22 ديسمبر، 2024 8:14 م

رسائل مسعود البارزاني في تشييع جلال الطالباني؟

رسائل مسعود البارزاني في تشييع جلال الطالباني؟

منعطف عراقي تتسارع فيه الأحداث الواحد تلو الاخر البحث فيه عن الزعامة القومية هو سيد الموقف وربما تلك النزعة الفردية لا تبالي لنتائج تلك الأحداث وهو ما يمارسه اليوم السيد مسعود البارزاني على مستوى العراق والمنطقة ويتجاوز به الى اشغال العالم من خلال الضرب على وتر القومية والعشائرية المتشددة في التحكم بمصير أمة كردية أنهكتها الحروب وطيش الحكام الذين تسلطوا على رقاب العراقيين حتى سقوط النظام البعثي .
بعد مخاض عسير مرت به المناطق الشمالية انطوت على نزاعات داخلية وحرب زعامات، تارة باردة وتارة اخرى يعلو فيها الرصاص قبل ان يسقط اخر بعثي بنهاية حكمهم في 2003 حيث اتجهت بوصلة الاستقرار والإعمار في المحافظات الشمالية تحت ظل الدستور العراقي وأصبحت الفيدرالية تكاد تصل الى سقوف الكونفدرالية من حيث الاستقلال في القرار وحكم المحافظات الثلاث بنفسها لكنها تحولت شيئا فشيئا الى حالة من الإقطاعية الحاكمة لعائلة السيد مسعود البارزاني وتسلّط واضح منه شخصيا في التفرد بحكم الاقليم الذي أقره الدستور العراقي بأصوات اكثر من 70% من عموم الشعب العراقي وهذه الحالة الشمولية خلقت فوضى سياسية جعلت من التشبث بحكم الاقليم شبيهة بما كان يحصل في العراق قبل 2003 في ظل أنظمة تعاقبت على حكمه ولذلك رأينا الفوضى السياسية قد تنامت ووصلت الى حد الطلاق السياسي بين فرقاء الاقليم وما عاد الدستور العراقي يعني لهم شيئا في الاحتكام اليه ولا عادت بغداد ومؤسساتها الاتحادية مكانا لحل خلافاتهم الى ان اصبح “وبشخطة” قلم من الرئيس توقف عمل البرلمان وكما هو الحال بأمر سلطاني منه منع الكثير من مسؤولي مؤسسات الاقليم في الوصول الى مكاتبهم ويبدو ان ذلك من ضروب التفرد بالحكم وتحجيم الآخرين والسكوت عما يفعله أبناء الحاكم المطلق.
لقد جاءت أحداث استفتاء الاستقلال الاخيرة لتعزز هذا التوجه البارزاني وتدفع بكل الملفات مرة واحدة الى خانة المواجهة مع الدستور العراقي والحكومة الاتحادية والشعب العراقي اضافة الى دول الجوار الثنائي الذي يتخذ موقفا صارما ومعاديا لأي تحرك ينتج عنه قيام كيان هو محرقة لحدودهم الدولية مع العراق ومادة مغرية لمواطنيهم الكرد في ان يحلموا كما يحلم غيرهم .
لم يكن امام مسعود غير المجازفة القاتلة تلك ليكون زعيما قوميا للكرد عموما وليس في شمال العراق وحسب فالحلم يمتد الى العمق التركي والايراني والسوري ولكن قبل ذلك كله فالرجل يرتب اوراقه للسيطرة الرمزية بالزعامة الجماهيرية وبنزعة قومية على التفرد بفرض نفسه الزعيم الوحيد على أكراد العراق وما حصل في تشييع المرحوم مام جلال الطالباني كانت رسالة واضحة من السيد مسعود في ترتيب بروتوكلات التشييع وفقا لمقاساته التي يريدها تحمل في طياتها رسائل عدّة أولها ليجرد الرجل من عراقيته تماما ومن هيبة ان يكون العنوان تشييع جثمان الرئيس العراقي السابق الى عنوان آخر هو تشييع زعيم كردي على مستوى محافطة السليمانية قد نزل تواً من الجبل بعد ان نفض عنه نضال التحرّر من الأنظمة الشمولية وما اراده السيد مسعود وكل كابينة الحكم المنتهية الصلاحية الدستورية معه هو إهانة السيد جلال الطالباني الغريم السياسي له والتفرّد بالساحة الكردية بشكل واضح ليكون هو قبلة حكومات العالم وبعض الساسة المحليين الذين يجثون دائما امام سياساته التفرّدية دون حساب للعراق أو بغداد المركز لظنهم انه هو البوصلة التي توجه السياسة في العراق ، لذلك اتمنى ان يوقف ابناء العراق هؤلاء البعض الذين يتحركون اليوم وفقا لمصالحهم من اجل تخفيف الضغط على البارزاني ومشاريعه الانفصالية لان عنوان الوطنية والإيمان بها معدومة في من يسعى ومن يريد ضربها بمصالح ضيقة…