23 ديسمبر، 2024 10:20 ص

إلى المواكب الحسينية ..
الشعائر الحسينية اتسمت بالقداسة منذ البدء وما زالت تلك القداسة تحوطها ولم يعترض احد على قدسية شعائر الله وأكيد انها تأخذ قدسيتها من انتسابها لله سبحانه وتعالى (شعائر الله) كما ورد في القران الكريم وليست كل الطقوس شعائر بل ان الكثير من الممارسات التي يمارسها الناس انما هي خليط من الطقوس الموروثة والشعائر حتى تقادم عليها الزمن وصار من الصعب الفصل بينهما لشدة التصاق ذهنية الناس بقداسة تلك الطقوس وليس بالامكان فصل الاعتقاد النفسي لدى عوام الناس بسهولة بل لن متابعة لعمل المصلحين على الطول الخط التاريخي نرى انهم يتعاملون بدقة وحذر مع مفاهيم الناس حولب الشعائر بل ان اغلب المتصدين يغضون النظر عن مناقشة اصول الشعائر وبيان قدسية الصحيح منها وطقوسية غير الصحيح .
عند مطالعة اجمالية لتطور الشعائر في العراق خصوصا بعد انهيار دولة الظلم دولة البعث الكافر وقد تطورت الشعائر والممارسات العاشورائية بسرعة منقطعة النظير وذلك بسبب الكبت الذي كان يعانيه المجتمع الحسيني العراقي لسنوات طوال .
المواكب الحسينية عند النظر اليها بنظرة تجريدية انما هي تعبر عن مؤسسات اخذت على عاتقها الترويج للقضية الحسية وهو ممدوح بذاته بل انها ضرورة لنشر الثورة الحسينية ومبادئها .
كانت المواكب خصوصا في العراق الجديد تأخذ شرعيتها من بعض رجال الدين وتعتمد عليهم في توجيه عملهم وفق الضوابط الشرعية التي يجب ان تتحلى بها مؤسسة الموكب .. خصوصا وان المواكب تجمع في طياتها عدد من الافراد الذين يتعكزون على حب الحسين في موكبهم ويضعون جانبا كل نقاك الخلاف العرضية التي يمكن ان تكون سببا لتفرقهم في محافل اجتماعية اخرى .
لكن القضية وبعد سنوات قليلة اخذت بالتطور السلبي نوعا ما خصوصا وان المواكب تعدد اشكال ممارساتها من المسير واللطم والتطبير واستخدام الزناجير والمشي على الجمر وعقد مجالس التمثيل التي تحاول ان تصور واقعة كربلاء او اي واقعة اخرى للمعصومين , فقد فتحت هذه الممارسات الباب لاصحاب المواكب الاجتهاد من عنديات انفسهم واصبحوا يشرعون الى الشكل الذي يعبر عن مأساة المعصومين جاعلين الهدف الاسمى امامهم هو كيف يكون عمل الموكب بشكل متميز عن المواكب الاخرى وان يجذب الانظار نحوه.
وهذا يذكرنا بانقلاب الوعي لدى (الروزخونية)ارباب المنابر الذي تحول همهم الى التأثير بالسامع لاجل بكاءه وصراخه وعويله وله ىنماذج عديدة ذكرها المطهري في ملحمته.
فقد ابتعد المعزون عن المعنى الحقيقي للتعزية بسبب انشغالهم بالمظاهر التي تميز عملهم نسبة الى المواكب الاخرى حتى فقد العزاء جوهره الذي من اجله اسس.
ولعمري وحين متابعتي لعينات غير قليلة من اصحاب المواكب في السنين السابقة وكيفية تعاطيهم مع منطلق الحزن حتى اصبح الذي يلطم بالزنجير والذي يضرب القامة والرادود تختلف طريقته حسب الاماكن وحسب تواجد الناس ونوعهم فتراه في تجمع الناس يجهد نفسه ويلطم باقصى قوته وصاحب القامة تراه يقتل نفسه في بعض الاماكن لان الناس تنظر اليه بحماس .
اما قضية (التشابيه) فانها ذات ابعاد كبيرة فاخذ اصحاب المواكب يتفننون بعرض مأساة كربلاء من حيث عرض الرؤوس والسابايا وضربهم امام الناس بشكل مهين وغير مقبول متناسين انهم يشبهون اهل بيت العصمة والذين يجب ان نحفظ هيبتهم  وكرامتهم وان نعبر عن مأساتهم بطريقة لائقة ولا تقلل من قدرهم ان كان بنو امية ظلموهم باجسادهم فننا نظلمهم بتمثيلهم فلو نظر ناظر الى كيفية تشبيه المواكب لسبي العقيلة زينب تنظر اليه بطريقة مهينة فيقوم من يمثل ا لامية بضربها واطاحتها ارضا وهي تمثل دور الذليل المخذول وحاشى لها وهي القائلة (ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى) .
وانى لناصح لهذه الشعائر فانه سيتهم بانه معادي لشعائر الحسين وانه خرج عن طريقه وانه يمثل اليزيدين او البعثيين .. حتى اصبح قادة المواكب ولاة امر في مواكبهم فهم يشرعون طريقة خاصة بهم في تأدية الشعائر الحسينية ولا يرجعون الى احد في تصحيح تصرفاتهم ..
ورسالتي هنا الى الاخوة اصحاب المواكب ان يكون عملهم ضمن قاعدة وضابطة وان لا يجتهدوا من انفسهم في تعزية الحسين فالحسين يمثل اقدس القدسيات لدينا فلا نقلل من شأنه بعدد من التصرفات التي لا تمت للشريعة بصلة والحسين قتل من اجل تطبيق الشريعة فعليكم (انتم الحسينيون) ان تكونوا اشد تطبيقا للشريعة والحفاظ عليها ورسم الصورة الاجمل لها بقدر تضحية الحسين ع لها وبقدر تفانيكم بها ..
المواكب مشعلا يحمل رسالة الحسين فلا نضيع هذه الشعلة ونطفئها بممارسات لا مشروعة ..
المواكب مظهر من مظاهر الوفاء للحسين فلا تكون تجمعا لقتل الحسين ..
المواكب مؤسسات حضارية فلا ندس بها الطقوس الوثنية ..
من الحسين منطلقنا فليكن للحسين مرجعنا …