23 ديسمبر، 2024 9:29 ص

رسالة إلى النائب وليد الحلي

رسالة إلى النائب وليد الحلي

النائب وليد الحلي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقلت وسائل الإعلام تصريحا عن جنابكم الكريم مفاده ( إنّ حكومة الأغلبية ستضم كل مكوّنات البلاد , لكنها ستقوم على الانسجام والقدرة والنزاهة , بخلاف الحكومة الحالية ) , ونحن نرى أنّ هذا التصريح هو التفاف على الشعار الذي رفعه ائتلاف دولة القانون الذي تنتمي إليه , وتفريغ لمفهوم وجوهر حكومة الأغلبية السياسية , وما تفضّل به جنابكم الكريم لا يعدو أكثر من تنظير فارغ المعنى والمحتوى , مع الاعتذار لهذا التوصيف , فحكومة الأغلبية السياسية لا تقوم أو تؤسس على أساس المكوّنات , بل هي حكومة بين أحزاب سياسية تشترك ببرنامج سياسي متّفق عليه , وهذا النمط من الحكومات معمول به في كل الأنظمة الديمقراطية في العالم ومن دون استثناء , ويمثل الجوهر الحقيقي للنظام الديمقراطي .
سيدي النائب المحترم .. كنّا قد اسبشرنا خيرا حين طرح ائتلافكم الموّقر وعلى لسان رئيس الوزراء نوري المالكي , شعار حكومة الأغلبية السياسية , واعتبرنا طرح هذا الشعار في هذا الوقت هو توجه نحو تصحيح المسار الخاطئ في العملية السياسية الذي قام على مبدأ حكم المكوّنات , وبموجب هذا المبدأ تمّ تقسيم العراق إلى ثلاث مكوّنات رئيسية , تشترك وتتقاسم الحكم فيما بينها وفق الطريقة المعمول بها منذ سقوط النظام الديكتاتوري وحتى هذه اللحظة , وكانت النتيجة هي هذه المأساة التي يعيشها الشعب العراقي , فالانسجام بين المكوّنات الذي تتحدث عنه , مفقود وغائب لاسباب أنت أعرف الناس بها , وهذا الافتراض ساقط ولا وجود له على أرض الواقع , ولوكان هذا الانسجام متوّفر بحده الأدنى , لما وصل البلد لهذا المأزق السياسي الذي نعيشه الآن .
سيدي النائب المحترم .. إنّ جوهر النظام الديمقراطي قائم على أساس دولة المواطنة , وليس على أساس دولة المكوّنات , ولو كان هذا هو جوهر النظام الديمقراطي , لرأينا أكثر من أربعمئة قومية تشترك في حكومة الهند التي هي أكبر الديمقراطيات في العالم , ولرأينا العرب والمسلمين يشتركون في حكم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الديمقراطية , فتمثيل المكوّنات يجب أن يكون في البرلمان ولا يشترط أن يكون في الحكومة , وتمثيل كل المكوّنات في الحكم بدعة لا تمتّ بصلة للديمقراطية والنظام الديمقراطي , انفرد بها العراق بعد سقوط النظام الديكتاتوري , وربّما هي الأقرب للتقسيم الطائفي في لبنان .
في الختام سيدي النائب .. أرجو أن لا يكون هذا التصريح تمهيدا للتراجع عن شعار حكومة الأغلبية السياسية , فلا مجال للخروج من هذا المأزق السياسي الذي يعيشه البلد , إلا بحكومة الأغلبية السياسية , وأتمنى عليك وعلى جميع السياسيين أن يكفّ عن إطلاق مثل هذه التصريحات الضارة والمؤذية , وأن يفكرّوا مليّا في تصريحاتهم وكلامهم قبل إعلانه على الملأ في وسائل الإعلام , كما أرجوا أن تتقبل هذا النقد بسعة صدر , ولك مني فائق الاحترام والتقدير ووفقكم الله لخدمة بلدكم وشعبكم .