18 ديسمبر، 2024 8:54 م

رسائل بنكهة الأنثى

رسائل بنكهة الأنثى

ح١
السامية اناهيد؛
لحظاتك سعادات ومسرة؛

كانت ايام عصية ومملوئة بالمتناقضات والشكوك تلك الايام التي قضيناها معاً، كنتِ تتحركين وفقاً لمدركاتكِ الظنية فتتخيلين أشياء لم تكُن موجودة عندي،ابتدعتي مخاوف وحسابات رقمية وشعورية جعلتك في حيطة وحذر واهم، وبدل ان تبدعي في صناعة الوفاق والانسجام ودعم تطلعاتنا، غرقتي في خيال واسع من مشكلات سُّوء الظن  والحسابات غير الدّقيقة والمخاوف المأهولة بعدم الارتياح، وسيتبين فيما بعد لكِ خطأ حساباتك الختامية، جربت ان اوضح لكِ ذلك مراراً بطرق غير مباشرة على اني ليس بتلك الصورة الّتي رسمها ذهنك ولا بالصيغة التي كونتها مشاعرك وغزلتها أوهامك،وان حائط الصد الذي صنعه عقلك بواسطة جهازك المناعي كان دفاعاً مسرف عبثي! مجرد جدران نارية لصد شَيْء لم يشكّل أدنى حالة من حالات القلق! لكن ما العمل؟ هكذا شائت مخيلتكِ ان  ترسم تلك الصورة عني، رغم اني كنت اعاني جداً من ذَلِك النفث الذي ينبعث من مزاجاتكِ المتضاربة معي، وكنت اخفيه كي لا احرجك بأن الَّذِي كنت تتخيله إنما هي صورة ليست انا، بل هِي الصورة البديلة عني التي اقتنعتي انتِ بها، انها ليست لي ولم تكن تنطبق على مقاسي مطلقاً، كنتِ تمرين بصراع شك وانا على علم به، حاولت أن اجد منافذ آمنة لتوضيح مناعتي عن دائرة اللاثقة التي وضعتيني فيها من خلال مواقف عدّة! ايضاً كانت دون جدوى او بالأحرى كانت مجدية وأنت كنت واعية لها، لكن عقلك الباطن كان عنيد يرفض الإنسجام معها او تقبلها، واني كنت ارى ذَلِك الصراع المحموم الذي كان في داخلك بين الانجذاب نحوي وتصديقي وبين الأوامر الصادرة من جهازك الدفاعي ضدي، بصراحة يا اناهيد  كنت اعاني بصمت داخل اعماقي وكنت أتألم بصخب يكاد يفجر رأسي من الألم، رغم لطفي وابتساماتي المتسعة معكِ، ولم أظهر لكِ شَيْء في احد الأيام،  قُلت إنها حذرة ، وما عساها ان تكون في عالم متوحش مثّل عالمنا يضج بالبطولات الفضائحية في كل حين وعلى اي ضفة من ضفاف أسواره، أعطيتك بعض من العذر طبقاً لحساسية الظروف وطبيعة الحالة، على أمل يَكُون هناك حدّ لتلك الحالة الجارحة والمعيقة لتطورنا وطبيعة انسجامنا، وما ان نصل الى مرحلة من مراحل التوافق في علاقتنا حتى تهجم جَمِيع اجهزتك المناعية علَى هذه الحالة وتشطرها الى أجزاء تبعثر كلّ السرور والانسجام الذي حصَّل بيننا، ليس عندي من وسيلة ان أقنع وسائلك المناعية انني ليس بفيروس مدمّر، هذا امر يصعب الولوج فيه فهو عائد لكِ انت فَقَط، حاولت ان أغير من قناعاتك أن المجال الذي نَحْن عَلَيْه ليس بهذه الهشاشة التي تتصورينها وانه مجال أمن يمكن لنا أن نستمر به بِلا حاجة الى اجهزة دفاعية او وسائل للصد فلست ممن يستهوي كشف الآبار!عند هَذَه المناورة التي احطتك بها كنت ألمح خزين ماكنت تخفيه من اهات وأوجاع،تحاول ان تندفع بشكلٍ هائج ثائر نَحْوِي لتطلقين احدى تلك الصرخات المسجونة في داخلك  من إنك متعبة تحملين أشياء كثيرة رائعة مسجونة بداخلك، معاناة اضطراريّة غير معلنة لأن اشيائك الرائعة ستبقى مخبوئة داخل السجن الذي فرضتيه والطوق الذي عاهدتي نفسكِ على ان لاتفكيه لأَحَد، ببساطة أنا كنت أعرف إنك تحملين طلاسم المنع ضدّ البشر، [لأكن صريح تحديدا  ضد الرجال]! أعلم ونحن نجلس سوية ان اجنداتك الباطنة كانت تقوّل؛ “أنتم البشر لاتستحقون تلك الثقة” او هَذَه الأمانة! خوفاً مما يمكن ان يحدث ، فالأيام علمتك خطّة الإختفاء والرحيل  دون مقدمات،  كنت اجيب تلك النستلوجيا الّتي تنتابك من خلال إرسال بَعْض الاشارات التخاطرية او اللفظية إنها ليست صحيحة وعليكِ ان تتخلي عنها مَعِي بأسرع وقت فخسارتي عند عدم الجدوى معكِ ستكلفك مزيد من الذئاب والذباب! الذين سيلحقون بطرف ردائك، وان اجهزتك الوقائيّة الّتي اطلقتيها وُجهت نَحْو هدف خاطئ وتركتي الأهداف ألأشد فتكاً بكِ! لا أنكر اني علَى اقل تقدير وصلت الى نتائج مُرضية معكِ أقلها اني روضت هجماتك  واندفاعاتك الشرسة ضدّ الأهداف الّتي تصفينها إنها شرسة! فطوقت نفسي ايضاً بمضادات دفاعية منعتكِ من خلالها من الفتك بي! وأعلم ان محاولة  فتكك بي لم تكن كرهاً ، بل إجراءات احترازية ضدّ الغرباء! والذي كنتِ تعتقدينه انني مِنْهُم!
اناهيد؛ ايتها المعجونة برائحة الجنّة والمطوقة بعطف السماء وترنيماتي المخلصة.  تخلي عن بعض أوهامك عندما تعاشرين شَخص يُشبه يدي الدافئة وكلماتي العميقة، وبراءتي، او يشبه الثنائيّة التي اشتركنا فيها معاً خلال رحلتنا، فأني سأرحل عنك، واترك لكِ رسالتي على الطاولة التي اتفقنا ان تجديني عندها في المقهى، ستكون الطاولة محجوزة لكِ ليتسنى لكِ قراءة هذه الرسالة بهدوء، اني اوصيت ( الكابتن) بذلك، وبدوره سيقول لكِ ذَلِك. فأني اكتفيت بكوب الشاي هذا عندما كنت اكتب لكِ هذه الرسالة، وستظل ورقتي على الطاولة تنتظرك كي تنظري فيها.

مستقبل زاخر…….

لكاتبها