يسعدني أن أبعث رسالتي هذه وقد أضاء لي توليكم مسؤولية أمانة بغداد أملا جديدا في إمكانية إحداث نقلة نوعية في تاريخ بغداد التي خسرت الكثير من معالمها الجمالية والتراثية لعقد من الزمن فأصبحت تعاني من تراكم النفايات وانعدام الخدمات في الكثير من مفاصلها بعد أن كانت ترتدي ثوب الجمال المطرز بإبداعات أهلها
ومحبيها لقد كانت بغداد عروس الشرق وحاضرة الدنيا وقبلة أنظار الشعوب وكان شارع الرشيد هويتها الحضارية والتاريخية الخالدة ومحط رحال السياح الأجانب الذين وجدوا فيه المدخل إلى حضارة بغداد وعرسها التاريخي المجيد ومن هنا تبرز الحاجة الماسة إلى إحاطة هذا الشارع العريق بجهد استثنائي من قبلك شخصيا لأن واقعه الحالي البائس يثير الحزن والشجن العميقين فأكداس القمامة تتوسط هذا الشارع والحفر تتناثر على جوانبه إنه شارع مقفر يشكو الإهمال رغم تعاقب الإدارات البلدية على أمانة بغداد وإنني أرجوك زيارة هذا الشارع وهو على مقربة منك لتشاهدي حجم الإهمال الذي يعانيه وإن إعادة الحياة إليه تمثل إعادة الحياة إلى قلب بغداد واني على ثقة كبيرة بأن توليك هذه المسؤولية سيضفي على بغداد مسحة جمالية تعيد إليها شبابها ونضارتها لأن المرأة بطبيعتها تميل إلى حسن التنسيق والتدبير في بيتها فكيف إذا أنيطت بها إدارة بيتها الكبير بغداد .
سيدتي الكريمة أتمنى منك أن تكوني ميدانية في عملك لتكوني قريبة من مواطنيك الذين يتطلعون إلى لقائك ولتدرسي أوضاعهم فهم أهلك الذين بالتواصل معهم تحققين النجاحات وتنعشين في قلوبهم زهور الأمل فالعمل الميداني المباشر سيجنبك الكثير من تقارير الإنجازات الوهمية التي ترفعها بعض الجهات البلدية والتي تناقض الواقع البائس لمعظم مناطق بغداد ومن المهم هنا أن أشير إلى نقطة جوهرية وهي أن يكون لك اتصال مباشر مع المواطنين من خلال رقم خاص يعلن في وسائل الإعلام يحمل شكاوى المواطنين ويكون بإشرافك شخصيا وعدم تحويل شكاوى المواطنين إلى الأقسام البلدية المشكو منها لأنها بيت الداء ولأنها لو كانت تستجيب لطلبات الناس وشكواهم لما احتاجوا اللجوء إليك وهذه القضية مزمنة منذ سنين وأتمنى أن تحدثي تغييرا جذريا في معالجتها وتجاوز الصيغ الروتينية القديمة التي لم تحقق شيئا للمواطنين .ومن الظواهر
المؤسفة التي ميزت عمل أمانة بغداد في المراحل السابقة قيام دوائر الأمانة بتبليط بعض الشوارع الرئيسية والمزدحمة في وضح النهار وفي عز الصيف وحرارته اللاهبة مما يؤدي إلى زحام شديد للسيارات وتأخر المواطنين لساعات طويلة نتيجة سوء اختيار الوقت المناسب للعمل علما بأن أمانة بغداد كانت في مرحلة الثمانينات تقوم بتليط الشوارع بعد الظهر وبعد اتتهاء الدوام الرسمي وتستمر حتي ساعات متأخرة من الليل وبالتنفيذ المباشر من قبل كوادرها وبواسطة معاملها الخاصة بعيدا عن أسلوب المقاولات وما يرافقها من شبهات مالية على حساب الجودة والإتقان فيصبح المواطن على شوارع مبلطة ونظيفة وجميلة .
سيدتي العزيزة اعتادت دوائر البلدية في بغداد على تزيين الشوارع الرئيسية والتي يمر بها المسؤولون فتواضب على نظافتها وتشجيرها بل وتنظيف أرصفتها بسيارات الفرشاة التي تمتص الأتربة من جوانب تلك الشوارع ولكنها تهمل الأزقة الخلفية وخاصة في المناطق الشعبية التي يسكن بها المتعبون وأصحاب الدخل المحدود ففي موسم الأمطار تتحول هذه المناطق إلى بحيرات موحلة تسبب الكثير من الأذى لسكانها وخاصة تلاميذ المدارس الذين يعبرون هذه الأوحال للوصول إلى مدارسهم وهنا تبرز حقيقة كبيرة واضحة للعيان وأتمنى منك أ ن ترفعيها شعارا للعمل في هذه المرحلة وهي( إن نجاح الموظف البلدي يجب أن يبدأ من الأزقة الخلفية قبل الشوارع العامة ) ولتكن نقطة بداية العمل والشروع به من هذه الأزقة حتى يشعر مواطنوها بأنهم متساوون في الخدمات مع المناطق الراقية بل هم أكثر حاجة منها لحجم الإهمال المتراكم في هذه المناطق فالعناية بهذه الأزقة ورعايتها سيجلب لك دعاء سكانها المتعبين من النساء الطاعنات بالسن والمتقاعدين الذين سيشكرون جهودك في توفير بيئة نظيفة خالية من روائح القمامة المحروقة التي تهب على المنازل نتيجة عدم حملها وتراكمها في تلك الأزقة والأمثلة كثيرة ومستعد لإرشادك إليها في مناطق بغداد العديدة .
سيدتي الفاضلة إن التركة التي تواجهك في بداية عملك ثقيلة وهي متوارثة من إدارات عديدة سبقتك ولا يمكن حلها في فترة وجيزة ولكننا على ثقة وطيدة بأن وجودك على رأس هذه المؤسسة الهامة سيحقق الكثير من طموحاتنا وإن مسيرة الألف ميل قد بدأت وإن أجراس العمل الجدي قد دقت لتعلن ميلاد مرحلة جديدة تحول الزمن إلى منجزات وتعيد إلى بغداد وجهها الحضاري المشرق . وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك.