا أبواب الشر, التي فتحها ضباع السياسية, وخفافيش السلطة, التي تعقد الصفقات تحت جنح الظلام.
عزموا على شراء وطن, بأرواحهم الطاهرة, بعد أن باعه من باع بأبخس الأثمان, من أجل كرسي زائل, فما كان من الغيارى, من أبناء هذا البلد, إلا أن يردوا كيد كل فاسق ومارق الى نحره, ويعيدوا الحق لأهله, فسحقوا رؤوس الافاعي, وأعادوا الجرذان الى جحورها, والقموا كل كلب يعوي حجراً, وقلعوا أظافراً, أرادت أن تفقأ عيون العراق
رغم الفاقة والعوز, وبساطة الحال, ورغم أن حيتان السلطة, ومافيات الكراسي لم تترك لهم, حتى ما يسدوا به, رمق عوائلهم, فقد فتشوا في جيوبهم, فلم يجدوا إلا أجرة الطريق , ليصلوا الى مراكز التطوع, ليقدموا أنفسهم قرباناً للوطن, أنهم أبطال الحشد الشعبي, نخبة النخبة وصفوة الصفوة.
لم نجد أحداً, من أبطال الفضائيات, يطل برأسه بعد أن, باع البلاد والعباد, ألا حين حقق أبطال الحشد, الشعبي أنتصارات, تلو الأخرى, عندها بدأنا نسمع, طنين, الذباب الذي يحوم حول القصاع.
نعم فسكان كوكب الخضراء, بعد أن حرصوا على, أن يخرجوا عوائلهم, وأبنائهم خارج البلاد, بدأوا يتهافتون, على ألتقاط الصور, وتوجيه الخطب والبيانات, بعد أن أدركوا أن الوضع تحت, سيطرة غيارى العراق, بل أن بعضم, أخذ يكيل التهم للمتطوعين, من أبناء الحشد الشعبي!, ويصفهم بالمليشيات, وأمثال هؤلاء أقل , من أن يوجه لهم أي كلام.
أنما نتوجه بالكلام, لتلك الأرواح التي تتسابق إلى السماء, لتكون قناديل تضيء سماء العراق, وتحوم حول أرض الطف, تحية لأياديكم المزرقة من البرد, والقابضة على الزناد, تحية لبطونكم التي ,تصارع الجوع, تحية لعينوكم, التي أتخذت من السهر رفيقاً, تحية لجراحكم, التي تنزف مسكاً, تحية لجباهكم المعفرة, بتراب السجود للباري جل وعلا, تحية لعوائلكم التي تترقب, عودتكم بعيون الصبر, وسلاماً على قوافل الشهداء التي تهفوا نحو المجد, وتحية لكم يا من, كحلتم عيون الشمس.
فأصبحت كقناديل معلقة تضيء سماء الطف
أرواح تتسابق ألى السماء,