23 ديسمبر، 2024 1:45 م

رسالة إلى ( الجنرال ) وزير الثقافة العراقي

رسالة إلى ( الجنرال ) وزير الثقافة العراقي

السيد سعدون الدليمي، منذ تسلمك المنصب في العام 2010، ولم نر لمساتك على الواقع الثقافي العراقي، ولم نجد لك حضوراً واضحاً بين أوساط المثقفيين، وكأنك خارج هذا المكان الذي أُقحمتَ فيه، كنتَ وزيراً للدفاع، ومازلت تمارس هذا المنصب بالوكالة، وحضورك واضح بين العسكر وفي جبهات المواجهة، وحتى لا أطيل في السرد الفارغ، أقول بعبارة واضحة ( مالكَ  والثقافة ؟ ). إن العراق يعاني من عشوائية في كل شيء، لكني أظن أن هناك من هم أهلٌ ليحملوا هذا الوضع ويرتقوا به، ويلتفتوا إلى مبدعينا في العراق وخارجه، ممن يعانون التهميش، نعم، أريد أن أنقل لك صوراً لثلاثة منهم فقط، عراقيين مبدعين، كل واحد منهم يعمل بثقل وزارة ثقافة، وهناك العشرات أو المئات منهم، في العراق وخارجه ممن يعانون هذا التهميش.
الأول .. الكُتبي ( ستار محسن علي ) صاحب مكتبة سطور في شارع المتنبي، هذا العراقي الأصيل، يناضل دوماً بلا كلل أو ملل من أجل إيصال الكتاب إلى كل محافظات العراق، وقد رفع شعار ( لكل عراقي كتاب ) بعدما رفعتم شعار ( لكل أجلٍ كتاب ). في الصيف في الشتاء، في البرد والمطر، يحمل كتبه إلى أقضية ونواحي لم تفكر وزارتك يوماً أن توزع فيها ولو صحيفة واحدة. على نفقته الخاصة يتنقل، بامكانياته المعدومة يخلق الابداع في معارض للكتب، لم يرد طالباً لكتاب على سعر، ويحلم أن يشتري ( ستّوتة ) ليوصل الكتاب إلى كل بيت عراقي ! أين أنتم منه ؟ ما ضرّكم لو دعمتم هكذا شخصيات ؟
الثاني .. الفنان الرسام المبدع ( صدر الدين حمه أمين ) من أشهر الفنانين العراقيين المقيمين في الخارج، علمٌ من أعلام الابداع العالمي، يقيم في ولاية ( بنسلفانيا ) في الولايات المتحدة الأمريكية، هل سمعتَ به سيادة الجنرال ؟ هل تعلم أن الصحف العالمية تكتب عنه، وعن لمساته السحرية وتعامله الخارق مع الفرشاة واللون ؟ أجزم أنك لم تسمع، وربما لن تسمع، لأنك مشغول بما هو أهم من هذه الطاقات الكونية. صدر الدين، يحب العراق، يعتبر نفسه واحد من المگاريد المهمشين، نقيٌ جميل، رائعٌ كبير، تحتفي به المؤسسات والمعارض العالمية. هل تدري سيدي الجنرال الوزير ماذا كتب صدر الدين مؤخراً لصديق له، بعدما أخرج له فيلماً خاصاً عن سيرته الفنية في أربع دقائق ؟ يقول الفنان المبدع صدرالدين أمين لصديقه موفق أحمد ( سلام وعناق وبانتظار أفلامك القيمة عن اخوتنا الاخرين من المبدعين، وخاصة العراقيين المهمشين مثلنا). ماضرّ وزارتك لو دعته إلى إقامة معارضه في العراق ؟ ماضرّ وزارتك لو سلّطت الضوء على نتاجه الجميل ؟
الثالث .. الروائي المبدع ( أحمد سعداوي ) مؤلف رواية ( فرنكشتاين في بغداد )، والتي ترشحت إلى القائمة القصيرة لنيل جائزة البوكر العالمية للرواية العربية. هذا المبدع يرفع اسم العراق في نتاجه، يوصل للعالم صورة أنقى من الصور المحروقة التي تنتجها وزارتكم. هذا الروائي مجسّ حقيقي من أننا لازلنا بخير، لكن، أين أنتم منه ؟ في مصر ورغم ضروفها الحالية، تم تجسيد العمل الروائي ( الفيل الأزرق ) للكاتب المصري أحمد مراد في مسرحية، ونحن لانرى أيّ بادرة منكم تجاه هذا العمل وتجاه من سطّره، وأين حضوره في الإعلام ؟ يكتفي أحمد سعداوي بجلسات هنا وهناك، وهو شخصياً يقوم بنشرها على صفحته الخاصة في الفيسبوك.
سيدي الجنرال المحترم : لقد رصدتم مئات الملايين من الدولارات لما يسمى ( بغداد عاصمة الثقافة العربية ) ولم يستذوق العراقييون على أقل تقدير أي طعم لهذا الفعل، وهذا يعني أنكم لاتنقصكم المادة، بل ينقصكم شيء آخر.
دمتم للنضال ..
[email protected]