18 ديسمبر، 2024 7:17 م

ربما يصيبنا المرض أو الحزن أو الأذى لكن ذلك لا يمنعنا من العيش لكي نعود إلى الحياة مجدداً وهذا مايبعث الأمل في أنفسنا ويحقق رجاءنا في عودة الحياة إلى الوطن وإسترجاع الصورة العراقية الحقيقية التي طالما رُسمت في الأذهان “عراق الأصالة والكرم و الشجاعة والنخوة والطيبة” .. العراقي ربما يحزن ويقتله الحزن من أجل وطنه المُمزّق لكنه يتداوى ولايموت .

أتحدث هنا مابعد خليجي 25الحدث الكروي الرياضي العظيم الذي أثّر في مكانة العراق بين الدول وفي قلوب الناس التي لم تهفت في الوصول إلى ملعب البصرة وصارت تهتف ” بالروح بالدم نفديك ياعراق” وتصيح لماجد وأحلام ” هلا بيكم هلا ” ويشارك كاظم الساهر من حفل الرياض ” هلا باليلعب طوبة هلا برجال الطوبة ” ثم يرسل الشاعر كريم العراقي من غرفة العمليات في المستشفى كلماته ” الشمس شــــمسي والعراق عراقي ماغـــيّر الدخلاءُ من أخلاقي.. داس الطغاة على جميع سنابلي فتفجّر الأبداع من أعماقي .. أنا منذ فجر الأرض ألبس خوذتي ووصية الفقراء فوق نطاقي” ، نعم هذا العراقي .. هو حمزة القادم من الأنبار إلى البصرة ليشّجع المنتخب لكن زحمة الجماهير حالت دون إحتضانه فرحة الفوز وتوفي في موجهة التدافع بين زحمة الناس في جذع النخلة، ليعود به أهالي البصرة إلى الأنبار لكن ميتاً ، هذا العراقي أبو حسن الذي ذرف الدموع ليس من الفرحة بل لشدّة فقره الذي منعه من إستضافة الأشقّاء العرب فكان يبكي ويقول : ماعندي شي أقدمه الكم ، هذا العراقي “يقدم الكهوة والشاي والكيمر والكاهي والبرياني والدولمة ضيافة بدون ثمن” فرحاً وتقديراً لخطوات ضيوفه حتى أصبحت البصرة البيت الكبير الذي جمع العرب والعراقيين ، فذابت فيها الطبقية والعنصرية والطائفية ، حتى وقع في عشقها المحبين وباتت صعوبة فراقها كما يودع مفارق عزيزه على أمل لقاءه مجدداً .

لم تكن البطولة ملعباً أخضر وكرة أو كأس بل كانت حدثاً وحديثاً مليئاً برسائل المحبة والرومانسية والشجن والطيب والكرم ، فأصبحت مجداً تأريخياً فريداً على المستوى المجتمعي والرياضي والإقتصادي لتصُّب الفرح بين البيوت وتمسح المآسي من القلوب وتزرع الفخر بين النفوس وتبني معبداً للعشّاق .