18 ديسمبر، 2024 8:52 م

رسالة إسلام مُستضعف‎

رسالة إسلام مُستضعف‎

الإسلام تلك المنظومة الفكرية العظيمة التي يترشح منها كل خير ويفيض عنها كل عطاء ، منظومة تجسد حكمة الله مع خلقه وهو ما يُفترض بها أن تكون في قمة الرفعة و السمو وهي كذلك ، إلا أن أدنى ملاحظة لمجريات الأحداث المتسارعة تجد المفارقة التي يتولد منها سؤال في صميم ما نحن فيه .إذا كان الإسلام عظيما بما فيه من عناصر العظمة التي ذكرت بوصفه خاتم الأديان وما يمثله من الكمال في تشريعاته من حيث توافر عنصر الحكمة فيها ، إلا أننا نجد الإسلام اليوم ضعيفا تصدر باسمه أفكارا خلافا للإنسانية وما زال أبناؤه يقبعون في القاعدة قياسا لمخالفيهم ؟؟وفي معرض الجواب وقبل ذلك لابد أن نميز جيدا بين الإسلام و المسلمين ؛ فالإسلام هو مجموع التشريعات النظرية للحكمة الإلهية التي تستهدف الرقي بإنسانية الإنسان ، في حين أن المسلمين هم أولئك الأشخاص الذين كان يُفترض بهم أن يعملوا وفق تلك التشريعات ليحضوا بتلك الجوائز الثمينة ، فمن الخطأ أن نفترض ضعف الإسلام بحال بقدر ما هو ضعف للمسلمين ، وهنا يمكن لنا أن نجيب عن السؤال بوضوح :
إن الاسلام مشروع نظري متكامل من الناحية التشريعية التي تتوخى تهيئة الإنسان لاستخلاف الأرض ، لكن المشكلة التي تواجهنا والتي تعد حجر عثر في هذا الطريق ألخصها في ثلاثة عوامل :
الأول / ضعف الوعي لدى عامة الناس عن فهم رسالة الإسلام الذي يترتب عليه قصور في معرفة الغاية التي خُلق من أجلها الإنسان ، وهنا يتعامل الفرد المسلم مع هذه التشريعات تعاملا سطحيا لا يفعل الجانب الرسالي فيها ليكون عنصرا حركيا في وحي الأمة وضميرها.
العامل الثاني : هو ضعف أغلب المتصدين لقيادة الأمة عن طرح الإسلام بلباس حضاري يتلائم مع حاجيات العصر وتحديات المرحلة الراهنة ،الأمر الذي أدى إلى نفور أغلب أفراده منه وراحوا يقذفون أنفسهم بأحضان من أبهر عقولهم عبر التكنولوجيا والتقنيات . و انعكست تصرفات بعض من ينتسب إلى المؤسسة الدينية على طبيعة العلاقة مع هذه المؤسسة التي يفترض فيها أن تقوم على أساس الإيثار ونكران الذات كما هو حال قادة الأمة القريبين من الرسول الكريم .
العامل الثالث : هو ما يقوم به أعداء الإسلام المتمثل بالماكنة الماسونية بكل تفريعاتها وما يتصل بها من تشويه متعمد ومدروس لصورة الإسلام باعتباره المنافس الأقوى و الخصم العتيد و العدو التأريخي الذي حال وعلى مدى قرون تصرمت دون أن يسمح لهم باستضعاف الإنسان واستعباده وهذا ما لايروق لهم ، فقاموا باستخدام أعتى الوسائل وأشرسها في العصر الحديث من تقنياتٍ متطورة و قنواتٍ فضائية متنوعة بالإسلوب الذي يحقق أهدافهم و الترويج لأهدافهم الاستراتيجية ، بدءا من الحروب التي تنتج الفقر و الجهل إلى فرض الحكام الظالمين على الشعوب المسلمة وصولا مع بدء عصر العولمة و لازالت الحرب قائمة على قدم وساق ولم تخبو نارها ولم تهدأ إوارها .
كل هذه العوامل حالت دون تحقيق ما نادى به الإسلام من شعارات الأمر الذي انعكس أن يكون المسلمون بهذه الصورة من الوهن و الاستضعاف، ولم يكن ما كان لو أنهم تمكنوا من توظيف عناصر القوة التي مُنحت لهم .ولذلك فمسؤولية الجميع أن يسعى إلى أن يأخذ دوره وبحسب ما يمليه عليه دينه من تكليف بينه وبين الله بأن يصلح ما تم إفساده وهذا لايكون إلا بأمرين ؛ الأول / إصلاح النفس فأن منها يتفرع كل إصلاح وخير ، والثاني : الإلتفات إلى حجم المؤامرة و الكارثة والشعور بالمسؤولية إزاء ما يجري من تحديات والنظر إلى سوء العاقبة بحسب المقدمات السابقة التي ستفضي في نهاية الأمر إلى ما لا يحمد عقباه لو استمر الوضع على ما هو عليه ، لأن السفينة حينما تُثقب من قبل الجهلاء وشذاذ الآفاق فإن الجميع في معرض الغرق ولو بعد حين كما قال تعالى 🙁 واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) .