23 ديسمبر، 2024 3:40 ص

رسالة إلى صديقي المدني المتحمس لتيار الحكمة

رسالة إلى صديقي المدني المتحمس لتيار الحكمة

حهل أنت سعيد لمشهد السيد عمار الحكيم وهو يعلن تشكيل تيار الحكمة ، مثلما صفقت وانت ترى سليم الجبوري يقرر تشكيل حزب مدني ، وايضا لاتنسى عزيزي انك كنت منتشيا وانت تسمع خطابات جبهة الاصلاح البرلمانية ؟ وتتابع بمنتهى الرضا تحليلات النائب مشعان الجبوري عن الفساد .
للأسف، لستُ مستعدّاً ياصديقي لأشاطرك هذه المتعة والنشوة التي هبطت عليك فجأة ، وأنت نخيرنا ان خطوة عمار الحكيم الاخيرة ستنقذ العراق من الضياع وتؤسس لدولة المواطنة ، وتنسى أنّ الرجل وحزبه طالبوا قبل سنوات بالغاء قانون الاحوال الشخصية لانه يساوي بين الرجال والنساء ، .
لا تنسَ أيها الصديق المدني ، أنك بصدد تلبية طلبات قوى سياسية دينية مقطوعة الصلة بتوجهاتك وبأحلامك لبناء دولة العدالة الاجتماعية ، وأن هذه الجهات التي تعتصم وتناور على نظام سياسي ، كانت هي التي رسخت وأسست ودافعت عنه طوال 14 عاما ، وحاولت بكل ما امتلكت من قوة وسلطة ان تعزلك عن المشهد السياسي ، وان تحوّلك الى مجرد متفرّج .
ولهذا ياصديقي ، أتمنّى عليك ان تسأل نفسك اليوم وليس غدا : هل تيار الكرامة ومعه حزب سليم الجبوري واحزاب اخرى ستشكل قريبا باسماء وعناوين مدنية ستبني لنا دولة مؤسسات ، يتساوى فيها الجميع ، شعارها الكفاءة وليس الولاء للمسؤول أو الزعيم ؟
من الرابح في هذه الالاعيب السياسية ، هل المواطن الذي يتعرض كل يوم لانواع من الخديعة والسرقة والقتل على الهوية والظلم والإهانة والإقصاء ، أم السيد عمار الحكيم الذي التي خرجت علينا امس ليقول ” ان الالحاد ينتشر بين الشباب ويجب مواجهته بقوة وضربها بيد من حديد ” ، من المستفيد الارملة العراقية التي تستجدي راتبا من الدولة ، ام احزاب وقوى سياسية استولت على كل شئ في البلاد .
أيها الصديق المدني : عليك ان تعرف، أيضاً، أن قطار الانشقاقات الحزبية انطلق مستهدفا احزاب تعيش على المحاصصة ، وبنت قواعدها قو على تبادل المنافع ، ليبني نظاما لايختلف عن القديم سوى بالاسم والعنوان ، وقد وجدوا في الفوضى السياسية الجديدة ، فرصة للحصول على ما تبقّى من الكعكة ، وإنك ياصديقي ستجد نفسك واقفاً على الرصيف، في وضعية المتفرج، انتظاراً لإشارةٍ ممن يجلسون في عربات القطار، كي تقفز في العربات الخلفية، ، بحثاً عمّا تبقّى من الوطن .
لم يحدث في تاريخ الامم ان غيبت الدولة المدنية الى هذه الدرجة من العدمية. غيّبها الخطاب السياسي ، والشعار الديني ، وهوس هتافات المبايعة . والمدنية التي كانت حلم ، صارت تهمة وعيباً خلقيا لا تتلاءم مع دولة الفضيلة التي يريد ان يبنيها السيد عمار الحكيم .
ياصديقي وانا اكتب اليك هذه الكلمات ، أتذكر الدرس الذي يلقيه علينا المؤرخ الأميركي هوارد زن :” لا تنسَ أبداً أنك مواطن، لا تدعهم يكذبون ويصنعون منك شماعة لفشلهم، شاغب عندما يكون ذلك ضروريا، وتمسك بحلمك بقوة، فهو طريقك الوحيد لكي ننجو من الغرق في رمال الكذب”!