هذا نداء من قلب عراقي مكلوم ينزف دمعاً ودماً على شهداء العراق من كل أديانه ومذاهبه وقومياته، إلى فضيلة العلامة الدكتور عبد الملك السعدي (حفظه الله تعالى)، ندعو الله سبحانه لفضيلتكم بالخير والتوفيق وموفور الصحة وأن ينفع بكم وبعلمكم جميع العراقيين. لقد رأيتم – فضيلة الشيخ – كيف وقعت الاعتداءات على المتظاهرين في الفلوجة وكيف سقط الشهداء وقتل الجندي العراقي أخاه المواطن العراقي. إننا بحاجة إلى مواقفكم الوطنية الايمانية الداعية إلى الوحدة والوئام والتلاحم الشعبي والسلم والتعايش والتآخي والتضامن والتي تمد اليد المسالمة إلى أشقائنا الشيعة. نطلب من فضيلتكم المبادرة إلى اقتحام العقبة الطائفية وفك الرقبة العراقية بخطوة تاريخية تسجل في ميزان حسناتكم بزيارة سماحة السيد علي السيستاني في النجف الأشرف وأن تمدوا لسماحته يد المصافحة والمصالحة والوئام والأخوة والتراص والتآلف والتسامح لغرض كسر حالة الاستقطاب الطائفي المحيطة بالتظاهرات السلمية وتخفيف الاحتقان ومنع الاحتكاكات الدموية بين العراقيين المعارضين للحكومة وبين الموالين لها. وبهذه الخطوة من فضيلتكم وما تمثلونه إسلامياً وسُنياً ستحصل التظاهرات الشعبية على مباركة حقيقية من مرجعية النجف وشهادة منها تؤكد شرعية مطالب المحتجين، فتحميها من غلواء وتربص ومخططات الحكومة، وبالتالي سيكون لهذه الخطوة منكم أكبر الأثر على الجيش والشرطة وأغلبهم من أشقائنا الشيعة فلا يتعرضون لتظاهرات إخوانهم السُنة بالأذى والسوء. وأنتم تعلمون فضيلة الشيخ الكريم أن الجندي والشرطي يتأثر بحالة الشحن الطائفي السائدة وعندما يرى أمام عينيه مواقفاً وطنية وحدوية إسلامية تصالحية تواصلية بين كبار علماء السُنة والشيعة فإن هذا سينعكس على سلوكه في الشارع وأدائه الأمني مع المواطنين والمتظاهرين. الجميع يتطلع إلى دوركم شيخنا في تبديد المناخ الطائفي المحيط بالاحتجاجات الشعبية ومنحها الإطار الوطني اللازم والروح العراقية المطلوبة من خلال مواقف يحبها الله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه وسلم). نتمنى من حضرتك أن تكون يدكم هي العليا وأن تبادروا بالذهاب إلى النجف رغم مرضكم ووضعكم الصحي وصعوبة حركتكم فإن ذهابكم إلى النجف على كرسي متحرك درءاً للفتنة سيكتبه التاريخ بماء الذهب وبحروف من نور وستتذكره الأجيال العراقية لكم بكل اعتزاز وعرفان، قال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، وهو ينسجم مع انتمائكم ونسبكم إلى سيدنا الامام الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) الذي أصلح الله به بين فئتين من المسلمين، والله تعالى يقول: (إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، ويقول النبي (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم): (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) فلنكن نحن البادئين بالسلام على أشقائنا الشيعة. هذا وقت اقتحام العقبة الطائفية يا فضيلة الشيخ وفك رقاب العراقيين من أغلال الطائفية وأشباح الحرب الأهلية وفتح باب المستقبل المشرق الذي يُغاث فيه الناس وفيه يَعصِرون بإذن الله تعالى. أود أن أقول لحضرتك شيخنا أن الضابط الشيعي حين يُعذب معتقلاً سُنياً فإنه يفعل ذلك مدفوعاً بحالة الاحتقان الطائفي التي تسود المجتمع العراقي، وأن المواطن السُني إذا لجأ إلى حمل السلاح ضد الحكومة فإنه سيفعل ذلك مدفوعاً بالبغضاء الطائفية الشائعة في المجتمع، والحل شيخنا ليس في التخندق والتخندق والمضاد، وليس في جلوس كل طرف في معسكره الطائفي، بل الحل يكمن في خطوة حقيقية منكم جريئة شجاعة مخلصة بالعبور إلى الخندق الآخر ماداً يدك بالسلام لتفكيك الاستقطاب الطائفي عبر صفقة تاريخية للمصالحة بين السُنة والشيعة فنمد يدنا للشيعة ونعتذر عن ظلم صدام لهم وطغيان النظام السابق وممارساته الظالمة التي شهدها فضيلتكم وعايشها في العقود الماضية ونقول لإخواننا الشيعة لنفتح صفحة جديدة في عملية تصالح وتسامح وتغافر أسأل الله تعالى أن يجعلكم طرفاً فاعلاً فيها فضيلة الشيخ الكريم. حفظكم الله ورعاكم لما فيه خير العراق والعراقيين. ولكم مني وافر التقدير والاحترام.