انّ خمساً من السنوات مضت منذ أحال مجلس الوزراء العراقي مسودتا قانوني الأحوال الشخصية والقضاء الجعفري إلى مكتب ومرجعية السيد علي السيستاني في 3 / 12 / 2013 م . خمساً من سنوات اللامبالاة بالفكر والعقيدة ، خمساً من سنوات الهجر لدماء الأتقياء الازكياء من شيعة علي بن أبي طالب . بل هي سنين عجاف ، تحكي قصة اللامشروع الذي ينتهجه خط هذه المرجعية ، إنْ احسنّا الظن بها . بل هي سنوات حزن للإمام الحجة .
ان سياسة إخفاء الرأس في التراب للهروب من واقع القضايا الكبرى في تاريخنا العقدي كانت هي الغالبة على مرجعية السيد السيستاني ، ولا يقولنّ احد كيف وهي صمام الأمان ، فلا أمن ولا أمان كما يعلم الجميع ، وقد أهدرنا من الدم والمال ما لا اخسّ منه ، ولا يدعينّ احد أنها صاحبة فتوى الجهاد ، فلو كان العراقيون بانتظارها لماتوا في كل شارع ، ولتخطفتهم الناس ، بل إن الفصائل الرئيسة في الحشد الشعبي والمقاومة كانت قائمة من سنين طويلة وهي على خلاف فكري مستمر مع السيستاني ، والحقيقة أن لا فتوى ولا هم يحزنون ، بل نعلم جميعاً ان فتوى الجهاد في ثورة العشرين وقّعها احد عشر زعيم قبيلة مع المرجعية الدينية ، فأين هي فتوى اليوم ومن وقّعها .
ان الألم الذي استشعره جرّاء هذا الموقف اللامبالي لمكتب السيستاني يستخلص وجوده من تاريخ صنعه آبائي وأجدادي على هذه الأرض ، من دمهم الذي سال لقرون وهم بانتظار دولة الحق ، فهل هذه الدولة هي التي يتزعم دينها السيد السيستاني اليوم ، من نهب المال العام وهم ساكتون ، من ضياع في الفكر والعمل وهم غافلون ، من انحدار اجتماعي وهم منكرون ، كلا .
ان الامر عندي جلل ، والمصاب جليل ، فنحن نجمّد التاريخ والدم في مكتب السيستاني ، بل نحن نقتل الفكر والهوية هناك ، ونجني على حرية الانتماء والعقيدة . ان بقاء القانونين رهن رأي السيد السيستاني كفيل بموتهما البطيء ، ولا صريخ ولا نادب .
وهل ان خلاصة الجهاد الشيعي لقرون – برأي مكتب السيستاني – ان تحتلب الأحزاب المال ، وأن يسيطر أتباعه على أموال الأوقاف والعتبات المقدسة ، هل هذه دولة الإمام المنتظرة مثلا ، هل قُتل أجدادنا وهجّروا ليأتي ال العلّاق وأمثالهم ليحتطبوا مالنا ، بئست الصفقة .
واذا كان عبد الهادي الحكيم متحدثاً بإسم السيستاني حين قال انه « أوضح رأي المرجعية العليا، كونه السياسي الوحيد الذي يستقبله المرجع الأعلى علي السيستاني ، وأن وزير العدل اختار التوقيت غير المناسب لطرحه القانون »
فاليوم لم تعد من حجة ولا يوجد من عذر لإبداء الرأي وانفاذ الامر وتحت عنوان مكتب السيستاني نفسه ليكون له الشكر والجنة معاً . فلم يعد كاتب القانونين في السلطة ، وقد أقرّ أرباب السياسة ان رئيس الوزراء الجديد هو مرشح ومرجعية السيد علي السيستاني .
فإذا كانت دماء الشيعة هي التي حررت العراق ، وإذا كانت ثروة العراق ذهبت بجولات التراخيص ، واذا كانت الأرقام الفلكية تذهب في فضاء الفساد ، وتزداد الضرائب المجحفة على عوائل أولئك الشهداء الذين لم ينالوا حقوقهم ، فاولى بهذه الدماء ان تكافئ بإكليل عقدي تكون به قد حققت شيئا .
ولا ينسى مكتب هذه المرجعية ان بين رفضها تمرير القانونين وبين دخول داعش للمدن الآمنة سوى خمسة أشهر ، إذ دخلت الموصل في 9 / 5 / 2014 م ، كما في كل سنن ابتلاء الأمم العاصية .