23 ديسمبر، 2024 7:24 م

رسالة إلى فواز الفواز

رسالة إلى فواز الفواز

أتجنب الخوض في مثل هذه المناوشات التي أراها لا تستحق العناء في خضم المشاغل العامة  والهموم الخاصة غير ان مقالات  الأستاذ فواز الفواز ومقالته (شيعي يلطم، كردي يحلم ، سني يحكم)…ذكرتني بمد من أخذ ورد سابق… رؤية أعادتني  إلى ما قبل خمسين سنة  حيث كنت أعتقد من اننا و أهل محلتنا بالتحديد هي الفئة المنصورة ( بعون الله) بل وهي المقربة من الله حتى من ناس المحلة التي  تلاصق محلتنا … وهكذا!!  أما باقي الناس فقد خلقوا ليكونوا حطب جهنم… ووفق وعي وقتها لم أكلف نفسي جهد السؤال!؟ وفيما بعد وعيت ان هذه الفكرة لم احتكرها أنا لوحدي في صباي وى أهل منطقي  ومديني.. بل فكرة تستقر في رؤوس الملايين من الناس  ممن يمتلكون وعيا بالغا وكاملا! واليوم  وفي الوقت الذي اشعر فيه بالرضا لمغادرتي نظرية  الأحقية برضا الله لما بعد الحياة ، اعتقد ان التصالح مع النفس يلعب دورا في  قبول الناس والأفكار وحق حياة الآخر.. كما أرى أن أفضلية الناس  دنيا وما بعدها لا تقاس  وفق الدين ولا المذهب… فقد يكون متسول بوذي أو حتى لا ديني  من خلق الله أفضل من اسم إسلامي لامع وشاسع!! بينما لا يزال الغالب من الكبار سنا ومكانة يؤمنون بما كنت اعتقد في صباي!

 عزيزي الأستاذ فواز لا أدري إذا  كنت مؤمنا  بتكيات الدروشة كما أنا بعيد عن اللطم !!ولا أدري إذا  كنت بعيدا عن التنظيم والنصرة والتكفيريين كما أنا بعيد عن عصائب أهل الحق وجيش المهدي… لست في موضع دفاع عن الشيعة بقدر ما هي فكرة تقابل  نظريتك العوراء…بإقصاء ما يقارب 200 مليون عن عالم القيادة السياسية، لصالح بعض من يتراوح جل نشاطه بين الدق والرقص وبين سباق النوق أو تكفير الآخرين … ففي التاريخ الحديث قام قائد أعظم ( محمد على جناح) بتأسيس دولة باكستان (الأرض الطاهرة)  وهو رجل دولة ذو جذور شيعية مثل الرئيس الراحل ذو الفقار علي بوتو الذي جعل باكستان دولة نووية قوية باقتصادها وعسكرها…وهو والد الراحلة القائدة بلا نظير بوتو…وزوجها رئيس باكستان الحالي  عاصف زرداري … والكثير من قادة الهند وباكستان شيعة… ومنهم رئيس  جمهورية الهند  ذاكر حسين (1967-1969) ، وكل هذه الشخصيات لم تفكر يوما بوجود فوارق مذهبية أو عقائدية بين شعوبها … والحقيقة التي لا عوار فيها ان هذا السعار الطائفي والاقتتال والتكفير لم يكن بين الطائفتين كما هو اليوم والذي غذي بعد احتلال أفغانستان من قبل لملموم القتلة البرابرة باسم الدين ، ثم زاد في منطقتنا الجغرافية  بعد سقوط بغداد بدفع وتمويل سعودي قطري…لم يكن هناك سعار وتفجير وتكفير في دولة باكستان قبل مجيء الجنرال ضياء الحق ، وهو ابن إمام جامع ، قربه الرئيس  علي بوتو فقام بالانقلاب على بوتو وأعدمه،  سمح ضياء الحق للمد الوهابي بالتغلغل في باكستان مؤمنا  بنظرية الصبا  التي ذكرت سلفا حتى صار نقمة… على باكستان وعلى العالم.

    الشاه  محمد رضا بهلوي والذي كان شرطي الخليج ويتحاشاه – خوف ومهابة- كل ملوك و رؤساء و شيوخ المنطقة  ، كان شيعيا… مثل قادة ايران اليوم والذي يثبت نجاحهم هو بقاءهم حتى اليوم ، بينما تساقط الكثير من أعداء الخطاب الإيراني: كصدام ومبارك وبن على وعلي عبد الله صالح والقذافي..  وقادة منظمة مجاهدي خلق التي يدعوا لها العربان بحكم جديد في إيران ( ربيع إيراني) هم  شيعية… ومن المناسب التذكير  ان الحكم العباسي بدا شيعيا  بقتال و إبادة  بني أمية كان  للرضا من آل محمد إلا انه تغير ليكون عدو للشيعة بعد ثورة محمد ذو النفس الزكية  بوجه المنصور الذي لم يكتف بقتل آل محمد وإنما قتل من أوصله  لسدة الخلافة ، ومنهم عم المنصور عبد الله بن علي  وأبو مسلم الخراساني !!

   وسقطت دولة بني العباس على يد هولاكو  لسوء تدبير الخلافة وضعفها …و يذكر المؤرخون  ان  المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس امتعض وتألم بعدما سقطت قذيفة (خرق وفحم ونار)  أطلقتها قوات التتار المحاصرة لبغداد على قصره وقتلت راقصة!!!

و في التأريخ أخذ ليل وجر عتابة … ونترك الدولة الفاطمية  التي أسست أقدم مرجعية إسلامية للسنة حتى اليوم… ونترك سلاطين بني بويه والدولة الصفوية … وأسأل  كيف تصنف حكم  رئيس أذربيجان  إلهام علييف هل يصنف كما صنف الدكتور أياد علاوي من قبل الدكتور عدنان الدليمي !.

   ما هكذا تورد الحسابات يا أستاذ فواز…لدرجة ان نضع محاصصة  لمذاهب الراقصات والمطربات وبائعات اللبن … والبقالين والتجار من تطوان إلى بغداد!!

  وقد تعيب المرجعية ..وبعضها يراها مثل المرجعية السنية المقابلة التي فشلت في توحيد صفوفها… و نسبة الشيعة التي لا تتفق مع موقف المرجعية الشيعية لعلها تقارب نسبة رفض السنة لفتوى إرضاع الكبير التي تجيزها بعض المشايخ السنية..  ورفض فكرة زواج المتعة مرفوضة من الأغلبية الشيعية وأنا منهم كما ان جواز نكاح المملوك الذكر التي  يجيزها مذهب سني  مرفوضة من قبل السنة!.

الوهابية هي اتجاه تكفيري لا يشكل نسبة تذكر تجاه الشيعة ولا تجاه المذاهب  أو الجماعات التي تقارب الشيعة كالشافعية والقادرية والصوفية  والبريلوية والأحمدية!

لكل فرد حرية ما يعتقد وما يمارس !

أعتقد ان  اجترار مثل  هذه  المواضيع لا تجدي نفعا وصالحا…لا للمجتمعات ولا للأوطان… وما دفعت إلينا  إلا لجعلنا نعيش عدة قرون خلف ما يعيش الناس ونركض خلف الأوهام تاركين التقدم والمدنية لشعوب أخرى!
 
[email protected]